بعد أن أعطاه المدرب الفرنسي لفريق ريال مدريد زين الدين زيدان الثقة الكاملة ليشارك بديلاً لمواطنه فينيسيوس جونيور، أكّد النجم البرازيلي الصغير رودريغو أن المسؤولية التي وُضعت على أكتافه ليست بالثقيلة كما كان يعتقد الكثيرون. في أولى لمساته للكرة، سجّل رودريغو هدفاً على الطريقة البرازيلية، علت معه صيحات الجماهير التي لم تعلم ربما حتى من هو رودريغو، وماذا يفعل في ريال مدريد.اليوم، ومع اقتراب فترة التوقف الدولي، استدعى مدرب منتخب البرازيل تيتي لاعب الريال رودريغو، ابن الـ18 عاماً، ليخوض المباراة إلى جانب لاعبين مخضرمين كداني ألفيس، أليسون بيكير، كاسيميرو، ويليان، كوتينيو وغيرهم من أعمدة المنتخب البرازيلي الحالي. لكن رغم الموهبة التي يتمتّع بها رودريغو، إلاّ أن الاستدعاء إلى المنتخب الوطني قد يبدو للبعض أمراً مبكراً عليه، وهذا يأتي في إطار التفضيل بين لاعبين ولاعبين آخرين وفي دوريات مختلفة. لا شك في أن ما تعيشه كرة القدم في عصرها الحالي، من انعدام النزاهة والتقدير في مناسبات توزيع الجوائز، في الاستدعاءات إلى المنتخبات، في تفضيل هذا المدرب عن غيره من المدربين، في الرشاوى والمحسوبيات التي ظهرت جلياً في المواسم الماضية، كل هذه الأمور، تلعب دوراً كبيراً في تحويل مسار منتخبات وعقول مدربين إلى جهة ربما هم أنفسهم لا يريدونها. لكن كل هذه الأسباب في كفة، ووسائل الإعلام الحالية في كفّة ثانية. تلعب «الميديا» دوراً كبيراً في الترويج والتسويق للاعبين ينشطون في دوريات كبيرة وفرق كبيرة، والحديث هنا عن ثنائي ريال مدريد الشاب فينيسيوس جونيور ورودريغو، اللاعبين اللذين تم استدعاؤهما على دفعتين لتشكيلة المنتخب البرازيلي، ربما، ولا يمكن الجزم في ذلك، بسبب حملهما لقميص النادي الملكي ريال مدريد، النادي الذي يتمتّع بشعبية كبيرة حول العالم وفي إسبانيا. لا يمكن إنكار أن الموهبة موجودة لدى الثنائي الشاب، لكن الموهبة وحدها لا تكفي لتكون من بين اللاعبين الذين يخوضون التجارب الكبرى في المنتخب الوطني.
وسائل الإعلام تستطيع إعلاء شأن لاعب وإسقاط آخر


دليل على ذلك، ما يقدّمه مهاجم فلامينغو البرازيلي غابرييل باربوزا حالياً، اللاعب الذي يتصدّر قائمة هدّافي الدوري البرازيلي إضافة إلى تصدّره لقائمة هدّافي بطولة «كوبا ليبرتادوريس» والتي توازي «دوري أبطال أوروبا» في أميركا اللاتينية برصيد 7 أهداف. باربوزا، الشاب الذي عمل جاهداً ليكون في تشكيلة المدرب تيتي، الذي قام باستدعائه سابقاً وأشركه في ثلاثين دقيقة فقط، ومن ثم تم تهميشه كغيره من اللاعبين على حساب كل من ويليان لاعب تشيلسي وغابرييل خيسوس لاعب السيتي. لاعبان آخران في الدوري الإنكليزي يعانيان من المعضلة نفسها، وهما كل من مهاجم توتنهام لوكاس مورا، وجناح نادي ويست هام فيليبي أندرسون. الثنائي الذي أبهر العالم الموسم الماضي في الـ«بريمرليغ» بالنسبة لأندرسون وفي دوري الأبطال بالنسبة لموار. رغم بلوغه نهائي دوري الأبطال، وتسجيله لهاتريك في إحدى أصعب المباريات التي خاضها نادي توتنهام أمام أياكس أمستردام، لم يلقَ مورا ثمرة جهوده، ولا يزال بعيداً عن المنتخب الوطني كغيره من اللاعبين.
وسائل الإعلام تستطيع إعلاء شأن لاعب وإسقاط آخر. تماماً كما حدث مع الشاب ذي الـ16 عاماً، لاعب برشلونة الإسباني الغيني آنسو فاتي. بين ليلة وضحاها، أصبح فاتي بين اللاعبين المرشحين لجائزة أفضل لاعب شاب في العالم لعام 2019، رغم بروزه خلال شهر واحد فقط. وهذا ما يؤكّد أن وسائل الإعلام تُعتبر مفصلاً مهماً في عالم كرة القدم الحالي. فمنذ تألقه مع «البلاوغرانا»، بدأ الاتحاد الإسباني العمل على تجنيس فاتي، ليصبح لاعباً إسبانياً، وأصبح الشغل الشاغل في الصحافة الكاتلونية والإسبانية. تجربة فاتي سبقتها تجربة الشاب المغربي الإسباني منير الحدادي، الذي أصبح حبيس جنسيته الإسبانية على حساب «مغربيته»، بسبب تألقه في مباراة واحدة مع برشلونة، تم استدعاؤه من قبل الاتحاد الإسباني ليشارك مع المنتخب ولو لعشر دقائق فقط، ما يعني عدم مشاركته مع منتخب «أسود الأطلس» طوال حياته الكروية.
استدعاء لاعب ريال مدريد رودريغو يؤكد مرّة أخرى أن اللاعب الذي يريد أن يبرز إلى العالم، يجب أن تكون علاقة فريقه أو علاقته الشخصية مع الإعلام جيدة، وهذا ما يحدث الآن في كرة القدم الأوروبية والعالمية.