70 مباراة «دربي» بين «الأخضر» و«النبيذي» في الدوري عرفتها كرة القدم اللبنانية (فاز الأنصار في 22 منها، النجمة في 22، وتعادلا 26 مرّة)، قلّة منها كان بالإمكان توقّع اسم الفائز فيها قبل انطلاقها، فهذه المواجهة بالتحديد تحمل خصوصية استثنائية، وهي مسألة يعرفها كل متابع للعبة.وبالتأكيد لا تختلف الصورة أبداً عند الحديث عن لقاء الأحد بين قطبي بيروت اللذين تفصل بينهما 4 نقاط، إذ إن الحسابات كلها اختلفت مع انطلاق السداسية، واختلف معها أداء الفريقين، وتحديداً النجمة الذي كان قد عرف مرحلة تجديد شبه شاملة أفرزت فريقاً شجاعاً ومجتهداً وخطيراً في آنٍ معاً.
من هنا، يمكن التوقف والإضاءة عند نقاط قوة محدّدة عند الفريقين قد تبدو مختلفة عن تلك التي عرفها المتابعون عنهما عشية لقائهما الأول هذا الموسم، والذي بدأ في يوم سبت وانتهى الاثنين بفوز الأنصار (2 ـ 1) إثر الأحداث الجماهيرية التي ستحرم مشجعي النجمة من التواجد في المدرجات لمؤازرة فريقهم بفعل العقوبة التي أنزلت بحقهم.
هذه المسألة تعدّ نقطة ضعف بالنسبة إلى فريقٍ مثل النجمة، إذ بدا جليّاً في تلك المواجهة بأنه كان بإمكانه الخروج فائزاً بحكم الضغط الذي يقوم به جمهوره على الخصم، لكن ما إن أقيمت المباراة خلف أبوابٍ مغلقة حتى كسبها الأنصار بهدوء وببرودة أعصاب.

قوة إضافية في النجمة
لكن للنجماويين نقاط قوة جديدة، تتمثّل أوّلاً بنوعية الكرة التي يلعبها الفريق حالياً بعد وصول المدرب البرتغالي باولو مينيزيس القادر على إرباك الأنصار من خلال ذهابه غالباً إلى الضغط على حامل الكرة، إضافةً إلى ترجمة الاستحواذ إلى سلسلة تمريرات سريعة يمكن أن تنقل الفريق بسرعة باتجاه الهجوم الذي يسبق في أحيانٍ كثيرة ارتداد الخصم إلى الدفاع.
أهم قمّة في السداسية قد تغيّر نتيجتها موسم المتصدر أو كل ملاحقيه


وفي هذه النقطة يبرز مجهود البرتغالي فيتور باراتا من خلال صناعته للعب، والوافد حديثاً كريم أبو زيد من خلال مجهوده الدفاعي لاستعادة الكرة ودقته في التمرير، وهي مسائل يشدّد عليها مينيزيس خلال التمارين بحيث يستعرض ملخّصاً أمام كل لاعب بعد انتهاء كل حصة، ليوضح له الإيجابيات والسلبيات.
لكن ما يعيب النجمة أحياناً هي مبالغة بعض لاعبيه في المبادرات الهجومية، بينما تكمن نقطة قوة أخرى على هذا الصعيد في وجود البرازيلي جيفينيو كلاعب محطة يمكن الاستناد إليه لإطلاق الهجمات.

الأنصار بهجومه المتفوّق
وبالحديث عن الهجوم لا أحد يفوق الأنصار بهذا الخصوص، فقوته تكمن في الفعالية الكبيرة التي يملكها، والتي جعلته يسجّل 34 هدفاً نصفها لـ «السفاح» السنغالي الحاج مالك، وهو الذي وقّع على هدفين أقل من فريق النجمة بأكمله!
النقطة الإيجابية الأخرى في الأنصار هي في مقعد بدلائه، إذ إن غالبية عناصره التي تتواجد على مقاعد الاحتياط يمكن أن تدخل لتغيّر من مستوى الفريق لترجّح أفضليته، وهو ما حصل في اللقاء الأخير أمام البرج عندما دفع المدرب جمال طه بالثنائي الأساسي عادةً، نادر مطر وحسن معتوق، فدانت السيطرة المطلقة لـ «الزعيم»، الذي خرج فائزاً بهدفين نظيفين.

هذه المواجهة بالتحديد بين النجمة والأنصار تحمل خصوصية استثنائية (طلال سلمان)

طبعاً كل نقاط القوة هذه تتوقف عند التوازن الذي يمكن لـ «الغزال الأسمر» أن يخلقه بمواجهة أسلوب مينيزيس، وذلك عبر اختيار الأسماء المناسِبة من مروحة اللاعبين التي يملكها، وخصوصاً بعدما بدا أنه يفاجئ الكل أحياناً في خياراته الأساسية ولا يمانع مبدأ المداورة أبداً حتى لو ارتبط الأمر بحراسة المرمى حيث قدّم هذا الموسم في مناسباتٍ كبيرة عدة الشاب هادي كنج على حساب صاحب الخبرة نزيه أسعد.
الخبرة في التعامل مع هذا النوع من المباريات والأسماء أيضاً قد تصبّ في مصلحة الأنصار، لكن نقطة ضعفٍ تبرز أحياناً وهي البطء في عملية البناء، إضافةً إلى غياب عنصر المفاجأة في الهجمات التي تتركّز كثيراً على طرفَي الملعب من دون تكثيفها في العمق الذي كان الحلّ للدفاع المحكم الذي فرضه البرج الأسبوع الماضي، فكانت التمريرة الحاسمة من علي طنيش «سيسي» إلى الحاج مالك الذي فعل أكثر ما يجيده وهو هزّ الشباك.
بطبيعة الحال، قد يغيّر هذا اللقاء المسماري من صورة البطولة بالنسبة إلى الأنصار، وبالنسبة إلى كل ملاحقيه الآخرين، فإما يصيبهم بخيبة ويسير بثبات نحو منصة التتويج، وإما يتلقى ضربةً قد تكون نقطة تحوّل في موسمه المميّز حتى هذه اللحظة حيث لا يزال الوحيد بسجلٍّ نظيف ومن دون أي خسارة.