سؤال لطالما حيّر الكولومبيين: من سيكون خليفة كارلوس فالديراما؟ تعرفون فالديراما بشعره الكث ووجهه اللاتيني. الرجل الذي كان قائداً لكولومبيا في ثلاث بطولات كأس عالمٍ توالياً. اسم لم يكن أغنيةً لجماهير الفرق الأوروبية، إنما كان أسطورياً في بلاد الرص والكاكاو. ستة عشر عاماً من الغياب عن كأس العالم منذ مونديال فرنسا 1998. وفي عام 2014 عادوا. كانت كولومبيا متفوقةً على اليونان بهدفين دون مقابل في أولى مبارياتِها في مونديال البرازيل، قبل يعزز ذلك الشاب البالغ من العمر 22 عاماً تقدم منتخبه بهدف ثالث في الوقت البدل الضائع.

موهبة مبكرة

في عام 2009 أصبح رودريغز أصغر لاعب وهداف في الدوري الأرجنتين، وأصغر لاعب أجنبي يفوز بالبطولة بعد ذلك بعام، وفي 2014 ومع 6 أهداف أحرزها في مونديال البرازيل أصبح أفضل هداف في تاريخ الكرة الكولومبية بعمر الـ22 وثاني أصغر الهدافين في تاريخ كأس العالم بعد بيليه (17 عاماً) في مونديال السويد 1958 والذي سجل فيه 6 أهداف أيضاً.


لم يتوقف هذا الشاب عن التسجيل. سجّل في ساحل العاج هدفاً آخر، ثم في اليابان سجّل هدفاً لاتينياً خالصاً. وبعدها سجل هدفي الفوز في أكبر ملاعب العالم «ماراكانا»، أمام منتخب لويس سواريز ــ اللاعب الذي كان في «عز عطائه» يومذاك ــ الأوروغواي. في دور الربع النهائي ودعت كولومبيا كأس العالم بعد الخسارة أمام البرازيل (1-2) وصاحب الهدف كان ذاك الشاب نفسه. ستة أهداف كانت كفيلةً لتضمن الحذاء الذهبي كهداف للمونديال لهامس رودريغز، و(تكتب بالإنكليزية جايمس، وثمة من يلفظها خامِس)، إضافةً إلى جائزة «بوشكاش» لأجمل هدف. استمرت الرحلة من بكائه في «فورتاليزا» البرازيلية يوم خرجت كولومبيا، إلى ضحكته في عاصمة «الغلاكتيكوس»، بعد أن انتقل إلى ريال مدريد الإسباني برقم ضخم بلغ 80 مليون يورو. هنا بدأت الجماهير الكولومبية تطلق عليه لقب «فالديراما الجديد».
استقبل اللاعب في مدريد استقبالاً «ملكياً». 45 ألف متفرجاً حضروا للترحيب بحامل الرقم عشرة الجديد. السفير الكولومبي ألقى كلمة في ذلك الاستقبال، حمل فيها رسالة من الرئيس الكولومبي مفادها أن الأمة الكولومبية كلها تدعمه. وفي فريق «أحلامه» فاز في أول موسم له بلقب كأس السوبر الأوروبي 2014 وكأس العالم للأندية 2014. في الموسم الثاني فاز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه. الموسم الثالث شهد تتويجه بأربع بطولات بداية بكأس السوبر الأوروبي 2016 مروراً بكأس العالم للأندية 2016 والدوري الإسباني للمرة الأولى.

إنتقل هامس من موناكو الفرنسي إلى ريال مدريد مقابل 80 مليون يورو مع الحوافز

وأخيراً بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الثانية في تاريخه والثانية على التوالي. عاماً بعد آخر، بدأ هامس بفقدان مركزه كأساسي فـ«زيزو» مدربه لم يمنحه الثقة الكافية، على عكس الكبير كارلو أنشيلوتي، مع أنه كلما دخل من دكة البدلاء كان يثبت بأنه يستحق اللعب كأساسي. ورغم ارتباطه بالريال بعقد يمتد لست سنوات، قرر الرحيل بحثاً عن دقائق لعب أكثر، فكانت الوجهة مقاطعة «بافاريا» إلى بايرن ميونخ معاراً لمدة موسمين مع إمكانية الشراء بـ40 مليون يورو أي نصف المبلغ الذي انتقل فيه إلى الريال. البايرن كان الرابح الأكبر. في مثل هذه الأيام، لاعب بقيمة هامس رودريغرز، في «المركاتو» يساوي أضعاف هذا المبلغ.

