تتميز الصين في مجالات رياضية مختلفة مع تألقها تحديداً ضمن الألعاب الأولمبية، وكرة السلة. نجاح لم ينسحب على كرة القدم، إذ يكفي الإشارة إلى عدم مشاركة الصين في بطولة كأس العالم سوى مرة واحدة. كان ذلك عام 2002، عندما خسرت مبارياتها الثلاث دون تسجيل أي هدف.هنا، أدركت الصين ضرورة تحسين منتخبها الوطني لكرة القدم، ومن خلفه الدوري المحلي لما في ذلك من منافع مختلفة.
أولى الإجراءات تمثلت بتطوير الـ«Chinese Super League» عبر البذخ في استقدام لاعبين ومدربين من مختلف الدوريات الكبرى. الصينيون تملّكوا بعدها العديد من الأندية في أوروبا بهدف توسيع الاستثمارات، توازياً مع انتشار شركات الرعاية. إجراءات لفتت أنظار العالم تجاه الجمهورية الشعبية كسوق ناشئ قادم بقوة. رغم ذلك، لم يكتب لكل المشاريع النجاح، تحديداً تلك المرتبطة بتحسين الدوري المحلي.
أغلب الفرق أفلست مع توالي المواسم إثر تكدّس الديون، في ظل الإنفاق العشوائي من دون ضمان عائدات جيدة. الحكومة الصينية نفسها ساهمت بانفجار الفقاعة من خلال التضييق على العلامات التجارية، إضافةً إلى وضع سقف على الرواتب بهدف وقف الهدر المالي «المثير للجدل». ومع تجميد النشاط الكروي على خلفية تفشي فيروس كورونا، وُضع المسمار الأخير في نعش الأندية. انهيار مالي دمّر أغلب الفرق، آخرها غوانزو.
دفعت الشركات الصينية ملياراً وأربعمائة مليون دولار كعقود رعاية في مونديال قطر مقابل مليار ومئة مليون للشركات الأميركية


هبط بطل دوري أبطال آسيا (2013 و2015) من الدوري الصيني الممتاز في بدايات الأسبوع، بعد مسيرة استمرت 12 موسماً متتالياً في الدرجة الأولى، فاز خلالها النادي باللقب سبع مرات متتالية بين عامَي 2011 و 2017، ومرة ثامنة عام 2019.
تأثر غوانزو كثيراً بالمشكلات المالية التي تُعاني منها المجموعة المالكة له، «إيفرغراند»، والتي ساهمت بمغادرة أبرز لاعبيه خلال الـ18 شهراً الماضية. كانت إيفرغراند ثاني أكبر مطوّر عقاري في الصين من حيث المبيعات، وثاني أكبر مجموعة في العالم من حيث الإيرادات عام 2021، وفقاً لتقديرات مجلة «Fortune». لكن، ومع الدور التنظيمي المتشدد الذي اعتمدته السلطات الصينية لدفع المجموعات الكبيرة إلى تقليص حجمها، خاصةً بعد جائحة كورونا، انهارت إيفرغراند وانهار نادي غوانزو معها تباعاً.
هكذا، سقط أحد أكبر تنانين الدوري الصيني، ما يؤشر إلى نهاية مشروع لم يُكتب له النجاح المطلوب. المواهب التي حطت رحالها في الصين خلال العقد الأخير، غادرت بأغلبها نظراً إلى تقليص أجورها، أما المنتخب، فقد استمر بظهوره الباهت. يعكس ذلك غيابه عن كأس العالم قطر 2022.

الرعاة حاضرون
ما تبقّى من أوجه الصين الكروية يقتصر بغالبيته على عقود الرعاية. يظهر ذلك بلغة الأرقام خلال «المونديالين» الماضيين.
الجمهورية الشعبية تصدّرت شركات الرعاية في كأس العالم روسيا 2018 بواقع سبعة رعاة. تكاليف إعلانات الرعاة التجاريين ناهزت مليارين وأربعمائة مليون دولار حينها، أنفقت الشركات الصينية منها ثمانمائة وخمسة وثلاثون مليوناً، أي ما يفوق ضعفَي إنفاق الشركات الأميركية البالغ أربعمئة مليون دولار.
وفي نسخة مونديال قطر، قدّمت الشركات الصينية إيرادات رعاية أكثر من أي دولة أخرى، بواقع مليار وأربعمائة مليون دولار بمقابل مليار ومئة مليون للشركات الأميركية، وفقاً لشركة التحليلات والاستشارات البريطانية «GlobalData».