وربما لن يطول الأمر أيضاً حتى يلمع اسم الشقيق الأصغر أليكس (17 عاماً) الذي يلعب لصالح الفريق الجامعي لميلووكي، والذي اعتبره يانيس أنه سيكون أفضل الأشقاء الأربعة في كرة السلة. في ظلّ وجود مواهب شابة كهذه، يمكن الجزم أن معظم فرق الدوري الأميركي للمحترفين تأمل ألا يرتقي أخوة يانيس أبداً إلى مستوى إمكاناته، لأنه في حال حصل ذلك، فإنهم سيشكلون مجموعة تبثّ الرعب في قلب خصومهم، كما أنهم سيسيطرون على الألقاب الفردية، وربما الجماعية إذا ما التقى اثنان منهم أو ثلاثة ربما في فريق واحد. وكما اعتادت الجماهير خلال الكثير من قصص نجوم الكرة، فإنّ التألق غالباً ما يكون خلفه ماض قاس.
نشأ الأخوة الأربعة في ضاحية سيبوليا في العاصمة اليونانية أثينا لأبوين مهاجرين من نيجيريا. وبالمناسبة، ثاناسيس، على عكس ما هو متداول، ليس الابن الأكبر للأسرة. فرانسيس البالغ من العمر 31 عاماً هو الأخ الأكبر، وهو الوحيد من بين الأخوة الخمسة الذي لم يولد في اليونان. عندما انتقل والداه إلى اليونان بقي في نيجيريا حيث ترعرع مع جدّيه، قبل أن ينضم لاحقاً إلى أسرته. وعلى عكس سائر أخوته، عرف فرانسيس نجاحاً كلاعب كرة قدم، وهو يلعب حالياً في صفوف أحد أندية دوري الدرجة الثانية في اليونان. إذاً أربعة أشقاء يمارسون كرة السلة بمستوى احترافي، وشقيق خامس امتهن كرة القدم.
نشأ الأخوة الأربعة في ضاحية سيبوليا في العاصمة اليونانية أثينا لأبوين مهاجرين من نيجيريا
بطبيعة الحال وكون الوالدين مهاجرَين ولا يملكان أوراقاً ثبوتية نيجيرية أو يونانية، فإنهما واجها المشاكل في الحصول على وظيفة في البداية. لذلك، اضطر يانيس وثاناسيس للعمل، حتى إنهما اضطرا في بعض الأحيان لارتداء نفس الحذاء بسبب ضيق وضعهم المعيشي. وقد كشف يانيس سابقاً لبرنامج تلفزيوني أميركي، «اعتدنا على بيع نظارات وساعات يد، ثم بعد ذلك قمنا ببيع أسطوانات مدمجة وأقراص فيديو رقمية. كنت أفضل بائع متجول. وكان معنى أن نبيع شيئاً في يوم ما، هو أننا سنؤمن طعاماً في ذلك اليوم».
إذاً، كانت طفولة الأشقّاء صعبة. لكن اللافت في العائلة أنّ كلا الوالدين كانا رياضيين سابقَين. فيرونيكا، الأم، كانت تمارس رياضة الوثب العالي، في حين كان تشارلز، الأب، لاعب كرة قدم محترف. إلا أنّ فيرونيكا وتشارلز لم يكونا ليتوقّعا أنّه قُدّر للعائلة بأسرها بأن تنخرط في مجال الرياضة. كان يانيس وثاناسيس يلعبان كرة السلة مع الأولاد في الحي بتشجيع من والدهما، قبل أن ينضم كلاهما لاحقاً إلى فريق كرة السلة للشباب في فيلاثليتيكوس، زوغرافو.
لم يطل الأمر حتى وقع يانيس تحت أنظار مكتشفي المواهب في دوري كرة السلة الأميركي، ليوقّع «الوحش اليوناني» (Greek Freak) بعدها على عقد مع نادي ميلووكي باكس الأميركي عام 2013. إلا أنّ يانيس لم ينسَ عائلته، فهو لم يقبل عرض نادي ميلووكي إلا بعد الحصول على ضمانات، بأن عائلته ستتمكن من اللحاق به إلى الولايات المتحدة، وهو ما حصل فعلاً، ليبدأ بعدها مسلسل نجاحاته مع النادي الأميركي. في المقابل، لعب ثاناسيس في الدوري اليوناني لكرة السلة وفي الدوري الأوروبي أيضاً «يورو ليغ»، ليفوز موسم 2017-2018 بلقب أفضل لاعب في الدوري.
ورغم كل ما واجهه الأخوة أنتيتوكونمبو من صعوبات للحصول على أوراق ثبوتية يونانية، إلا أنّ ذلك لم يمنعهم من تمثيل منتخب اليونان. فيانيس لم يحصل على الجنسية اليونانية حتى عام 2013، وهو ما كان يعرقل انتقاله إلى الولايات المتحدة للّعب مع ناديه الحالي. ويشارك يانيس مع شقيقيه ثياناسيس وكوستاس في بطولة العالم لكرة السلة مطلع أيلول/سبتمبر المقبل في الصين مع اليونان. وهي لن تكون مشاركتهم الأولى، فقد سبق ليانيس وثاناسيس أن مثّلا المنتخب اليوناني، في حين أنها المرة الأولى التي توجه فيها الدعوة إلى شقيقهما الأصغر كوستاس. ثلاثة أشقاء سيرتدون قميص اليونان في المونديال السلوي، وسيكون لافتاً أن يشارك ثلاثتهم في ذات الوقت على أرض الملعب، على اعتبار أنه مشهد لا يتكرر دائماً.
من صبي صغير يتشارك الحذاء مع أخيه، إلى لاعب يملك حذاءً من شركة نايكي يحمل اسمه، واجه يانيس الكثير من الصعوبات حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم. يتقاضى «الوحش اليوناني» سابع أعلى أجر في دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين، ولا يزال المستقبل أمامه يَعد بأكثر من ذلك. حتى الآن يبدو أنّ أخوة يانيس يسيرون على خطى نجاحاته، ما يعني أنّ الـNBA سيشهد ظاهرة فريدة في حال تألق المواهب الأربع في الأعوام المقبلة.