للصورة المكبّرة انقر هنا

بداية مشواره مع بايرن لم تكن كما المتوقع. السبب كان كارلو أنشيلوتي الذي دربه سابقاً في ريال مدريد، وأعطاه الحرية هناك. المدرب الإيطالي كان يقيّد هامس بفرض الأدوار الدفاعية ولم يكن يشارك أساسياً. الاستغناء عن أنشيلوتي وقدوم يوب هاينكس كان الفرصة المثالية لهامس. هاينكس يفضل اللعب بلاعبين ارتكاز خلف صانع الألعاب، هذا الأمر حرر الكولومبي ومنحه مساحة أكبر في عملية بناء الهجوم، وراحة بدنية يمكن استغلالها في الشق الهجومي أثناء المباراة. لعب هامس تحت إشراف المدرب الألماني في ستة مراكز لكن مهامه دائماً، إن كان إلى اليسار أو إلى المنتصف، أو حتى خلف المهاجم، كانت تمنحه فرصة صناعة اللعب. سجل هامس 4 أهداف وصنع 7 في سبع عشرة مباراة لعبها في «البوندسليغا». الكل سعيد بهامس في بايرن وهذا الأمر يبدو واضحاً، إذ إن الجميع يرغب في ضم اللاعب نهائياً من ريال مدريد. كارل هاينز رومينيجيه المدير التنفيذي لنادي بايرن دائماً ما يردد هذا الأمر في الإعلام الألماني. انتقاله إلى ألمانيا لم يكن فقط لأنه كان يفتقد صفة اللاعب الأساسي في الريال، إنما كان سعياً منه لتهيئة نفسه للمونديال المقبل. فأي لاعب يحتاج لذلك، ليصل إلى أعلى مستوياته قبل كأس العالم مما يزيد جهوزيته على الصعيد البدني والذهني.
سجّل هامس 21 هدفا في 60 مباراة لعبها مع المنتخب الكولومبي


آمال الكلومبيين ما زالت معلقة على صاحب الـ 26 عاماً، وأمنياتهم أن يقدم مستويات في كأس العالم المقامة في روسيا هذا الصيف، كما تلك التي قدمها منذ أربع سنوات. أما عن هامس المنتخب فهو يملك تلك الشخصية القيادية التي تلعب بكل ثقة وروح مهما اختلف اسم المنتخب الخصم. 59 مباراة دولية أولها في عام 2011. 21 هدفاً سجلها بمعدل تهديفي جيد. هو اللاعب الحاسم الذي يمكنه أن يسجل من أي مكان، وبأي طريقة من تسديدة بعيدة أو متابعة أو ضربة حرة وهذا ما أثبته دولياً ومع الفرق التي لعب لها. رودريغز اليوم هو النجم الأول في منتخب بلاده والكل سيكون مترقباً لما سيفعله في روسيا. عودة «النمر» فالكاو إلى المنتخب (صديقه المحبب والمقرب منذ الطفولة بسبب صداقة الوالدين، وشريكه في هجوم موناكو سابقاً) الذي غاب المونديال الأخير بسبب الإصابة ستشكل إضافة للمنتخب الكولومبي، ولكنها قد تكون سبباً يحد من قدرات هامس التهديفية.



هامس الأكاديمي
()

عادة ما تبعد كرة القدم اللاعبين عن المدرسة، إذ إن الرواتب الضخمة تكون عاملاً لترك الدراسة. رغم الوظيفة المربحة لهامس إلا أنه لم يهمل تعليمه، وأنهى دراسة الهندسة في الجامعة الوطنية بكولومبيا. هو أحد مُحبي رياضة كرة السلة كذلك، ولاعبه المفضل هو ليبرون جيمس، والذي قام بنشر صورته على انستاغرام مرتدياً اسمه، كما رد ليبرون مشيداً باللاعب الذي مثله باسمه في كأس العالم.