خمس مباريات من دون أي فوز، نتيجة كافية لتوضح كيف هو نادي موناكو مع مدرّبه الجديد تيري هنري. غرق «الغزال» الفرنسي في بحر الإمارة، وهو الذي جاء ليرمم النادي بعد فترة غير مستقرّة بداية الموسم مع ليوناردو جارديم. حتى اللحظة فشل هنري فشلاً ذريعاً، ويبدو أن المعاناة ستستمر حين يستقبل نادي الإمارة متصدر الترتيب باريس سان جيرمان على ملعب لويس الثاني في سهرة الأحد (الساعة 22:00 بتوقيت بيروت).خسر هنري في الدوري أمام ستراسبورغ بنتيجة (2ـ1)، وبعدها أمام المتواضع ريمس بهدف من دون رد، ثم تعادل مع ديجون (2ـ2) ليتراجع إلى المركز قبل الأخير بجدول ترتيب الدوري الفرنسي (19)، متفوقاً بفارق الأهداف فقط عن غانغون متذيل الترتيب. وحتى الآن في حصيلة الدوري، فاز موناكو في مباراة واحدة، وخسر في سبع، فيما حقق التعادل في أربع مناسبات. سجل 12 هدفاً واستقبلت شباكه 18 هدفاً. معاناة على المستوى المحلي، ترافقت مع «فضائح» على المستوى القارّي. ودّع نادي الإمارة دوري أبطال أوروبا «تشامبيونز ليغ» نظريّاً، بعد تعادل مع كلوب بروج البلجيكي بهدف لمثله في بلجيكا، ثمّ خسارة «مذلّة» على أرضه برباعية نظيفة أمام الفريق نفسه. فريق المدرّب تيري هنري يقبع في المركز قبل الأخير في الدوري، وفي المركز الأخير في المجموعة الأولى من دوري الأبطال بتعادل وثلاث خسارات. سجل هدفين مقابل 10 أهداف تلقاها في مرماه. الآن، وقبل مباراة باريس سان جيرمان يجد هنري نفسه محاطاً بلاعبين مصابين، وآخرين محبطين نتيجة الظروف التي لم تمر على النادي خلال الأشهر الأخيرة. الحارس الكرواتي دانييل سوباسيتش يعاني من إصابة، كما صانع الألعاب المونتنيغري ستيفان يوفيتيتش. المهاجم الكولومبي راداميل فالكاو أيضاً عانى من الإصابة خلال المباريات السابقة، هو والظهير الأيمن للنادي جيبريل سيديبيه (الأخير غاب عن آخر مباراتين في الدوري). الروسي الشاب أصيب بعد وقت قصير من وصوله إلى ملعب لويس الثاني، ولا يزال يعاني من آلام في الكاحل، كذلك الجناح البرتغالي روني لوبيز، والمهاجم الإيطالي بيترو بيليغري والثنائي ويليم غوبيليس وكيفن ندورام. وأخيراً تعرّض المدافع البولندي كاميل جيليك لإصابة هو الآخر. إصابات كثيرة في نادي الإمارة كبّلت المدرّب السابق ليوناردو جارديم، وهي اليوم تضع في هنري في موقف صعب أمام لاعبيه والجماهير، وفي المقام الأوّل أمام نفسه، على اعتبار أن تجربته مع موناكو هي الأولى له كمدرّب، بعد فترة قضاها مع منتخب بلجيكا كمساعد لروبيرتو مارتينيز. لقد دفع المدرّبان ثمن السياسة التي تتبعها إدارة النادي منذ ما يزيد على ست سنوات، وهي تأهيل لاعبين صغار السن، ومن ثم بيعهم إلى أندية أوروبا، وهو ما جعل النادي من دون لاعبين احتياطيين قادرين على المنافسة.
لم تتوقف مشاكل موناكو على الجانب الفنّي، بل وصلت إلى الإدارة. وأوقفت الشرطة الفرنسية رئيس النادي، الروسي ديميتري ريبولوفليف على خلفية تورطه في قضية فساد، واستغلال نفوذ. وبعض هذه القضايا سياسي، ومرتبط بما عُرف بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركيّة. كذلك هناك القضية المسماة بـ«موناكو غيت»، والتي تتحدّث عن أن رجل الأعمال الروسي حاول العثور على ثغرات في قوانين الإمارة من أجل التحايل المالي، ولجوء رئيس النادي لعمليات تزوير من أجل إدخال أموال إلى خزينة النادي والتحايل على قانون اللعب المالي النظيف، وهو الأمر الذي حصل فعلاً خلال السنوات القليلة الماضية. ولا شكّ أن هذه الفضائح سيكون لها تأثير كبير على مستقبل نادي الإمارة. الوضع اليوم لا يدل على أن إقالة هنري قريبة، ولكن إضافة إلى خسارة النادي، يعتبر المدرّب الفرنسي الشاب من أكبر الخاسرين إذا استمرت النتائج على هذا المنوال، على اعتبار أن مسيرته التدريبية وهي لا تزال في البداية تتعرض لضربات متتالية.
على الجهة المقابلة يبدو باريس سان جيرمان أكثر توازناً فنيّاً، على الرغم من الفضائح الماليّة الكبيرة التي طالت النادي أيضاً، والتي تحدّثت عنها تقارير «فوتبول ليكس». وكشفت هذه التقارير التي صدرت عن صحيفة ديرشبيغل الألمانية أن مكاتب نادي العاصمة باريس شهدت تلاعباً بالأرقام، للاحتيال على قانون اللعب المالي النظيف، خاصة في صفقتي البرازيلي نيمار، والفرنسي كيليان مبابيه. ويبدو باريس الأقرب إلى الفوز على اعتبار أن تشكيلة المدرب الألماني توماس توخيل تعج بالنجوم، وفي مقدمتهم مبابيه ونيمار، كما الأوروغواياني إيدسون كافاني. ويتصدر نادي العاصمة الدوري بـ12 انتصاراً متتالياً وهو رقم قياسي في الـ«ليغ». ولكن في دوري الأبطال لا يقدم النادي مستوى كبيراً، حيث فاز على سرفينا زفيزدا الصربي، وتعادل في مواجهتين أمام نابولي (ذهاباً وإياباً)، وخسر من ليفربول على أرض الأخير في أنفيلد.
مباراة منتظرة على ملعب لويس الثاني في موناكو، يأمل عشاق نادي الإمارة أن يحقق مدرّبهم المعجزة، لكي يستعيد الفريق توازنه، ولا يغرق تيري هنري في دوامة الخسائر التي بدأت تفقده صورته، تلك الصورة التي زرعها في رؤوس الفرنسيين، عن ذلك الغزال الذي صنع الفرح في عالم كرة القدم.