هو المسؤول الأول والمباشر عن تراجع نتائج أي فريق أو منتخب ما. هو الذي يتأذّى شخصياً من تكرار النتائج السلبية، بل إن الأمر قد يتّجه إلى خسارته لوظيفته. هو قبطان السفينة التي لا يمكنها أن تبحر من دونه أبداً. أفكاره وتكتيكاته يعكسها اللاعبون على أرضية الميدان. الفريق سيّئ، هو السبب، الفريق يقدّم نتائج إيجابية وسلسلة انتصارات متتالية، أيضاً هو السبب. الحديث كله هنا عن المدير الفنّي للفريق، أو كما يُعرف بالمدرب.رؤوس كبيرة ومدربون عباقرة، كتبوا التاريخ مع الفرق التي درّبوها. بعضهم أثبت نفسه وابتسم له الحظ فأصبح قديساً، والبعض الآخر خسر رهانه وخرج من الباب الضيق. المدرب هو رأس الهرم، الشخص الذي ينظّم الأمور ويحسنها، أو الذي يؤدي إلى خسارة كل شيء، ببساطة، العمود الفقري للفريق، يتمثّل بمدربه. وعلى ذكر المدربين، ومع قرب نهاية موسم 2018-2019، لا بأس من إدراج بعض التكهنات حول مستقبل هؤلاء المدربين الحاليين في الأندية الأوروبية الكبيرة.

أرنستو فالفيردي
مع تحقيقه للانتصار أمام ليفانتي، يكون المدرب الإسباني إرنستو فالفيردي، وهو مدرب برشلونة، قد تمكّن من الفوز بلقب الدوري الإسباني للمرة الثانية توالياً. وها هو فالفيردي أيضاً، قد بلغ نهائي كأس ملك إسبانيا، الذي سيجمعه مع «الخفافيش» فالنسيا ومدربهم المحنّك مارسيلينو. أمّا بالنسبة إلى دوري الأبطال، فموقعة ليفربول كانت الأهم، وقد تمكّن فالفيردي مستفيداً من خدمات نجم فريقه الأول ليونيل مسي من تحقيق فوزه الأول ذهاباً بنتيجة (3-0). يقترب مع هذا الانتصار لقب الأبطال أكثر من أي وقت مضى. إذاً، مع ذكر كل هذه الإنجازات التي حققها النادي الكاتالوني حتى هذه اللحظة من الموسم، لا يمكن القول سوى إن فالفيردي مدرب ناجح، صاحب تكتيك غريب لا يفهمه إلا فالفيردي نفسه، وقد أوصل الفريق إلى مراحل متقدّمة جداً في سباق تحقيق «الثلاثية التاريخية». لكن يبقى السؤال: لماذا أعلن المدرب رحيله عن النادي مع نهاية الموسم الحالي؟ هل أصبح تدريب برشلونة أمراً مرهقاً للمدربين؟ فقد سبقه إلى هذه الخطوة كل من غوارديولا، لويس انريكي، وهما اللذان أعلنا رحيلهما بنفسيهما، أي إن الإدارة لم تعلن إقالتهما، فيبقى قرارهما شخصياً وخاصاً ولا أحد يعلم سببه. رغم هيمنة برشلونة على لقب الدوري في السنوات الـ11 الماضية (حقق النادي الكاتالوني لقبه الثامن في آخر 11 سنة)، إلّا أن موسم «البلاوغرانا» سيتّصف بالسيئ، إذا ما عجز الفريق عن تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا، وهذا ما حدث في المواسم الثلاثة الماضية (خرج ميسي ورفاقه من الدور ربع النهائي في آخر ثلاث نسخ من الأبطال). مصير فالفيردي أصبح بين يديه، وقد اتخذ قراره فعلاً. مع ضبابية الأسباب، يبقى فالفيردي المدرب الوحيد الذي غيّر من ثقافة هذا النادي، وهو ليس بالأمر السهل أبداً.
من المتوقع أن يبقى لوسيان فافر ونيكو كوفاتش مع دورتموند والبايرن


