خيبة أمل كبيرة تعيشها جماهير نادي مانشستر يونايتد الإنكليزي. الوعود التي تلقاها مدرب الفريق الجديد أولي غونار سولشاير، بمنحه ميزانية ضخمة لتدعيم الفريق، بقيت حبراً على ورق. صفقتان ضبابيتان أبرمتهما إدارة النادي هذا الصيف، تمثلتا باستقدام ظهير كريستال بالاس الإنكليزي آرون فان بيساكا، إضافة إلى الجناح الويلزي دانيل جايمس. أسماءٌ شابة من شأنها تقديم الإضافة الفنية اللازمة، أما التغييرات «الثقيلة»، فلا زالت تندرج في دائرة الشائعات رغم كثرتها، كما الحال في صفقتي برونو فيرنانديز وهاري ماغوير. حتى اللحظة، لم يتغير مانشستر يونايتد، بانتظار ما ستُظهره الأيام المقبلة.منذ اعتزال المدرب التاريخي لليونايتد السير أليكس فيرغسون عام 2013، بدأ مسلسل الخيبات في نادي الشمال البريطاني. الفريق الذي اعتاد على معانقة الذهب، بات يحلم أخيراً بمقعد مؤهل لدوري أبطال أوروبا. سنواتٌ عجاف يعيشها أحد كبار إنكلترا. تغييرات كثيرة في الكوادر التدريبية وصفقاتٌ غير ناجحة، أنزلت من أسهم «الشياطين الحمر» بين أندية الطليعة، أما النتيجة فكانت صادمة: ستة مواسم دون تتويج مانشستر يونايتد بلقب الدوري الإنكليزي.
مع رحيل السير، اتخذت إدارة مانشستر يونايتد العديد من القرارات السيئة. بدأ الأمر بتعيين الاسكتلندي ديفيد مويس مدرباً للفريق، وهو أحد أكثر القرارات غرابة في تاريخ النادي. سلسلة إخفاقات أثبتت عجز مويس عن حمل إرث فيرغسون، ما أدى إلى إقالته في نهاية المطاف. تواتر بعدها كلّ من لويس فان خال وجوزيه مورينيو على رأس الإدارة الفنية للفريق، غير أن الأوضاع لم تتغير، بل إنها ذهبت نحو منعطف أسوأ، إذ تثبت الأرقام علو كعب مويس مقارنة بباقي خلفاء السير.
شكّلت النقلة النوعية في سياسة تعاقدات النادي الصفعة الأولى لمانشستر يونايتد


شكّلت النقلة النوعية في سياسة تعاقدات النادي، والتي تمّت بسرعة هائلة دون اعتماد مبدأ التدرج، الصفعة الأولى لمانشستر يونايتد. الوافدون الجدد لا يلعبون لقميص النادي، بل لراتب آخر الأسبوع، وهو الأمر الذي لم يكن سابقاً. في نهاية عهد السير، وقّع النادي مع مهاجم نادي آرسنال روبن فان بيرسي مقابل 28 مليون يورو. حينها، كان لأهداف المهاجم الهولندي الـ26 أثر واضح في حسم اللقب الـ20 والأخير للنادي. الصفقة كانت مؤثرة في الفريق، وهو ما يفتقد اليوم، حيث تبرم الصفقات بطريقة وكأنها عشوائية، على اعتبار أنها لا تعود بالفائدة على النادي. سياسة مانشستر في السنوات الأخيرة، ساهمت برفع أسعار اللاعبين، فتم استقدام اللاعب الفرنسي الشاب أنطوني مارسيال مقابل 54 مليون يورو. الإخفاقات استمرت، وأخطاء الإدارة أيضاً، بعد التعاقد بأسعار عالية جداً، اللاعبون لم يقدموا الأداء المطلوب.
عام 2016، اشترى النادي اللاعب الفرنسي بول بوغبا مقابل 100 مليون يورو تقريباً، كأغلى صفقة في العالم حينها. رغم القدرات العالية للاعب الفرنسي، كانت الصفقة بمثابة «الصفعة الذاتية»، نظراً لتخلي النادي عن اللاعب عام 2012 إلى يوفنتوس مقابل مبلغ زهيد نسبياً. الاستغناء عن بوغبا حينها، جاء بقرار من السير أليكس فيرغسون، بسبب ما وصفه الأخير بمزاجية اللاعب وتقلباته. بوغبا فشل حتى الآن بإثبات أنه كان يستحق المبلغ الذي دفع فيه. أسماءٌ أخرى كروميلو لوكاكو، أنخيل دي ماريا، مروان فيلايني، شنايدرلين، كُتب لها الفشل أيضاً في كتيبة الشياطين، نظراً لتعاقب مدربين لديهم فلسفات كروية مختلفة في مدة زمنية قصيرة. في بعض الأحيان، أبرمت الإدارة صفقات جيدة من الناحية المالية، غير أنها فشلت في تحقيق التوازن بين اللاعبين، فوقع الخلاف داخل غرف ملابس الفريق. ظهر ذلك جلياً عند استقدام اللاعب التشيلي أليكسس سانشيز من آرسنال. جاء اللاعب وهو في قمة عطائه بعد صفقة تبادلية مع اللاعب هنريك مخيتاريان، كان للأجر الذي تقاضاه سانشيز الكثير من السلبية على الفريق. تغيرت البيئة التي اعتادها أليكسس في آرسنال، وهو ما أدى إلى تراجع مستواه وبقائه فترات طويلة على مقاعد البدلاء. يتقاضى اللاعب 400 ألف يورو أسبوعياً، وهو لا يقدم الشيء الكثير فنياً، فتمرد العديد من اللاعبين مطالبين بزيادة أجورهم، على رأسهم بول بوغبا، ديفيد ديخيا وأندير هيريرا، اللاعب الذي انتقل هذا الصيف إلى باريس سان جيرمان بعد عدم تنفيذ طلباته.
موسمٌ ساخن ينتظر سولشاير، في المحطة الأبرز في مشواره التدريبي. مهام كبيرة وضعت على كاهل المدرب النرويجي رغم عدم إمداده باللاعبين المناسبين حتى الآن. الحذر في الاختيار، والدراسة الجيدة لأي صفقة قبل استقدامها يعطي مؤشراً لاستيقاظ الإدارة، التي يبدو أنها لا زالت في وضعية ضبط الميزانية بعد الخسائر التي تكبّدها الفريق في حقبة ما بعد السير أليكس فيرغسون. رغم ضرورة اعتماد سياسة التقشف لعدم مخالفة قواعد اللعب المالي النظيف، على الإدارة التوجه إلى إبرام صفقات من العيار الثقيل إذا ما أرادت العودة إلى سباق اللقب، وذلك عبر بيع اللاعبين غير المؤثرين، وأصحاب القيمة السوقية المرتفعة، واستبدالهم بلاعبين من خيارات المدرب الجديد.
مع استقرار مانشستر سيتي وليفربول وإبرامهما بعض الصفقات للمحافظة على نسقهما العالي، تبدو حظوظ مانشستر يونايتد في المنافسة على لقب الدوري الإنكليزي معدومة حتى الآن، غير أن البداية الجيدة التي حققها سولشاير في الموسم الماضي، وتعرّفه أكثر على الفريق واللاعبين والأجواء، قد تعيد شيئاً من مانشستر يونايتد التاريخي. الأسابيع المقبلة ستظهر كل شيء.