عندما استضاف لبنان نهائيات كأس آسيا عام 2000، كانت الملاعب المحلية تعجّ بالمواهب الاستثنائية. هناك في حراسة المرمى تواجد علي فقيه وأحمد الصقر، وفي الدفاع حضر أمثال الخبير كوركين إينكبريان وفيصل عنتر، وفي الوسط كوكبة من النجوم، على غرار القائد جمال طه، موسى حجيج وفؤاد حجازي. أما الهجوم فقد اعتاد على قيادته النجم وارطان غازاريان، والخطير هيثم زين. ويضاف إلى كل هؤلاء أهم اسمين في تاريخ اللعبة بحُكم احترافهما الناجح في ألمانيا: رضا عنتر ويوسف محمد.لكن رغم ذلك، أدرك لبنان أنه لن يستطيع مجاراة أقرانه الآسيويين انطلاقاً من المجموعة التي ضمّته إلى إيران والعراق وتايلند عامذاك، فذهب إلى خطوةٍ غير مسبوقة بتجنيس نصف فريقٍ مع 5 لاعبين برازيليين هم جادير مورغنشترن، لويس فرنانديز، مارسيليو دا سيلفا، نيوتن دي أوليفيرا وجيلبرتو دوس سانتوس، وقد انضم إليهم الأسترالي محمد رضا «موكي».
رامي الحاج

في تلك الفترة لم تكن المنتخبات الآسيوية تذهب إلى التجنيس إلا نادراً، بعكس ما هو الحال عليه حالياً في منتخباتٍ كثيرة مثل الصين والإمارات وقطر التي سيقابلها لبنان افتتاحاً في كأس آسيا المقبلة. وهذه المسألة المستجدة، إضافةً إلى ما تبيّن من نواقص فنية على صعيد المراكز واللاعبين القادرين على مجاراة المستوى على الساحة الدولية، يبدو الذهاب إلى استرداد جنسية أكبر عددٍ من اللاعبين ذوي الأصول اللبنانية أمراً حاسماً قبل المشاركة في البطولة القارية، وذلك وسط استحالة منح جنسية لعددٍ كبير من اللاعبين على غرار ما حصل في كأس آسيا 2000، والدليل هو المخاض العسير الذي عاشه الاتحاد اللبناني لكرة السلة لإصدار جوازٍ سفر لبناني وهوية للأميركي عمري سبلمان لكي يرافقه إلى كأس العالم.

المونديال هدف الجميع
وكأس العالم تحديداً تدفع المنتخبات الآسيوية، وخصوصاً منتخبات الصفَّين الثاني والثالث، إلى تقديم الغالي والنفيس من أجل الوصول إلى نسخة عام 2026 بعد زيادة عدد المقاعد الخاصة بالقارة الصفراء، إذ إن عمل الكل لا ينصبّ فقط على الظهور بشكلٍ جيّد في كأس آسيا بل أيضاً تشكيل منتخبٍ قوي من أجل التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم.
من هنا، تذهب المنتخبات ومنها المحيطة بنا كالمنتخب السوري مثلاً، إلى إغراء اللاعبين المتاحين للانضمام إليها عبر دفع الأموال لهم، وهو السبب الذي كان وراء قبول اللاعب المولود في أستراليا مودي نجار الالتحاق بالمنتخب السوري.
وبحسب معلوماتٍ خاصة لـ»الأخبار»، فقد فتح الاتحاد اللبناني خطاً لاستقطاب نجار إلى تشكيلة «رجال الأرز»، وشرع في التواصل مع والده اللبناني الجنسية من أجل هذه الغاية. لكنّ مصدراً اتحادياً أشار بأسف إلى أن اللاعب ووالده استغلا هذا التواصل لرفع المبلغ الذي طلباه من السوريين (حُكي عن 100 ألف دولار) وسط محاولات هؤلاء لجذبه إليهم كون والدته سورية، وهو ما نجحوا فعلاً في القيام به.
من أوروبا وأميركا اللاتينية وأستراليا مجموعة من الأسماء اللبنانية مرشّحة للانضمام إلى المنتخب الوطني


بحثٌ مكثّف عن المغتربين
خسر لبنان فرصة الاستفادة من وجود لاعبٍ أشوَل بإمكانه حتى ملء الفراغ في مركز الظهير الأيسر إذا اضطر الأمر، لكنّ العمل لم يتوقف في عملية البحث عن مغتربين آخرين والتواصل معهم من أجل ضمان استرداد جنسيتهم اللبنانية وتعزيز صفوف المنتخب الذي يبدو بحاجةٍ ماسّة إليهم كون المؤشرات الفنيّة، تدلّ على أن عدد اللاعبين الذين بإمكانهم التواجد في التشكيلة الأساسية في كأس آسيا ليس بكثير.
وعلمت «الأخبار» من مصادر خاصة أن عملية مواكبة البحث عن لاعبين مغتربين باتت مكثّفة أكثر من أي وقتٍ مضى، وتحوّلت قضية استرداد جنسية البعض منهم إلى أولوية عند الاتحاد، وهو ما دفع رئيسه هاشم حيدر إلى زيارة وزير الشباب والرياضة جورج كلاس للطلب إليه طرح بندٍ استثنائي في مجلس الوزراء لتأمين حصول الأخوين الكسندر وماتياس سكر على الجواز اللبناني بغية نقل جنسيتهم الكروية الدولية من البيرو إلى لبنان.