سولشاير وساري
على الجانب الآخر، وتحديداً في الـ«بريميير ليغ»، يبقى مصير كل من المدربين الإيطالي والنرويجي، ماوريتسيو ساري وأولي غونر سولشاير مجهولاً تماماً. ربّما الأمر أسهل بالنسبة إلى مدرب «الشياطين الحمر»، الذي في حال تمكّنه من احتلال المركز الرابع في سلم ترتيب الدوري الإنكليزي، من الممكن أن تثق الإدارة به، لكن النتائج الأخيرة تقول عكس ذلك تماماً، إذ خسر المدرب النرويجي آخر ثلاث مباريات له في الدوري. بالنسبة إلى ساري، الأمر سيكون صعباً جداً عليه في حال استمراره مدرباً لـ«البلوز». تشيلسي مُنع من التعاقد مع أي لاعب خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، ما يعني أن الأسماء التي بين يدي «المدخّن» الإيطالي ستبقى عينها في الموسم المقبل، يضاف إلى ذلك احتمالية خروج أفضل لاعب في الفريق البلجيكي إيدن هازار من النادي الموسم المقبل، الذي من المرجّح أن تكون وجهته الثانية مدريد وتحت إدارة الفرنسي زين الدين زيدان. كلّها عوامل ستصعّب الأمور كثيراً على ساري، المدرب الذي بدأ الموسم بطريقة استثنائية، بتسجيله رقماً قياسياً يتمثّل بعدم خسارته في أول 11 جولة من الدوري (لم يسبق لأي مدرب في موسمه الأول أن حقق هذا الرقم)، ها هو اليوم يصارع على المركز الرابع بطريقة «شرسة»، الأسلوب الوحيد الباقي في ظل وجود منافسة بينه وبين كلٍّ من المدرب الأرجنتيني ماورتيسيو بوكيتينو مدرب توتنهام، وسولشاير وفريقه اليونايتد. الاثنان معاً، والحديث هنا عن ساري وسولشاير، ذاهبان إلى المجهول، فلا أداء جيداً يقدّم، ولا نتائج إيجابية تعكس مستقبل هذا المدرب أو ذاك. ساري يحتاج لبعض الوقت ليبني فريقه، إلّا أن العقوبة ورحيل هازار سيقفان في وجه هذه الإجراءات. أمّا بالنسبة إلى سولشاير، فالأمر أكثر تعقيداً، ففي حال عدم تمكّنه من احتلال المركز الرابع مع نهاية الموسم، فمستقبله يبقى مجهولاً وسيميل حتماً إلى الجانب السلبي، الذي يعني ببساطة، الإقالة.

فافر وكوفاتش
بعيداً عن الكرة الإنكليزية والإسبانية، يبدو أن الأمور تسير بالشكل الصحيح بالنسبة إلى مدربَي عملاقَي ألمانيا، كل من دورتموند وبايرن ميونيخ. بعد أن انتشل فريقاً كان يعيش أسوأ فتراته في السنوات الأخيرة، ها هو المدرب السويسري لوسيان فافر، يصارع على لقب الـ«بوندسليغا»، والمنافسة ستبقى حتى الجولة الأخيرة مع الغريم التقليدي بايرن ميونيخ. فافر، أنشأ «توليفة» مميزة تعتمد على الشباب وعلى خبرة بعض اللاعبين، وعلى رأسهم قائد الفريق ماركو رويس. من بين الأمور الجميلة التي أضافها لوسيان فافر إلى دورتموند هذا الموسم، «الشخصية» التي افتقدها الفريق في المواسم الماضية، حيث استطاع دورتموند التغلب على البايرن ذهاباً، إلّا أن صحوة النادي البافاري في الإياب كانت قاسية على أبناء نهر «الرور»، إذ انتهت المباراة بنتيجة عريضة وصلت إلى خمسة أهداف دون رد. بالنسبة إلى الكرواتي نيكو كوفاتش مدرب البايرن، فقد بدأ الموسم بصورة سيئة، لكن سرعان ما تأقلم مع طريقة لعب الفريق، وانسجم مع المجموعة التي يشرف عليها، وها هو اليوم متصدر للدوري الألماني، وضرب موعداً مع فريق لايبزغ في نهائي كأس ألمانيا. على الورق، يبدو أن مصير المدربين كوفاتش وفافر يميل إلى بقائهما مع دورتموند ومع البايرن، لكن لا يمكن أحداً أن يتوقّع ما تفكر فيه إدارة النادي البافاري، التي لم يعجبها ربما الخروج من دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا في معقلها «أليانز آرينا»، لذا كل شيء يمكن حدوثه بالنسبة إلى مستقبل الكرواتي.