بعد نحو عام على إيقاف الرياضة الروسية عن المشاركة في الأحداث العالمية، عاد الحديث هذا الأسبوع حول إمكانية السماح للرياضيين الروس والبيلاروس بالمشاركة في التظاهرات والفعاليات الرياضية، بما في ذلك أولمبياد باريس 2024. الكلام لم يأتِ من فراغ، بل على إثر بيانات للمجلس الأولمبي الآسيوي الذي عرض مشاركة الرياضيين من روسيا وروسيا البيضاء في التصفيات المؤهلة إلى أولمبياد باريس، إضافة إلى تأييد رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، مشاركة هؤلاء الرياضيين تحت علم محايد، وصولاً إلى كلام اللجنة الأولمبية الدولية عن ضرورة «استكشاف عودة الرياضيين الروس والبيلاروس بشكل أكبر، في ظل ظروف صارمة»، مؤكدة أنّه «لا ينبغي منع أي رياضي من المنافسة بسبب جواز سفره»، قبل أن تعود هذه الأخيرة وتتراجع تحت الضغط.هذا الكلام خلق جدلاً كبيراً في الوسط الرياضي العالمي، وسط معارضة كبيرة من بريطانيا تحديداً، إضافة إلى أوكرانيا بطبيعة الحال، اللذين أصرا على ضرورة الاستمرار بإيقاف الرياضة الروسية في ظل استمرار العملية العسكرية الدائرة في أوكرانيا منذ 11 شهراً. ودعا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى منع الرياضيين الروس من المشاركة في أولمبياد 2024، فيما أكدت بريطانيا أنها ترفض السماح للروس بالمشاركة في الأحداث الرياضية الدولية.
كل هذا الجدل علق عليه رئيس اللجنة الأولمبية الروسية ستانيسلاف بوزدنياكوف بالقول إن الرياضيين الروس يجب أن يكونوا قادرين على المشاركة في الألعاب الأولمبية من دون قيود، معتبراً أن منع موسكو من استضافة الأحداث الرياضية، وإيقاف المنتخبات والأندية والرياضيين الروس هو قرار «يحمل طابعاً سياسياً غير مقبول على الإطلاق للحركة الأولمبية»، وأضاف أن «الميثاق الأولمبي ينصّ على أن جميع الرياضيين يجب أن يشاركوا على قدم المساواة».
الكلام الروسي يصب في خانة ضرورة فصل السياسة عن الرياضة، وهو تحديداً ما تنادي به اللجنة الأولمبية الدولية، إضافة إلى مختلف الاتحادات العالمية ومنها الاتحاد الدولي لكرة القدم، ولكنهم لم يطبقوه في الحالة الروسية تحديداً، وغيرها من الحالات.
ونتيجة الضغوط الغربية على اللجنة الأولمبية الدولية، واللجان المحلية في أكثر من دولة، قالت الأولمبية الدولية قبل حوالي 48 ساعة إن العقوبات المفروضة على البلدين (روسيا وبيلاروس) بسبب الحرب في أوكرانيا غير قابلة للتفاوض، وأضافت «تم إبلاغهما بإجماع عن هذا القرار، خلال اجتماع الجمعية العمومية في التاسع من كانون الأول 2022». وبهذا القرار سيتواصل منع حضور أي مسؤولين من حكومتَي البلدَين إلى المنافسات الرياضية الدولية، بالإضافة إلى عدم تنظيم أي أحداث رياضية في البلدين.
وبذلك يبدو واضحاً أن مشاركة الرياضيين الروس والبيلاروس في الأولمبياد المقبل ستكون أيضاً تحت علم محايد، كما سيتواصل منع الأندية في البلدين من المشاركة في دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي، إضافة إلى خوض تصفيات كأس العالم. وهذه القرارات هي بالتأكيد مخالفة للشعارات التي ترفعها الأولمبية الدولية والاتحادات الأخرى عن ضرورة فصل السياسة عن الرياضة، كما أنها تؤكد أن الأولمبية الدولية رضخت للضغوط الغربية واستمرت بمنع الرياضة الروسية عن المشاركة في الأحداث.