لم ينتظر نادي العهد إعلان الاتحاد اللبناني لكرة القدم تتويجه رسمياً بطلاً للدوري على حساب الأنصار بعد اللقاء الشهير بينهما في ختام البطولة، حتى ذهب إلى إحداث خضّة كبيرة بكشفه عن تعاقده مع أحد أبرز نجوم الفريق الأخضر المهاجم الدولي كريم درويش.الإعلان السريع عن هذه الصفقة كان مفاجئاً ومستغرباً، لتليها خطوات مشابهة في الأنصار والنجمة، وأخرى غير معلنة في أندية أخرى، وذلك في سابقةٍ بالنسبة إلى الأندية اللبنانية التي اعتادت على الدخول في سباتٍ عميق لفترةٍ طويلة قبل أن تصحو قبل شهرٍ أو أقل على انطلاق الدوري، فتعمل على إبرام غالبية الصفقات التي تحتاج إليها محلياً وأجنبياً.
حسم العهد صفقة كريم درويش بشكل سريع (حسن بحسون)

وهذه المسألة بالتحديد دفعت الأندية إلى العمل بشكلٍ مبكر على ضمّ اللاعبين الجدد، وخصوصاً تلك التي أبقت على مدربيها، إذ تعرف تماماً ما تحتاج إليه لسدّ ثغراتها للموسم المقبل، والسبب أن عدداً كبيراً من صفقات اللحظات الأخيرة سجّل فشلاً ذريعاً بحيث لم تستفد الفرق منه، وتحديداً في ما خصّ اللاعبين المحليين المفترض أن يكونوا مؤثرين لكنهم لم يندمجوا مع فرقهم الجديدة بسبب ضيق الوقت أو احتاجوا إلى فترةٍ لا بأس بها من اجل الانغماس في الأجواء وترك انطباعٍ جيّد، لكن غالباً بعد فوات الأوان. هو الأمر عينه في ما يخصّ العنصر الأجنبي الذي تمّ استقدامه دون إخضاعه لفترة تجربة كافية، فكانت النتيجة الاستغناء عنه لعدم الاستفادة من مردوده، وخير دليل على هذا الكلام ما عرفه نادي النجمة في الموسم المنتهي.

تحرّك سريع
هذا الأخير سار على خطى العهد ووقّع مع أحد نجومه وهو ربيع عطايا، وهي خطوةٌ قد تكون مفيدة بالنظر إلى حاجة النجمة لدعم تشكيلته بلاعبين يمكنهم إحداث الفارق في الظروف المختلفة، وقد ذهب إليها بهذا الشكل السريع لسببٍ معيّن، وهو تفادي الدخول في «بازار» الأسعار الذي يمكن أن يرفع من المطالب المالية للاعب في فترةٍ لاحقة، وخصوصاً في ظل الحديث عن اهتمام اكثر من نادٍ بالحصول على خدماته، وعلى رأسهم فريقه السابق الأنصار بحسب ما تردّد.
ومسألة الهروب سريعاً من احتدام المنافسة على الأسماء المميزة هي ما أخذ أنديةً كثيرة إلى محاولة إبرام صفقاتها المحددة من دون تردد وبشكلٍ مبكر لتقطع الطريق على منافسيها، إذ إن هذه الأسماء تبدو قاسماً مشتركاً بين الكثير من هذه الفرق، وقد بدا هذا الأمر جليّاً في الاتصالات التي تلقاها السلام زغرتا لضمّ حارسه الدولي انطوان دويهي أقلّه من ثلاثة أندية هي العهد، الصفاء، والحكمة. والأمر عينه بالنسبة إلى نجم وسطه البرازيلي فينيسيوس كالاماري الذي وقّع بالفعل على عقد انضمامه إلى الحكمة.
وينطبق هذا الكلام أيضاً على المهاجم الدولي لفريق البرج محمد صادق الذي كان اسمه السبب في فشل انتقال خمسة نجومٍ من الأنصار إلى البرج على سبيل الإعارة للمشاركة مع الأخير في بطولة الأندية العربية، حيث لم يتوصل الطرفان إلى اتفاقٍ مالي حول الصفقة، رغم أن البرج كان مصرّاً بأنها، وبشكلٍ منطقي، منفصلة تماماً عن مسألة استعارته لاعبين من الفريق الأخضر من دون شروط، وذلك على شاكلة ما بادرت أندية أخرى إلى القيام به من منطلقٍ وطني لمساعدة فريق منطقة برج البراجنة على تمثيل الكرة اللبنانية خير تمثيل على الساحة الخارجية.
سوق الانتقالات سيشتعل قريباً بأسماء نجومٍ كثيرين متاحين للانتقال إلى فرقٍ جديدة


