بعد أن دخلت غالبية الأندية اللبنانية إلى مرحلة السداسية بتغييرات ارتبطت باللاعبين الأجانب، ها هي تسلك طريقاً مختلفاً لناحية ذهاب بعضها إلى تبديلٍ فني يتمثّل بتغيير المدرب، وهو ما حصل أمس مع فكّ ارتباط كلٍّ من العهد والصفاء بمدربَيهما، وبدء الكلام عن عدم ممانعة أندية أخرى القيام بخطوة مشابهة.في الواقع هي مسألة غير مستغربة، إذ إن أكثر من يحيط بهم الضغط حالياً هم المدربون، إن كان أولئك الذين يشرفون على فرق سداسية الأوائل أو نظرائهم الذين يتواجدون على رأس الأجهزة الفنية لفرق سداسية الأواخر. ففي النصف الأول من الترتيب هناك خمسة مدربين مطالبون باللقب، بينما يقبع السادس تحت ضغط تحدي عدم تلقي خسائر كبيرة أمام فرقٍ تتمتع بإمكانات محلية وأجنبية أفضل.
أما في النصف الثاني من اللائحة، يعرف كل مدرب أنه قد يرتاح لأسبوع ويتعب لأسابيع أخرى، إذ بكل بساطة الكل مهدد بالهبوط إلى الدرجة الثانية، والأمور صعبة على الجميع انطلاقاً من تقارب المستوى بين الفرق وعدم إمكانية منح الأفضلية لفريقٍ على آخر قبل اللقاءات، والدليل ما حصل في المباراة بين طرابلس والصفاء والتي فاز فيها الأول بعدما كان الفريق الوحيد الذي لم يحقق أي انتصار هذا الموسم، وعلى رغم أنه لعب منقوصاً طوال 75 دقيقة أمام فريقٍ فوّت في الأمتار الأخيرة فرصة التواجد في دائرة الكبار!

الأجنبي مطلوب
إذاً تغييران فوريان حملا اسمي باسم مرمر من العهد ويوسف الجوهري من الصفاء، وبديل الأول هو السوري رأفت محمد، والثاني المحلي موسى حجيج.
بطبيعة الحال لا يتوقف الأمر عند الأسماء التي أقيلت أو استقالت هذا الموسم بل عند الضغوطات التي يرزح تحتها المدربون اللبنانيون، وخصوصاً في ظل كلامٍ متواصل عن تخلي هذه الإدارة أو تلك عن مدربها، والسبب عدم رضاها عن تطوّر الفريق. وفي هذا الإطار انصب كل الكلام في كل مناسبة من هذا النوع عن أهمية استقدام مدربٍ أجنبي ودوره التطويري، لكن جموداً أصاب مشاريع من هذا النوع في أكثر من نادٍ بسبب عدم توافر العملة الصعبة للقيام بهذه الخطوة، بينما لم يستسلم البعض لأي ظرفٍ وبدا الإصرار كبيراً للتعاقد مع مديرٍ فني من الخارج. وهذا ما حصل بالفعل في نادي النجمة أوّلاً عند توقيعه مع البرتغالي فيليبي موريرا الذي قاده في لقاءٍ واحدٍ فقط أمام التضامن صور، ومن ثم بقدوم مواطنه باولو مينيزيس قبل انطلاق السداسية، وقد ظهرت لمساته وأفكاره بشكلٍ واضح في القمّة أمام العهد حيث بدا «النبيذي» أكثر تنظيماً وأفضل تكتيكياً من نواحٍ عدة، فرضتها خيارات المدرب الجديد في ما خصّ أسماء لاعبيه الأساسيين، وأيضاً في المقاربة المعتمدة على الضغط الحالي وترابط الخطوط.

تغييران مختلفان
هذه المباراة بالتحديد شكّلت نهاية المشوار بالنسبة إلى مرمر، إذ إن عدم تحقيق الفوز فيها كان أشبه بالخسارة لأنه وضع الفريق على بُعد 4 نقاطٍ من الأنصار المتصدر، وقد عكست مؤشرات بالنسبة إلى القيّمين بأن الوضع يحتاج إلى تعديلٍ في المسار، إذ إن بطل الموسم الماضي لم يقدّم مستوى ثابتاً منذ انطلاق البطولة لا بل إنه لم يقدّم في مبارياتٍ كثيرة أي شيء يترك انطباعاً بأنه سيكون قادراً على الاحتفاظ بلقبه، وذلك على رغم أن الإدارة العهداوية لم توفّر حتى الآن أي دعمٍ لاستقدام ما يحتاجه الفريق من لاعبين محليين وأجانب.
الواضح أن قرار الافتراق عن مرمر اتُخذ قبل لقاء العهد مع النجمة


وعلى رغم أنه لا يمكن تحميل المدرب المسؤولية الكاملة عن أي ظهور سلبي للفريق، فإن الواضح أن قرار الافتراق عن مرمر لم يكن وليد الصدفة كونه حصل بعد أقل من 24 ساعة على التعادل السلبي مع النجمة، والدليل أن خليفته المدرب السوري رأفت محمد ظهر في ملعب العهد بعد ظهر أمس إيذاناً باستلامه الإشراف على الفريق، ليذهب العهد في نفس الاتجاه الذي سلكه أكثر من نادٍ هذا الموسم، وهو الاستعانة بالخيار الأجنبي، لتصبح نصف الفرق تحت قيادة مدربين أجانب بينها أربعة في سداسية الأوائل. علماً أن محمد كان قد أشرف على فريق تشرين في بلاده لفترةٍ قصيرة قبل أن يستقيل من تدريبه في تشرين الأول الماضي بعد ثلاث مبارياتٍ فقط معه، وهو سبق له تدريب ناديي الجيش والوحدة الدمشقي، إضافةً إلى المنتخب السوري الأولمبي.
في المقابل، سلك الصفاء طريقاً مغايراً بإعادته حجيج إلى الساحة بعد أيامٍ قليلة على انتهاء مسألة إيقافه، آملاً بأن يستفيد من خبرته في العمل مع أكثر من فريقٍ لبناني وتفهمه الصعوبات الموجودة في الفريق لإبعاد شبح الهبوط عنه، بعدما سقط إلى الدرجة الثانية في الموسم الماضي ولم ينقذه سوى انسحاب شباب البرج من دوري الأضواء ليأخذ مكانه بين الفرق الـ 12.
ويفترض أن يبدأ حجيج رسمياً عمله اليوم مع الفريق الصفاوي الذي يملك خامات جيّدة يمكنه أن يبني عليها، إضافةً إلى عنصرٍ أجنبي جيّد يتمثّل بالمهاجم السنغالي أدرامي ديالو، وآخر قَدِم حديثاً إلى الفريق وهو الهايتي فريدينو مونبرومييه الذي سجّل له الهدف الوحيد في مباراته الأخيرة وقدّم أداءً مقبولاً في أول إطلالةٍ له.