عند افتتاح سوق الانتقالات الصيفي، حددت إدارة نادي آرسنال الإنكليزي ميزانية الـ«ميركاتو» بـ45 مليون جنيه إسترليني. مبلغ متواضع جداً، مقارنة بالفرق الإنكليزية الأخرى. وفي ظل ارتفاع أسعار اللاعبين، لن يساعد هذا المبلغ الفريق كثيراً، وبالتالي إن الأداء السيّئ والنتائج الكارثية لن يشهدا تحسناً مطلع الموسم المقبل. 45 مليوناً مبلغ لا يساعد على التعاقد مع لاعب عادي حالياً، وإدارة كريستال بالاس تطلب 80 مليون جنيه مقابل الاستغناء عن ويلفريد زاها، وبالتالي فإن الأمور معقدة تماماً.ما هو مستغرب، أنّ المدرب الإسباني أوناي إيمري، لم يتكلّم في هذا الأمر، وكأن إدارة النادي والمدير الفني متفقان على سياسة جديدة، أو أن إيمري، هو الحلقة الأضعف، وما يدل على هذا الأمر، قلة تصريحاته عن الأمور الإدارية، مقارنة بغيره من المدربين الكبار، كجوزيه مورينيو، كارلو أنشيلوتي، أنطونيو كونتي، وبمعنى أخر، المدربين الذي يواجهون إدارات فرقهم. كذلك من المتوقع أن يكون هدف إدارة النادي «الجديد - القديم» الاعتماد على العناصر الشباب.
وبعد أن أنهى الفريق الموسم الماضي في المركز الخامس بترتيب الدوري، وعدم تمكنه من التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، كما خسارته نهائي الدوري الأوروبي أمام تشيلسي، لم يعد آرسنال قادراً على استقطاب النجوم، الذين يفضلون الذهاب إلى أندية تشارك في دوري الأبطال، أو تنافس على الألقاب في الدوريات الكبرى.
يتصدر آستون فيلا ترتيب فرق الدوري من حيث الإنفاق خلال فترة الانتقالات الحالية


وبالحديث عن الانتقالات، لا يمكن تبرير رصد مبلغ 45 مليون جنيه إسترليني، إلا بأن الفريق سيتبع سياسة جديدة، وليس «الإفلاس» كما يظن البعض. منذ أن ترأس رجل الأعمال الأميركي ستان كرونك النادي، وتحديداً في أيار 2008، بدأ الانهيار، فرحل العديد من اللاعبين، وعلى رأسهم «أيقونة» النادي تييري هنري وغيره الكثير. رجل الأعمال الأميركي لا يهتم كما يجب بفريق شمال العاصمة الإنكليزية، وكل تركيزه منصب على استثماراته في الولايات المتحدة الأميركية. هذا الأمر أدخل الفريق في «دوامة» التقشف. 11 سنة شهدت الكثير من التخبط، وكانت الكارثة عند رحيل المدرب التاريخي للفريق الفرنسي آرسن فينغر. الأخير كان عنصراً استثنائياً في آرسنال، تحمّل مسؤولية مواجهة وسائل الإعلام من جهة، والجماهير من جهة أخرى. عبارات «spend spend spend» التي كانت تغص بها مدرجات ملعب الإمارات، لم يكن فينغر المسؤول المباشر عنها، بل كان الفرنسي بمثابة «الشماعة» التي علّق عليها المالك كرونك قلة مسؤوليته تجاه الفريق.
الأندية الأخرى في الـ«بريميير ليغ» أنفقت أموالاً كثيرة حتى الآن، بينها أندية متواضعة، كآستون فيلا، الذي يتصدر ترتيب فرق الدوري الإنكليزي من حيث الإنفاق خلال فترة الانتقالات الحالية (112 مليون باوند). نادٍ صاعد إلى دوري الأضواء يصرف أموالاً أكثر من آرسنال، وهذا إن دل على شيء، فهو أن النادي اللندني لن يكون قادراً على المنافسة، وبالتالي إن مسلسل الانهيارات سيبقى مستمراً، وعلى الجماهير ألّا تأمل كثيراً. كرونك، لا شك، يتحمل المسؤولية عن الحالة الكارثية التي وصل إليها آرسنال، والحديث عن الاعتماد على الشباب، لا يعدو كونه قنبلة يرميها المالك بوجه الإعلام والجمهور.
ما يمكن استنتاجه من كل ما حدث للنادي في العقد الماضي، أن آرسنال تغير تحت إدارة كرونك، وهذا ما قد ينتج الكثير من المشاكل الإدارية والمالية في المستقبل. لاعبون شباب كالبرازيلي غابرييل مارتينيلي (18 عاماً)، اللاعب الإنكليزي الذي كان معاراً إلى نادي هوفنهايم الإنكليزي، رييس نيلسون وغيرهم الكثير، لن يستمروا مع النادي، فهم سيذهبون إلى أندية تنافس على الألقاب كمانشستر سيتي وليفربول، ويأتي بعدهم شبان آخرون، فيما تبقى الجماهير تنتظر اللقب البعيد جداً هذه المرة.