ورغم تعثر انتقاله إلى الأنصار بقي اسم المهاجم الطرابلسي السابق مطروحاً على الطاولة، إذ أشار مصدر برجي رسمي لـ «الأخبار» إلى أن ناديه لن يقبل أي عرضٍ من الأنصار بخصوص لاعبه الشاب لا بل إنه مستعد للاستغناء عنه لمصلحة غريم الأخير النجمة بسبب انزعاج إدارته مما أقدمت عليه الإدارة الأنصارية، ليكون صادق مكسباً للفريق «النبيذي» بحُكم إمكاناته الفنيّة وسنّه الصغيرة التي ستسمح بالاعتماد عليه لفترةٍ طويلة، وما التعاقد معه إلا خطوة ممتازة إن حصلت، إذ إن عدداً لا يستهان به من لاعبي الفريق تقدّموا بالسنّ، وبالتالي فإن الحاجة إلى إضافة المزيد من الدماء الشابة هو ضرورة قصوى. علماً أن اجتماعاً عُقد بين البرج والصفاء في نهاية الأسبوع الماضي بعدما أبدى الأخير اهتماماً به أيضاً، لكن أي قرار لن يتخذ قبل عودة اللاعب من مهمته مع المنتخب اللبناني.

سوق مشتعلة مرتقبة
لكن مع وصول عطايا وتوقيعه بصورةٍ مفاجئة عقداً لمدة ثلاث سنوات رغم انه يبلغ الـ 33 من العمر، واحتمال انتقال صادق إلى الفريق البيروتي الشعبي، تُطرح علامة استفهام حول الدور الذي سيكون منوطاً بالشاب الآخر خليل بدر الذي قدّم موسماً مميّزاً مع الفريق حيث شغل الجناحين، وهما المركزين اللذين ينتظر أن يشغلهما عطايا وصادق.
بدر بلا شك سيكون حديث سوق الانتقالات في الفترة القريبة المقبلة، وذلك مع اقتراب انتهاء عقده مع النجمة، ووسط كلامٍ عن تلقيه عرضاً خارجياً، وعن رغبةٍ أنصارية في ضمّه، وهي مسألة غير مستبعدة، إذ إن شريحةً لا بأس بها من جمهور الأنصار تقطن في مسقط رأس اللاعب ويحاول الكثيرون من أفرادها التأثير عليه للانضمام إلى «الزعيم»، الذي يبدو بحاجةٍ إلى إعادة بناء تشكيلته في ظل انتهاء عقود العديد من لاعبيه، أمثال حسين الدر، يحيى الهندي، خالد محسن، احمد حجازي، غازي حنيني، حسن شعيتو (شبريكو)، أنس أبو صالح، التونسي حسام اللواتي والمالياني إيشاكا ديارا وغيرهم... ولهذا السبب وافق على شروط لاعب وسطه علي طنيش الذي قال إنه فاوض العهد والنجمة ولقي اهتماماً من الصفاء من دون أن يتوصل إلى أي اتفاق مع أيٍّ منهم.
«السيسي» يبدو حاجةً بالتأكيد، وخصوصاً مع نهاية عقد الهندي والحديث عن عدم رضى نادر مطر عن دوره في الموسم المنتهي، ما قد يجعله يطلب الرحيل، وهي المسألة التي يعيشها اكثر من نجمٍ في الدوري، وقد تشعل سوق الانتقالات، إذ إن حسن كوراني يعيش نفس الحالة في النجمة، بينما ستتأجج نار السوق عند إعلان الأسماء التي سيستغني عنها العهد، ويُقال إنها كثيرة مع توجّه المدرب السوري رأفت محمد إلى البقاء وفرض خياراته الفنية، وهو الذي استلم الفريق بعد انطلاق الموسم، وقاده إلى اللقب التاسع في تاريخه.