على الرغم من تدرّجه في الفئات العمريّة للمنتخب الهولندي لكرة القدم، لم يقرّر اللاعب أسامة إدريسي مستقبله الدولي حتى الآن. يقدّم اللاعب موسماً ممتازاً برفقة فريقه إي زد ألكمار في الدوري الهولندي للدرجة الأولى، ساهم خِلاله بتسجيل خمسة أهداف وصناعة هدفين خلال 13 مباراة شارك بها. مستوى لافت أشعل الصراع بين المغرب وهولندا لاستقطابه بغية تمثيله ألوان بلادهم في الاستحقاقات الدوليّة المقبلة.ولد إدريسي في بيرغن أوب زوم لوالدين مغربيين حيث قضى حياته المهنية كلها في هولندا. يحمل ابن الـ22 عاماً الجنسيتين المغربية والهولندية. تندرج حالة إدريسي قانونيّاً تحت إطار «الجنسية الرمادية» كما يُطلق عليها، حيث أنّ اللاعب يحمل جنسيتين نالهما بشكل طبيعي دون السعي لتجنيسه رياضياً، ولا يتم معرفة المنتخب الذي سيمثله مستقبلاً إلا بقرارٍ من اللاعب شخصيّاً. خلال الفترة المحصورة بين حصوله على الجنسية الثانية حتى قرار تمثيله منتخب معين، تعتبر جنسيته رمادية.
يتعرّض ادريسي لضغوط كبيرة من الإعلام الهولندي (أرشيف)

على الرغم من تألقه في الدوري الهولندي، لم يحظَ اللاعب باستدعاءٍ من مدرب منتخب الطواحين الجديد رونالد كومان، ما شكّل خيبة أملٍ كبيرة لدى اللاعب، الذي وفي قرارة نفسه يحلم بالمشاركة مع المنتخب «البرتقالي». أمرٌ استغلّه الاتّحاد المغربي لكرة القدم، حيث اتصلت الجامعة الملكيّة المغربية لكرة القدم باللاعب ووالده في إطار إقناع الإدريسي لارتداء قميص أسود الأطلس، إلا أن اللاعب طلب معاينة أجواء المنتخب أوّلاً قبل اتخاذ قراره الأخير. يدرك مدرّب المغرب الفرنسي هيرفي رونار أهمية إدريسي جيّداً، لما سيقدّمه ابن الـ 22 عاماً من الجودة والإضافة لصفوف منتخب «أسود الأطلس». مجيء اللاعب سيشكّل إضافة كبيرة لهجوم الفريق، في ظل منافسته مع يوسف النصيري، خالد بو طيب ووليد أزارو على المركز الأساسي. على إثر ذلك، قبل إدريسي الدعوة الموجهة من قبل رونار، فأدرج اسمه ضمن القائمة التي تضم 26 لاعباً، في سبيل تمثيل المنتخب ضمن الجولة الخامسة من التصفيات المؤهلة لكأس أمم أفريقيا 2019 أمام الكاميرون، إضافة إلى ودية تونس، وعلى الرغم من أن الاستدعاء جاء في إطار إقناع اللاعب لتمثيل المنتخب، لم يشارك إدريسي في أي من هاتين المبارتين. لم يكن القرار فنيّاً، بل قانونيّاً، إذ امتنع المدرب رونار عن إشراك إدريسي أمام الكاميرون بعد فشل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من حصولها على ترخيصٍ قانوني من الاتحاد الدولي «فيفا» يخوّل اللاعب من المشاركة مع المغرب. جاء المنع بحكم تمثيل اللاعب لمنتخبات هولندا للفئات العمرية سابقاً، ما حال دون وجود إدريسي على ورقة رونار المستدعاة لمباراتي الكاميرون وتونس.
وبعد اقتراب اللاعب من تمثيل المغرب، ضغط الاتحاد الهولندي على المدرب رونالد كومان لاستدعاء إدريسي، خشيةً من إدراج اسم اللاعب ضمن قائمة المواهب الكثيرة التي خسرها منتخب الطواحين سابقاً. استفاق كومان متأخراً، وعمل على تصحيح خطئه، فوعد باستدعاء اللاعب ضمن الاستحقاقات المقبلة، إذا ما عدل عن قرار تمثيل المغرب. جاء التراجع خوفاً من تكرار «سيناريو» نجمي أياكس أمستردام حكيم زياش ونصير مزراوي، اللاعبان اللذان فضلا تمثيل المغرب رغم كل المحاولات لتمثيل هولندا. استدعاءٌ متأخّرٌ أربك إدريسي، ما جعله يعيد حساباته من جديد.
اللاعب وحده له الحق باختيار المنتخب الذي يريد أن يمثّله في المستقبل


