يُحكى أن صفقات قياسية أكبر من تلك التي حُكي عنها في نهاية الأسبوع الماضي ستعرفها لعبة كرة السلة، التي ما إن أغلق موسمها صفحته الأخيرة، حتى هبّت أندية الطليعة إلى السوق مدركةً بأن منافسة قوية تنتظرها، لأن طموحات الكل هي تشكيل أقوى فريقٍ ممكن للوصول إلى اللقب في الموسم المقبل.هذه المسألة تجلّت في عدم نوم الرياضي على المجد الذي حصده، فسارع إلى تجديد عقود نجومه قبل نهايتها، وطبعاً في الخطوة الصادمة التي نقلت أبرز لاعبي نادي الحكمة ومدربهم إلى نادي بيروت، والسبب برأي الكثيرين في إغلاق كل هذه الصفقات في وقتٍ قياسي هو عنصر المال الذي كان مؤمّناً في خزينة الناديين لتحقيق ما سعيا إليه.
لكن المتابع عن كثب لملف الانتقالات في كرة السلة اللبنانية يدرك جيّداً بأن تحركات الفرق كانت قد بدأت منذ أكثر من شهر، وخصوصاً وسط وجود عددٍ كبير من اللاعبين الذين تنتهي عقودهم مع نهاية الموسم، لكن غالبية الاتصالات توقفت لسببٍ مشترك غالباً، وهو المبالغ التي طالب بها اللاعبون الذين ينتمون إلى المستوى الأول، مقابل التوقيع لموسمٍ واحد فقط. ففي معلومات خاصة لـ«الأخبار» طالب نجمٌ دولي بـ240 ألف دولار لقبول تغيير ألوان فريقه، وهو ما حصل لقاء مبلغٍ أكبر بحسب ما تردد. كذلك، لم يتردّد لاعبٌ دولي آخر لكنه احتياطي في فريقه بالمطالبة بـ120 ألف دولار لتمديد عقده مع فريقه، الذي وجد أنه يستحقها بسبب دوره الهام في تشكيلته.
هذه الأرقام مجرّد عيّنات بسيطة عمّا عرفه السوق من رمي أرقامٍ جنونية في «بازار» العرض والطلب، لكن اللافت أكثر كانت ردّة فعل بعض الأندية إيجاباً بتأمينها المطلوب لإغلاق صفقات كبيرة، لم يكن أحد يتوقع أن تتمّ مقابل هذا الكمّ الكبير من المال، والذي سيلعب بلا شك الدور الأول في تغيير صورة البطولة في الموسم الجديد.
صحيحٌ أن ما يحصل يطمئن لناحية تعافي أبرز الفرق مادياً وجذبها الداعمين بعد موسمٍ ناجح وجماهيري عرفته اللعبة، لكن الخوف هو من اتساع الهوة مع العديد من الفرق التي بدا واضحاً أنها لم تكن قادرة على مجاراة أصحاب المال والأسماء الكبيرة، فكانت مجرد جسر عبور لها، وهي بالتأكيد لا يمكنها أن تجاريها في السوق، ما فتح الباب على كلامٍ في الأيام الأخيرة حول عدم ممانعة البعض الذهاب نحو الاعتماد على ثلاثة أجانب في كل فريق كون هذه الخطوة ستكون أوفر بالنسبة إلى أندية الصف الثاني بالنظر إلى «مغالاة» اللاعبين المحليين في مطالبهم المالية، ولو أنهم يدركون أن الفكرة غير متداولة، أقلّه حالياً على الصعيد الرسمي.

كرة القدم بالعملة الصعبة
وقد تبدو الأمور أكثر سهولة في كرة القدم، لكن الواقع انه بالاستناد إلى الميزان المالي للعبة وما تقاضاه أكثرية اللاعبين في الموسم الماضي، يعكس صورةً مغايرة، حيث إن المطالب التي وصلت إلى الأندية لم تكن بسيطة أبداً.
ففي المعدل العام لحسابات استقدام اللاعبين الأجانب، بدا أن الـ60 ألف دولار بدلاً للعقد في الموسم الواحد هو رقمٌ مقبول عند الأندية المنافسة تحديداً، لكن أن يصل لاعبون محليون لم يرتقوا إلى المستوى الأول الذي يضم اللاعبين النجوم، للمطالبة بهذا الرقم أو بأقل بشكلٍ طفيف، فإن مشكلة فعلية قد تواجهها تلك الأندية الساعية إلى تعزيز صفوفها أو تحسين تشكيلاتها.
مطالبات بأرقام خيالية في كرة السلة وبأضعاف ما عرفه الموسم الماضي في كرة القدم


وبحسب المعطيات فإن أي لاعب تقاضى 15 ألف دولار في الموسم الماضي، قد لا يقبل بأقل من الضعف في الموسم الحالي، وخصوصاً أن اللاعبين خسروا الكثير في العامين الأخيرين بفعل خسارة الليرة اللبنانية لقيمتها بشكلٍ رهيب، وهم الذين ارتبطوا بعقودٍ تحكمها العملة المحلية.
من هنا، فُتح باب التفاوض على مرحلةٍ جديدة، وعلى مطالبات بعقودٍ ترتبط قيمتها بالعملة الصعبة حصراً، وهو ما أزعج رئيس أحد أندية الطليعة الذي رفض بدايةً تلبية مطالب بعض لاعبيه، لكنه ما لبث أن تراجع عن هذا القرار تماشياً مع الواقع الجديد قبل أن يخسر عناصره الأساسية، ولو أن حركة السوق في كرة القدم تبدو أبطأ بكثير من نظيرتها السلوية.
بكل الأحوال، وفي خضم مواجهة الأندية لمطالب استثنائية في مكانٍ ما، بدا أن هناك إيجابية مبكرة في اعتماد عنصرٍ أجنبي رابع في البطولات ابتداءً من الموسم الجديد، وخصوصاً أن أسعار اللاعبين الأجانب القادمين إلى لبنان تحكمها التنافسية، فبات بإمكان الأندية اللبنانية إيجاد التوازن في الميزان المالي بين ما تدفعه لتعزيز صفوفها بلاعبين محليين لقاء رواتب مقبولة، وبين ما يمكنها أن تضمّ من أجانب جيّدين بأسعارٍ منطقية، ولو أن مفاجأةً يحضّرها احد فرق الطليعة الساعي إلى تغيير معادلة السوق عبر استعداده للتعاقد مع مهاجمٍ رفيع المستوى بسعرٍ قد يُراوح بين الـ 100 والـ 120 ألف دولار في الموسم الواحد.