طول التاريخ، برز العديد من المدربين الذين تميّزوا عن نظرائهم من خلال اتباع «فلسفات كروية» خاصة بهم. مدربون كثر اشتهروا بتشديدهم على عاملَي الإعداد النفسي وتحفيز اللاعبين، فيما خرج آخرون من الدائرة التقليدية فتميّزوا كأصحاب نهجٍ حديث، تبعاً لأساليب التدريب الجديدة التي ابتكروها في عالم كرة القدم. من أريغو ساكي إلى بيب غوارديولا، مروراً بأسطورة الكرة الشاملة الراحل يوهان كرويف، فقد شكّل هؤلاء المدربون علامة فارقة في عالم كرة القدم، بعد ابتكارهم طرقاً هجومية جعلت فرقهم يسيطرون لحقبة من الزمن. اليوم، بعيداً عن اختلاف الثقل التدريبي، يُظهر تياغو موتا فكراً كروياً جديداً، فهل ينجح في وضع نفسه في خانة المدربين الكبار؟خاض فريق جنوى الإيطالي، الأسبوع الماضي، أول مباراة رسمية له بإشراف مدربه الجديد تياغو موتا، علماً بأن الأخير مثّل ألوان الفريق كلاعب عام 2008. في هذا الصدد، قال موتا: «عام 2008، تغير وضعي بعد انتقالي إلى نادي جنوى، والآن أريد الإشراف على تدريب هذه المجموعة وتحقيق النجاح معها». لم يملك الدولي الإيطالي السابق موتا أيّ خبرة في مجال التدريب بين أندية النخبة، إذ اقتصرت مهامه السابقة في هذا المجال على تدريب فريق باريس سان جيرمان للفئة العمرية دون الـ19 عاماً. تجربةٌ رغم قصر مدتها، جذبت العديد من أندية النخبة الأولى اليه، على خلفية ما أظهره موتا من أفكارٍ «جريئة» في تلك الفترة. على الأراضي الفرنسية أعلن موتا رغبته في إحداث تغيير جذري في عالم كرة القدم، عبر اعتماده أسلوب لعب جديد قوامه الهجوم، بحيث تتحول تشكيلة (4-3-3) إلى (2-7-2) خلال مجريات اللعب، بمشاركة حارس المرمى في عملية الضغط. في حديثٍ مع صحيفة غازيتا ديللو سبورت الإيطالية، أوضح موتا أنّ: «فكرتي الأساسية هي الهجوم. اللعب بفريق منتشر يسيطر على مجريات المباراة عبر الضغط العالي على الخصم، بتحركاتٍ كثيرة، مع ومن دون الكرة». أضاف بعد ذلك: «أريد من اللاعب الذي يملك الكرة أن يجد دائماً ثلاثة إلى أربعة حلول أمامه، إضافةً إلى وجود لاعبين على الأقل بقربه للمساعدة، الصعوبة في كرة القدم تكمن في السيطرة على الوسط». وعند سؤاله عن خطة الـ (2-7-2) من قبل الصحافي أندريا دي كارو، أجاب موتا: «يعدّ الحارس من اللاعبين الـ7 الموجودين في الوسط. بالنسبة إلي، المهاجم هو أول مدافع. الهجمة تبدأ بقدمي الحارس، والمهاجمون أوائل اللاعبين المطالبين باستعادة الكرة من الخصم».
يعتمد موتا أسلوب لعب جديد بحيث تتحول تشكيلة 4-3-3 إلى 2-7-2 خلال مجريات اللعب


يظهر جلياً مدى تقدير موتا لمركز الوسط، نظراً إلى قضائه أغلب مسيرته الكروية كلاعب في هذا المركز، وهو الأمر الذي أكسبه قدرة عالية على قراءة الملعب. ظهر ذلك جلياً في مباراته الأولى برفقة جنوى، بعد أن عكست طريقة إدارته للمباراة نظرته الكروية المميزة. تقدم بريشيا في تلك المباراة عبر هدف من توقيع ساندرو تونالي من ركلة حرة في الدقيقة (34) من عمر المباراة، لينتهي الشوط الأول بهذا الهدف. بعدها، قام موتا بثلاثة تغييرات قلبت موازين المباراة لصالح جنوى، الذي خرج فائزاً بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد. كانت المفارقة أن الأهداف الثلاثة لجنوى سجلت جميعها عبر البدلاء. بدأ الأمر بتسجيل البديل الكولومبي كيفن أغوديلو هدف التعادل في الدقيقة (66)، تبعه هدف التقدم عبر البديل الثاني كريستيان كوامي، ليختتم البديل الثالث بانديف، (سبق أن لعب مع مدربه الحالي موتا في إنتر ميلانو) المباراة بهدف ثالث جاء في الدقيقة (79).
حدثٌ وُصف بالتاريخي، نظراً إلى حدوثه للمرة الأولى في تاريخ الدوري الإيطالي. فوزٌ هو الأول لجنوى خلال شهرين، والثاني خلال هذا الموسم، أخرج الفريق من قاع الجدول، بانتظار ما ستسفر عنه نتائج الفريق في المباريات المقبلة. ما زال باكراً الحكم على موتا، غير أن ما هو مؤكد، هو أنه يمتلك خصائص تدريبية مميزة قد تسهم في كتابة نهج تدريبي جديد في عالم الكرة.