على الرغم من وعد إدريسي لرئيس اتحاد الكرة المغربية بأنه سيمثل أسود الأطلس خلال زيارته الأخيرة للمغرب، أظهر اللاعب بعد عودته لهولندا تردداً كبيراً بشأن حمل قميص المنتخب المغربي، حيث لم يتفاعل بشكل قوي مع خطوات تأهيله للعب مع أسود الأطلس على حساب هولندا، مؤكّداً أنه بحاجة لمزيدٍ من الوقت لاتخاذ قرارٍ نهائي بشأن مستقبله. في ظلّ كل هذا الغموض، يشعر المسؤولون في اتحاد الكرة المغربية والجهاز الفني للمنتخب بالإحباط، بعد تردّد اللاعب من تمثيل أسود الأطلس في المستقبل. يخشى الجانب المغربي من تعرض اللاعب لضغوطات هولندية قد تغير موقفه، ويكرر إثر ذلك ما أقدم عليه المغربي ناصر الشادلي، الذي خاض ودية مع الأسود ضد أيرلندا ثمّ اختار تمثيل المنتخب البلجيكي. في الفترة الماضية، كبر الصراع بين المغرب وهولندا على عددٍ كبير من المواهب التي تحمل جنسية البلدين معاً. نجح المنتخب الوطني المغربي في خطف عددٍ كبيرٍ من اللاعبين المغاربة الحاصلين على الجنسية الهولندية بعد إقناعهم بالدفاع عن ألوان أسود الأطلس، من أبرز هذه الأسماء نور الدين أمرابط وشقيقه سفيان، إضافة إلى كريم الأحمدي، حكيم زياش وزكريا لبيض. إدريسي هو الآخر قد يكون أحد اللاعبين الذين فضلوا تمثيل بلدهم الأم بعد المحاولات المستمرّة من حكيم زياش وكريم الأحمدي للسير على خطاهما. أمرٌ أثار الغضب بين الجماهير الهولندية لشعورهم بالاستغلال، فعلى الرغم من استفادة هؤلاء اللاعبين من تطوير مستواهم في مختلف الأندية ومراكز التكوين بهولندا، لم تمثل هذه الأسماء بلاد الطواحين وفضّلت تسخير مواهبها لخدمة المغرب.
في إطار ذلك، يواجه الإدريسي ضغوطات كبيرة من قبل الإعلام الهولندي ومسؤولي الاتحاد للعدول عن قرار تمثيل المغرب والالتحاق بالمنتخب الهولندي، إلّا أنّ القرار الأول والأخير يبقى بين يدي اللاعب. ينتظر من إدريسي أن يحدد قراره النهائي قبل المواجهة التي ستجمع منتخبي المغرب ومالاوي، في ختام تصفيات أمم أفريقيا المقامة في الكاميرون، حيث أمهلته الفيفا حتى شهر آذار المقبل ليعلن عن قراره النهائي، سواء بتمثيل أسود الأطلس، أو تمثيل منتخب الطواحين. وفي هذا الإطار تستمر محاولات حكيم زياش وكريم الأحمدي لإقناع إدريسي بارتداء قميص المغرب وليس قميص هولندا.



حكيم زياش


ولد حكيم زياش في بلدة درونتن الهولندية وبدأ مسيرته الكروية في سن الثامنة مع فريق البلدة. انتقل بعد ذلك إلى نادي هيرنفين عام 2004 فتدرج ضمن فئاته العمرية ليمثل الفريق الأول عام 2012. ثلاثة عشر هدفاً سجّلها حكيم خلال 46 مباراة خوّلته للانتقال إلى صفوف تفينتي أنشخيدة لمدة موسمين، ثمّ إلى نادي أياكس أمستردام، ليتمكن معه من إحراز جائزة أفضل لاعب في الدوري الهولندي الموسم الماضي.
على إثر التّألّق في الدوري الهولندي، مرّ اللاعب حكيم زياش بنفس الوضع الذي يمر به أسامة إدريسي حالياً. ضغوطاتٌ كثيرة تعرض لها اللاعب بعد أن طلب الاتحاد الهولندي تجنيسه ليمثل منتخب الطواحين على حساب المغرب. رغم كل الضغوطات وقتها، رفض اللاعب تمثيل بلاد الطواحين وفضل تمثيل بلده الأم المغرب.
أمرٌ أثار انتقادات كبار نجوم الكرة الهولندية، أبرزهم ماركو فان باستن الذي وصف زياش بـ«الغبي» لاختياره المغرب عوضاً عن هولندا نظراً لحجم منتخب الطواحين في عالم الكرة وكثرة حظوظه دولياً مقارنةً بمنتخب أسود الأطلس. قرارٌ ثبتت صحته فيما بعد، حيث تمكن من قيادة المغرب لنهائيات كأس العالم الماضي في روسيا في حين غابت هولندا عن المونديال بعد فشلها من تخطّي مرحلة
التصفيات.