لا جديد يذكر ولا قديم يعاد. انتكاسة أوروبيّة أخرى لنادي يوفنتوس الإيطالي تضعه من جديد تحت المهجر وسهام النقد، لتتكرر خيبات السنوات الماضية. مع مجيء النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو من ريال مدريد، قيل إن نادي مدينة تورينو وجد أخيراً قطعة الـ« بازل» التي كانت تنقصه في سبيل تحقيق اللقب الأوروبي الأغلى، مع ذلك، مني فريق السيدة العجوز بخسارةٍ موجعة أمام أتليتيكو بهدفين نظيفين، قلّصت حظوظه في التأهل. اليوم تُلعب مباراة الإياب، وهي الامتحان الأهم هذا الموسم ربما.على عكس أرقامه المميّزة محلياً، لم يقدّم كريستيانو رونالدو الكثير على الصعيد الأوروبي، إذ اقتصرت أرقامه على هدفٍ واحد في ست مباريات، جاء أمام مانشستر يونايتد في دور المجموعات من دوري أبطال أوروبا، مع بطاقةٍ حمراء أمام فالينسيا في الدور الأوّل أيضاً، ليضع العديد من علامات الاستفهام حول أدائه الأوروبي. في السنوات القليلة الماضية، وصل يوفنتوس إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين. كان ذلك تحت قيادة مدربه الحالي ماسيميليانو أليغري، في فريقٍ يعتمد على الدفاع الصلب. رأت الإدارة في خبرة رونالدو وشخصيته القيادية، طريقاً لحل لغز دوري الأبطال، لكنّ الخطة باءت بالفشل (على الأقل حتى الآن). قد لا يكون الخروج من دور الـ16 مقياساً لفشل صفقة رونالدو كونه إذا خرج سيكون أمام أتليتيكو مدريد، لكنه في النهاية، يبقى خروجاً من الأدوار الأولى. مع رونالدو فقد يوفنتوس النجاعة الهجومية. التركيز على تسجيل رونالدو وتوظيف ماريو ماندزوكيتش لفتح المساحات من أجل اللاعب البرتغالي، غيّر من شكل هجوم يوفنتوس إلى الأسوأ. لاعبون، كباولو ديبالا وبيرنارديسكي، باتوا كبش فداءٍ للاعب البرتغالي. تُبرز الأرقام نجاح رونالدو في اليوفي، لكن على صعيد المنظومة، يظهر أن مجيء الدون ضر الفريق أكثر مما ساعده. كما تضررت المنظومة من رونالدو، تضرر رونالدو من أليغري أيضاً. اعتاد كريستيانو على اللعب الهجومي في الريال، وإمداده بالكثير من الفرص المتاحة للتسجيل. أمرٌ لم يجده في يوفنتوس الذي ينتهج أسلوب الدفاع المفرط. أليغري ويوفنتوس تعوّدا على الأسلوب الدفاعي، وليس من السهل التحول إلى الهجوم، بين ليلة وضحاها.
الشكل الباهت الذي يظهر عليه هجوم اليوفي أوروبيّاً يتحمّل مسؤوليته ماسيميليانو أليغري


الشكل الباهت الذي يظهر عليه هجوم اليوفي لا يتحمل مسؤوليته رونالدو، المسؤول الأول هو مدرب الفريق ماسيميليانو أليغري. لا تخفى على أحد هفوات المدرب الإيطالي في الاستحقاقات الأوروبية الكبرى. رغم وصوله إلى نهائيين في وقت سابق، لم يتمكن أليغري من رفع الكأس بأي منهما، بل إنه خسر بنتيجتين فاضحتين أمام كلٍّ من برشلونة وريال مدريد. الفشل الأوروبي استمرّ هذا الموسم رغم استقطاب كريستيانو رونالدو، إذ ظهر جلياً ضعف أليغري التكتيكي في مباراة الذهاب أمام أتليتيكو. التكتّل الدفاعي غير المبرر والتباطؤ في بناء الهجمات سمح لمدربٍ دفاعي كدييغو سيميوني بالهجوم أغلب فترات اللقاء، ليفوز في نهاية المطاف بنتيجة (2-0).
أمام هذا الوقع، وعد رونالدو جماهير اليوفي بالعودة في النتيجة أمام أتليتيكو، واصفاً موسمه الأول في إيطاليا بالجيد، نظراً إلى ابتعاد يوفنتوس بفارق مريح عن أقرب ملاحقيه نابولي في الدوري الإيطالي. الدوري الإيطالي في السنوات الأخيرة بات سهلاً لنادي يوفنتوس، يحرزه لعدم وجود منافس جدي. ربما خلال الموسم المقبل، قد يتصف موسم يوفنتوس بالناجح إذا تمكن من الحفاظ على لقبه نظراً لصحوة إي سي ميلان أخيراً وبعض الفرق الأخرى، غير أن المقياس الوحيد لنجاح أليغري هذا الموسم، هو تحقيق دوري أبطال أوروبا. الخروج المبكر سيعكس فشل المدرب نظراً للتنوع والكمال في كافة صفوف الفريق.
بعد خسارة الذهاب، كثر الحديث عن نهاية حقبة أليغري مع السيدة العجوز، في ظل حديث عن اقتراب مجيء الفيلسوف الإسباني بيب غوارديولا على رأس الإدارة الفنية للنادي الإيطالي بدءاً من الموسم المقبل. تحدٍّ كبير ينتظر المدرب الإسباني إذا ما جاء إلى إيطاليا نظراً لكون يوفنتوس تحدياً من نوع خاص. في برشلونة ومانشستر سيتي، وجد بيب بيئتين تخدمان أفكاره. في ألمانيا، كان الأمر أصعب رغم وجود نواة قابلة للتطور، وهو ما حدث فعلاً بدءاً من موسمه الثاني. في يوفنتوس الأمر مختلف. تتعارض عقلية الفريق بشكلٍ كبير مع أسلوب المدرب. رغم امتلاك يوفنتوس العديد من اللاعبين الذين يناسبون طريقة التيكي تاكا، على غرار باولو ديبالا، ميراليم بيانيتش، بيرنارديسكي وغيرهم، سيواجه بيب تحدياً جدّياً يكمن بالتوازي بين جمالية اللعب وتحقيق الألقاب على حدٍّ سواء، خاصةً لقب دوري أبطال أوروبا الذي بات عصياً على المدرب الإسباني منذ تركه برشلونة. رغم كثرة المصادر، نفى غوارديولا صحة ذلك. نفيٌ قد يكون احتراماً لمانشستر سيتي لا أكثر، النادي الذي يبدو الأقرب هذه السنة إلى معانقة دوري الأبطال، ما سيجعل بيب يذهب إلى إيطاليا بغية تحدٍّ جديد، كما فعل في أنديته السابقة كافة.
ستُلعب مباراة الإياب على ملعب آليانز الخاص بيوفنتوس، (الساعة 22:00 بتوقيت بيروت). صلابة دفاع أتليتيكو ستعقّد المهمة على رفاق رونالدو، الذي سيبذل جهداً مضاعفاً لمساعدة فريقه للتأهل. ورقة التأهل لم تحسم بعد.