على وقع تصفيقات الجماهير التي عاش جزءاً كبيراً منها «الحقبة الذهبية» لمانشستر يونايتد، دخل المدرب التاريخي الاسكتلندي «السير» أليكس فيرغسون المنصّة الرئيسية للملعب الذي يحمل أحد مدرّجاته اسمه. جلس على مقعد لم يعتد الجلوس عليه سوى في آخر خمس سنوات. مكان السير أليكس المفضّل هو مقاعد بدلاء الفريق المحبب على قلبه، الفريق الذي درّبه 27 سنة. كان حضور الاسكتلندي الشائب هو الأول له منذ أن تعرّض لنزيف دماغي أجبره على خوض عملية جراحية خطيرة في أيار الماضي. لم يغب صوت التصفيق في «مسرح الأحلام» طوال دقيقة كاملة، فالضيف هذه المرّة مختلف عمّا كان في الأشهر الماضية، الضيف هو «السير».ينظر عبر نظاراته «المعتادة». رأى من خلف زجاجها الإنجازات تتحقق واللاعبين يصعدون وينزلون. كثيرون مرّوا في تاريخ «الشياطين الحمر» وبقي هو. النادي الذي كان فيرغسون جزءاً منه بل وإن أفكاره التدريبية صنعت الجزء الأكبر من تاريخ هذا النادي الإنكليزي الكبير، يلعب ضدّ واتفورد، الذي لا يقارن بالعملاق الذي صنعه فيرغسون. نجاحات عدّة حققها الأخير مع فريقه. بنوا له تمثالاً خارج «الأولد ترافورد». سموا مدرجاً باسمه. مع «السير» أحرز اليونايتد لقب الدوري الإنكليزي 13 مرة، دوري الأبطال في مناسبتين، وغيرها من البطولات الأخرى، على غرار كأس الاتحاد الإنكليزي والدرع الخيرية وكأس الرّابطة، كأس السوبر الأوروبي، كأس العالم للأندية. 38 لقباً هي حصيلة الفترة التي قضاها المدير الفني الأعظم في تاريخ النادي. أول من أمس تفاعل الجميع مع عودة المدرب فيرغسون إلى ملعبه من جديد. لم تغب التغريدات من كبار اللاعبين التاريخيين منهم والحاليين، مهنئين بعودة لطالما طال انتظارها لأحد أكبر المدربين في تاريخ كرة القدم. حتى الجيل الجديد تفاعل مع عودة «العراب». حارس مرمى اليونايتد الإسباني دافيد دي خيا غرد له على «تويتر» واضعاً صورة لفيرغسون وقال: «أجمل شيء حدث اليوم هو رؤيتك من جديد في الأولد ترافورد يا سير أليكس». أقل ما يقال بحق هذا المدرب الكبير الذي أعطى اليونايتد كل ما لديه.
أنفق المدربون بعد فيرغسون 774.53 مليون جنيه استرليني ولم يحققوا شيئاً


في 2013، الموسم الذي خرج منه السير أليكس من مسرح الأحلام لآخر مرّة في حياته كمدرّب، حملت هذه السنة معها اللقب الأخير للمدرب المحبوب في الدوري. لقب كان بدوره الأخير بالنسبة إلى الفريق الأحمر منذ رحيل «المايسترو» الذي يدير الفرقة الموسيقية. افتقدت الفرقة لمن يوجهها. كان الفشل هو العنوان الأول لفريق كمانشستر يونايتد منذ أن غاب الرجل ذو المعطف الأسود الداكن ونظاراته عن اليونايتد. دخل الفريق الأكبر إنكليزياً في معضلة اكتشاف اللاعبين وتحقيق النتائج المميزة. فمنذ اللحظة التي أعلن فيها «السير» رحيله، تسلم ثلاثة مدربين المهمة الأصعب ربما في تاريخهم: ديفيد مويس من ايفرتون، لويس فان خال من المنتخب الهولندي وجوزيه مورينيو من تشيلسي. خلال هذه الفترة، أنفق هؤلاء المدربون ما يعادل 774.53 مليون جنيه استرليني (خلال خمس سنوات فقط). بينما كان صافي الإنفاق في حقبة السير أليكس فيرغسون يعادل 226.5 مليون جينيه استرليني (خلال 27 سنة قضاها المدرب الاسكتلندي مع اليونايتد). الأرقام توضح مدى التنظيم الذي كان يتمتّع به فيرغسون والذي افتقده مدربو الشياطين الحمر الذين أتوا بعد أحد أكبر المدربين في التاريخ.
اليونايتد اليوم يفتقد للمسات مدربه السابق، ولطريقة اللعب الهجومية. يفتقد الجمهور النتائج الكبيرة التي لم يكن يقدر أي فريق في الـ«بريميرليغ» على إيقاف زحف هذه النتائج الإيجابية نحو اللقب. أسماء كالبلغاري ديميتار بيرباتوف، الكوري الجنوبي بارك جي سونغ الذي لم يكن ليعرفه أحد لولا إيمان فيرغسون به، هي التي صنعت مجد يونايتد. وهي أسماء غير مكلفة وغير «رنانة». من دوايت يورك وأندي كول، لديفيد بيكهام، لكريستيانو رونالدو آخر الجواهر الثمينة التي اكتشفها المدرب الاسكتلندي، لم يتبق أي شيء. اليوم اليونايتد يلعب باسمه فقط، مورينيو أحد المدرين الذين لم يعطو أية إضافة منذ توقيعه العقد لتدريب الفريق في 2017. حاله كحال من سبقه. لم تستطع حتى الآن إدارة الفريق سد ثغرة مدربهم التاريخي الذي ربّما، لو عاد عن قرار اعتزاله وفي الفترة الصعبة التي يمر بها اليوم، سيعود ويوقف فريقاً كاليونايتد على قدميه من جديد!



الذئاب البرتغالية تنهش مورينيو


بعد الخسارة أمام توتنهام في «الأولد ترافورد»، خاض اليونايتد ثلاث مباريات أمام كل من بيرنلي وواتفورد والفريق الذي تأهل لأول مرة في تاريخه لدوري الأبطال يونغ بويز. ثلاثة انتصارات متتالية للشياطين الحمر، جعلت المشجعين يؤمنون بعودة المارد الأحمر إلى الواجهة من جديد. إلّا أن مورينيو في مباراة الفريق الأخيرة أمام وولفرهامبتون في «الأولد ترافورد»، أبى أن لا يعيد لجماهير الفريق الأجواء الكئيبة: الأمور لم تتحسّن بعد. تعادل بهدف لمثله مع الذئاب، يعتبر بمثابة الخسارة لليونايتد، نظراً إلى ابتعاد الفريق عن المتصدر ليفربول الذي يعيش بدوره أفضل حالاته بـ8 نقاط. فريق الذئاب، وتحت قيادة مدربهم البرتغالي نونو سانتو، الذي أجلسه مورينيو فيما مضى على دكة البدلاء في بورتو، استطاع اقتلاع نقطة من معقل اليونايتد الذي بات يعاني في «مسرح الأحلام». خمسة لاعبين في تشكيلة «الوولفز» الأساسية يحملون الجنسية البرتغالية، وهم كل من الحارس روي باتريسيو، الجناح جوتا، الجناج الآخر كوستا، لاعبي خط الوسط جواو موتينيو وروبين نيفيس. تشكيلة برتغالية هزمت مواطنها مدرب اليونايتد وجعلته يدخل في الأزمة التي لم يكد يخرج منها.