ليوناردو شاهين

طبعاً استقدام أي لاعب للانضمام إلى منتخبنا ليس بالخطوة البسيطة بل دونه عقبات، فهناك أوّلاً إيجاد خطوط التواصل الصحيحة بمعنى الوصول إلى مفتاح اللاعب، وقد يكون أحياناً أحد أفراد عائلته أو وكيل أعماله. أضف إلى العمل على إقناعه بجدوى الانضمام إلى المنتخب اللبناني والإضافة التي ستقدّمها إليه هذه الخطوة، وهي مسائل ليست سهلة وتحتاج ربما إلى مفاوضين أذكياء ومتخصصين في هذا الشأن.

رادار المواهب يرصد
وفي خضمّ هذا العمل رصد رادار «الأخبار» عدداً كبيراً من اللاعبين ذوي الأصول اللبنانية الذين يمكنهم أن يفيدوا المنتخب بشكلٍ كبير، لكن بينهم من يبدو مستحيلاً ضمّه أقلّه في الفترة الحالية، أمثال جناح ألكمار الهولندي مايكل لحدو المرشّح الدائم للانضمام إلى منتخب السويد الأول، وباتريك يزبك لاعب وسط فايكينغ النروجي، الذي يبرز اسمه كلاعب أساسي دائم في المنتخب الأسترالي الأولمبي ويُعدّ إحدى أبرز المواهب المستقبلية.
رامي نجارين

وفي أستراليا هناك رامي نجارين (23 عاماً) الذي لعب لكل المنتخبات الأسترالية دونها المنتخب الأول، وينشط مع فريق وسترن يونايتد في مركزَي الجناح والوسط المهاجم، بينما يمكن الاستفادة من لاعبٍ آخر من السويد هو أندريه شربل نادر (25 عاماً)، وهو يشغل مركزاً في خط الوسط مع فريق أوسترسوند، وقد سجّل أرقاماً جيّدة بحسب موقع «ترانسفرماركت» المتخصّص بينها 11 هدفاً و10 تمريرات حاسمة في 13 مباراة قبل تعرضه للإصابة. علماً أن السويد تُعدّ رافداً مهماً للاعبين اللبنانيين (بحُكم هجرة الكثير من العائلات إليها خلال الحرب) على غرار الأخوين أليكس وفيليكس ملكي ومحمد الدهيني، إذ تبدو هناك مؤشرات إيجابية إلى ضم ليوناردو شاهين (19 عاماً) مهاجم فريق كفيدينغ، وربما لاعب الوسط المهاجم رامي الحاج (21 عاماً) المولود في بيروت، والذي دافع عن ألوان منتخباتٍ سويدية في الفئات العمرية، وقد برز اسمه مع هيرينفين الهولندي الذي انتقل منه إلى أودينسي الدنماركي.
أندريه نادر

كذلك هناك جورجيوس نعوم (22 عاماً) مع أيك لارنكا القبرصي، وهو لاعب وسط مهاجم ذكر مصدر على تواصلٍ معه لـ»الأخبار» أنه يبدو منفتحاً على القدوم للعب مع لبنان، لكن ليس قريباً بسبب تعرضه لإصابة في الوتر الصليبي لركبته حيث يحتاج إلى حوالي الشهرين للتخلص من آثارها نهائياً. كما أن هناك اسماً مثيراً للاهتمام بشكلٍ كبير وهو كريم صعب (22 عاماً) الذي يلعب كظهير أيمن مع فريق ديبورتيفو لا غايرا الفنزويلي، وقد سبق له اللعب مع فريق مينيروس دي غوايانا الذي يزيّن قميصه اسم بيروت والأرزة استناداً إلى الراعي الرسمي له وهو مطعم بيروت الذي يُعدّ أحد أشهر مطاعم البلاد.
كل هؤلاء واستناداً إلى أعمارهم ومراكزهم يمكن أن يكونوا عماد منتخبٍ مميّز مستقبلاً إذا ما تمكن لبنان من إقناعهم بالدفاع عن ألوانه، والطُّعم يبدو مغرياً: محاولة التأهل واللعب في نهائيات كأس العالم التي تبدو بعيدة المنال عنهم في حال تمسّكوا بجنسياتهم الكروية الحالية.