بعد الخسارة الأخيرة للمنتخب الألماني أمام «صغار» المنتخب الهولندي، يقف اليوم من جديد مدرب المنتخب يواكيم لوف أمام تحدٍ حاسم، من المتوقّع وبنسبة كبيرة أن يحدد مصيره ومستقبله رفقة «المانشافت»، المتمثّل بمواجهته لأبطال العالم، منتخب «الديوك» الفرنسية. عندما كان الجميع يتوقّع أن ينتفض المنتخب الألماني، خصوصاً بعد الخروج المفاجئ من الدور الأول لمونديال روسيا الأخير، ازدادت الأمور سوءاً. أتت المباراة أمام هولندا، المنتخب الذي حقق أكبر نتيجة لمصلحته في تاريخ اللقاءات بين المنتخبين (3-0). وضعية المنتخب الألماني لا يحسد عليها. هذا الأمر الذي دفع بصحيفة «فوكوس» إلى القول: «منذ كارثة المونديال، لا شيء يتحسن، سيظل 2018 عام كارثة للكرة الألمانية نهائياً، النقاش سيفتح مجدداً»، معتبرةً أن المنتخب الألماني يعيش كابوس كأس العالم من مباراة لأخرى. اليوم المباراة مختلفة تماماً. المباراة أمام أبطال العالم أخيراً، أمام مبابي وغريزمان وبوغبا وغيرهم من اللاعبين الذين أبهروا العالم في المونديال. ما يزيد الأمر صعوبة على المنتخب الألماني، هو أن اللقاء سيكون على الأراضي الفرنسية، وتحديداً في «ستاد دو فرنس» في المدينة «سانت دوني».كما في المونديال الأخير، سنحت لألمانيا فرص عدّة للتسجيل في مباراتها الأخيرة أمام الهولنديين، لكن لاعبي المنتخب فشلوا في إيجاد الطريق المناسب لتسجيل الهدف في مرمى حارس مرمى برشلونة ياسبر سيليسين (فشل المنتخب الألماني في التسجيل في آخر ثلاث مباريات له للمرّة الأولى في التاريخ: أمام كوريا في كأس العالم، فرنسا في دوري الأمم وهولندا). وفي ظل العقم الهجومي الذي يعاني منه المنتخب، المشاكل الدفاعية الكارثية زادت الطين بلّة، حيث استغل مهاجمو المنتخبات المنافسة (كوريا الجنوبية، هولندا) المساحات الشاسعة في خط الدفاع الألماني ليتمكّنوا من تسجيل الهدف تلو الآخر. أداء سيّئ جداً من قبل مدافع بايرن ميونيخ الألماني جيروم بواتينغ، المدافع الذي «راقصه» لاعب خط وسط المنتخب الهولندي ونجم ليفربول جورجينيو فينالدوم في المباراة الأخيرة بين المنتخبين.
لا بد من إقحام كل من جوليان براندت وليروس سانيه(أ ف ب )

بعد كل شيء، لخّص مدرب المنتخب الألماني يواكيم لوف ما حدث بقوله بعد نهاية المباراة: «نشعر في هذه اللحظة بأننا لا نملك الثقة بالنفس التي كانت سلاحاً بارزاً لنا، عندما تُمنى شباكنا بالأهداف، نفقد البوصلة، هذا لم يكن يحدث لنا قبل أشهر عدة». كلام لوف، يوضح كم أن المشكلة كبيرة التي يقبع فيها المنتخب الألماني حالياً. لوف، يتحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية، هو بنفسه، بسبب أفكاره القديمة والإصرار على أبرز اللاعبين الذي فاز رفقتهم بلقب كأس العالم في 2014. وفي هذا الصدد، تبدو الصحيفة الأبرز في ألمانيا «بيلد»، من أوائل الصحف المطالبة بإقالة لوف، حيث وجّهت له انتقادات حادّة بقولها: «لا وجود لجرأة مبتكرة، لأفكار في اللعب، لا فعالية أمام المرمى. قام لوف بإشراك مهاجم شالكه أوث الذي لم يسجل أي هدف هذا الموسم، وترك الجناحين الرائعين ساني وبراندت على مقاعد الاحتياط». ربّما الـ«بيلد» على حق، وأن صلاحية لوف انتهت منذ خروجه من يورو 2016 على يد المنتخب الفرنسي، ولكن ننتظر مباراة اليوم لمعرفة ماذا سيحدث.
على لوف أن يتحلّى بالشجاعة ولو لمباراة واحدة


في حال خسارة المنتخب الألماني اليوم، ستكون الخسارة السادسة له في 2018، وهذا الرّقم سيصبح الأكبر في تاريخ «الماكينات الألمانية». كان عاما 1985 و1956، أكثر السنوات التي خسر فيها المنتخب الألماني مباريات بواقع خمس هزائم في كل سنة. من جهته، وجّه حارس مرمى وقائد ألمانيا السابق أوليفر كان، اللّوم للاعبي المنتخب القدماء، على غرار مولير وكروسي وغيرهم بقوله: «يتعين على اللاعبين البارزين قيادة المجموعة وتحمل مسؤولياتهم، وعندما لا يقومون بذلك يختل توازن الفريق». إضافة للعقم الهجومي، والخلل الدفاعي الواضح، ففي المباراة الأخيرة ضدّ هولندا، يتحمّل الحارس الألماني وحارس مرمى بايرن ميونيخ مانويل نوير خطأ الهدف الأول الذي سجّله مدافع ليفربول فيرجيل فان دايك. على لوف، أن يتحلّى بالشجاعة ولو لمباراة واحدة، ويخرج عن عاداته وأفكاره «المتحجرة»، بإقحام كل من جوليان براندت وليروس سانيه، على حساب أوث ومولير، بالإضافة لإشراكه ليون غوريتزكا على حساب صاحب الأداء «الباهت» توني كروس. الأمر عينه في خط الدفاع، حيث أن كل من جوناثان تاه لاعب ليفركوزين، بالإضافة لنيكلاس سوليه لاعب البايرن، يستحقون فرصة أكبر من بواتينغ. الأخير، تعرّض لإصابة في المباراة الأخيرة أمام هولندا، وسيغيب عن لقاء اليوم أمام فرنسا، ربّما سيكون غياب جيروم فأل خير على الألمان، ويخرجون عن صمتهم الذي دام كثيراً.