يبقى العنوان الأكبر حينما يتعلّق الأمر بالنادي الكاتلوني برشلونة، هو من سيكون الصفقة المقبلة التي ستتعاقد معها إدارة النادي؟ سؤال، بات يُسأل مع بداية كل موسم، وحتّى خلال فترة الانتقالات الشتويّة التي تأتي في منتصف الموسم. يكثر الحديث اليوم عن صفقتين من المتوقّع أن تبرمهما الإدارة الكاتلونية، وهما مع الموهبتين الهولنديتين، لاعبي أياكس أمستردام الهولندي ماتياس دي ليخت إضافة إلى فرنكي دي يونغ. إذا ما أردنا الحديث عن هذين اللاعبين، فلا جدال حول قيمتهما في السّوق حالياً، ولا حتّى على مستوى هذين اللاعبين الفني. فكلاهما لم يتجاوز الحادية والعشرين من عمره، ومن المتوقّع أن يرتدي على الأقل لاعب منهما ألوان الفريق الكاتلوني. لكن، ماذا حلّ بمدرسة الـ«بلاوغرانا»؟ أين هم أبناء الـ«لا ماسيا»؟ ألم تعد تنتج وتخرج للعالم لاعبين بقيمة عالية وموهبة كبيرة؟ كلّها أسئلة لم يجب عليها النادي ولا مدرسته في السنوات الأخيرة. آخر العنقود كان سيرجيو روبيرتو، ولو أن مقارنة روبيرتو مع غيره من خرّيجي هذه المدرسة يعد تقليلاً لها. إلّا أن روبيرتو يبقى لاعباً أساسياً في كثير من المواقف والمباريات ويبقى خرّيج «لا ماسيا». الأخيرة، لطالما قدّمت لعشاق كرة القدم عامةً ومشجعي برشلونة خصوصاً نجوماً استثنائيين، على غرار كل من ليونيل ميسي، تشافي هيرنانديز، أندريس انييستا، كارليس بويول، جيرار بيكيه، سيسك فابريغس، سيرجيو بوسكيتس وجوردي ألبا وغيرهم الكثير من نجوم تركت بصمتها في تاريخ هذا النادي. اليوم، لم تعد الجماهير ترى هؤلاء اللاعبين، رحل من رحل، وبقي من بقي، ما الجديد؟
كان اسم كارلس آلينيا موجوداً في القائمة الأوّليّة لجائزة أفضل لاعب شاب في العالم

بعد فترة طويلة من «التقشّف» والـ«جفاف» التي عانت منه المدرسة الكاتلونية، أو اذا صحّ التعبير، النادي ككل، خرجت إلى العالم موهبتان إسبانيتان من قلب المدرسة الكاتالونيّة. الأولى، معروفة بآلينيا، أو كارلس آلينيا. أحد أفضل اللاعبين في فريق برشلونة (B)، والذي كان قائداً للمجموعة التي لعب معها لفترة طويلة، هو المحرّك الأول لخط الوسط، يفضّل اللعب بقدمه اليسرى. هو ابن منطقة ماتارو في إقليم كاتالونيا في برشلونة. يعتبر من أبناء الإقليم والنادي، حيث تدرّج في كل الفئات العمرية لبرشلونة. في السابعة من عمره، كان ضمن المدرسة الكاتالونية «لا ماسيا»، ومنذ ذلك الوقت حتّى الآن، تطوّر أداؤه كثيراً حتّى أصبح اليوم وفي عمر الـ21، من أفضل المواهب في العالم (كان آلينيا موجوداً في القائمة الأوّليّة لجائزة أفضل لاعب شاب في العالم). وقّع آلينيا أول عقد رسمي له مع النادي، وأصبح وبشكل رسمي، لاعباً ضمن صفوف الفريق الأوّل لبرشلونة. في مباراة الفريق ما قبل الأخيرة في بطولة الدوري، شارك الشاب الإسباني فيها من على دكّة البدلاء، وسجّل هدفه الشخصي الأوّل مع فريقه برشلونة بعد أن استغل تمريرة من النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي. الأخير، ظهر في المباراة أمام فياريال متفاهماً مع آلينيا، وهذا هو الشيء الأهم بالنسبة لآلينيا ولبرشلونة في المقام الأوّل. أن تلعب «الكرة السّهلة والبسيطة» مع ميسي، هذا يعني بأنك من طينة اللاعبين الكبار. لا وجود للمبالغة في هذه الوقائع، ففي برشلونة يسري قانون واحد، على اللاعبين أن يكونوا متفاهمين مع «ليو»، أو يحتّم على مصيرهم بأن ينحصر بأمرين، إمّا الجلوس احتياطياً، أو الخروج من النادي (وهذا ما حدث مع كثير من اللاعبين، لعلّ أبرزهم، نيمار لاعب باريس سان جرمان).
قصّة آلينيا، لا تختلف كثيراً عن قصّة ركوي بويغ، اللاعب الإسباني الصغير، الذي لقّبه الكثيرون بـ«إنييستا الجديد». هو أحد «جواهر» المدرسة الكاتلونية، وأحد أهم وأبرز المواهب التي من الممكن أن يكون لها شأن كبير في المستقبل. يكفي لمتابعين وعشاق كرة القدم، مشاهدة التمريرة الحاسمة أو الـ«أسيست» التي قام بها هذا اللاعب الشاب ريكوي صاحب الـ19 عاماً لزميله في الفريق دينيس سواريز في مباراة الفريق الأخيرة في بطولة كأس الملك. لمسة «عبقرية»، من لاعب دخل بديلاً في شوط المباراة الثاني. مهاري، وليس مبالغة بوصفه أنّه أندريس الجديد. تعرّض ريكوي لأكثر عدد من الأخطاء في تلك المباراة بين كل اللاعبين، على الرغم من مشاركته في الشوط الثاني. أضف إلى ذلك، أن الطريقة التي مرر بها الكرة لدينيس في الهدف الرّابع للفريق، وكأن بإنييستا نفسه من مررّها. تمريرة فيها الكثير من الشبه مع تمريرة الكبير انييستا لميسي أمام آرسنال عام 2012.
يتمتّع بثقة كبيرة، إضافة إلى الروح التي ومن المتوقّع أن تجعل منه لاعباً كبيراً. لاعب غير أناني، ومتفانٍ في اللعب. صفات وكأنها قد مرّت على ذاكرة متابعي كرة القدم الإسبانية بشكل عام، وبرشلونة بشكل خاص. نجم جديد من المدرسة ذاتها ولكن باسم مختلف يدعى ريكوي بويغ.