بعد التعثر أمام مانشستر يونايتد، كثر الحديث عن دخول ليفربول في منعطف مظلم إذا ما تعرض لتعثر آخر أمام توتنهام في الجولة الماضية. رغم تلقيه هدفاً مبكراً في الدقيقة الأولى، عاد «الريدز» في النتيجة بفعل حسن تعامل كلوب مع مجريات اللقاء إضافةً إلى عزيمة اللاعبين، على رأسهم متوسط الميدان البرازيلي فابينيو، الذي يثبت يوماً بعد آخر مدى أهميته في منظومة الفريق.فور مجيئه إلى ليفربول، وعد المدرب الألماني يورغن كلوب جماهير النادي بحصد الألقاب بعد ثلاث سنوات. خلال هذه الفترة، تمكن المدرب الألماني من إعادة هيكلة الفريق ليصبح أقرب من أي وقتٍ مضى من تحقيق لقب الدوري الإنكليزي الممتاز. صفقاتٌ عديدة أبرمها كلوب، ساهمت في تصدّر الفريق للدوري برصيد 28 نقطة حتى الآن، جاءت من 9 انتصارات وتعادل في أول 10 مباريات.
في بادئ الأمر، اقتصر عمل كلوب على تعزيز الروح التنافسية للاعبين ودعم المنظومة بأسماءٍ بعيدة عن الضوء الإعلامي، فجاء كل من المصري محمد صلاح، السنغالي ساديو مانيه، الاسكتلندي أندي روبرتسون وغيرهم من اللاعبين الذين ساهموا في تحقيق نقلة نوعية في صفوف الفريق. تشكيلة «فعّالة» بأقل التكاليف المادية الممكنة، وصلت إلى العديد من النهائيات المحلية والأوروبية، كان أبرزها نهائي دوري الأبطال الذي خسره الفريق أمام ريال مدريد، حاله كحال باقي النهائيات. مع ظهور العديد من نقاط الضعف بين عناصر الفريق مقارنةً بالفرق المتوّجة بالألقاب، رضخ كلوب لمعادلات كرة القدم الجديدة، التي تجبر أي نادٍ يسعى لحصد البطولات على البذخ في أسواق الانتقالات. مبالغ خياليّة صرفها ليفربول في الموسم الماضي، جاء على إثرها كلّ من أليسون بيكر والمدافع الهولندي فيرجل فان دايك، تبعهما قدوم العديد من اللاعبين أبرزهم متوسطا الميدان نابي كيتا وفابينيو، ليحقق الفريق دوري أبطال أوروبا على حساب توتنهام، وليحتل المركز الثاني في الدوري بفارق نقطة عن البطل مانشستر سيتي. رغم قدوم فابينيو بمبلغ 45 مليون يورو، كان دخوله إلى التشكيلة الأساسية بطيئاً بعض الشيء، نظراً لثبات مستوى القائد جوردان هندرسون، واللاعبين جايمس ميلنر وجورجينيو فينالدوم. مع توالي المباريات، أخذ فابينيو يُثبت ثقله الكروي شيئاً فشيئاً، حتى أصبح حجراً أساساً في رقعة يورغن كلوب التكتيكية.
كانت مباراة ليفربول وتوتنهام الأفضل لفابينيو منذ مجيئه إلى الأنفيلد


يتميز فابينيو بالمرونة والكمال على المستويين الفني والتكتيكي، وذلك بفعل بداية مشواره الكروي كظهير أيمن، ما جعله يُتقن المهامّ الدفاعية والهجومية على حد سواء. في المباراة الأخيرة أمام توتنهام، كان فابينيو اللاعب الأهم في اللقاء. باستثناء الخطأ الذي ارتكبه في التغطية على سيسوكو، والذي جاء منه هدف توتنهام الوحيد في الدقيقة الأولى من توقيع هاري كاين، كانت هذه المباراة هي الأفضل لمتوسط الميدان البرازيلي منذ مجيئه إلى الأنفيلد.
في قمة الأحد، كان فابينيو أكثر من قام بتدخلات صحيحة بين اللاعبين المتواجدين على أرضية الملعب، كما أنه كان أكثر من قام بالتحامات صحيحة ساهمت في إرجاع الكرة للفريق. الأداء العالي على الصعيدين الدفاعي والهجومي تبرزه المقارنات بصورة أفضل، إذ قام المدافع الكرواتي ديان لوفرين فقط بتغطيات ناجحة أكثر من زميله البرازيلي، في حين كان الظهيران ترنت ألكساندر-أرنولد وأندي روبرتسون الوحيدان اللذان تفوقا على فابينيو في خلق الفرص وعدد التمريرات الصحيحة في الثلث الأخير من الملعب. الأداء العالي لفابينيو في قمة الأحد أظهر أنه غير قابل للمسّ في تشكيلة كلوب، نظراً لاختلاف أسلوب وخصائص لعبه عن أي لاعب آخر من متوسطي الميدان، فيما تبقى معضلة المنتخب البرازيلي هي أبرز ما تواجه فابينيو.
رغم الأداء اللافت لابن الـ26 عاماً، لا يزال فابينيو بعيداً عن التشكيلة الأساسية لمنتخب السيليساو. الأداء الثابت لكاسيميرو على مدار السنوات جعل منه خياراً أساسياً في خطط مدرب منتخب البرازيل تيتي، ما أوقع بفابينيو، الذي يشغل مركز لاعب ريال مدريد نفسه، ضحيةً لقناعات المدرب.
نظراً لشغله مركز الظهير في بداية مسيرته، قد يعتمد تيتي على فابينيو في مركز الظهير الأيمن، على خلفية تقدم داني ألفيس في العمر من دون وجود البديل المناسب له، غير أن السيناريو الأرجح يبقى مشاركة فابينيو من على دكّة البدلاء، بانتظار فرصة سانحة لإثبات جدارته بتمثيل السيليساو كأساسيّ.