رغم كل الأزمات التي عرفها لبنان ولا يزال، يمكن القول أن سنة 2022 حملت نفحة أمل من خلال الرياضة التي أضفت جواً إيجابياً مختلفاً في ظلّ عيش اللبنانيين في دائرة السلبيات يومياً.صحيحٌ أن الإنجازات الخارجية لم تكن كثيرة لكن تلك التي تحققت منها أثلجت القلوب وتركت أملاً، إذ ببساطة لم تعرف البلاد أي شيء إيجابي طوال 12 شهراً إلا من خلال رياضيّيها، ولم يعرف اللبنانيون الفرح سوى في مدرجات الملاعب التي غصّت بهم سواءً في كرة القدم أو في كرة السلة.
هذه الأخيرة كانت نجمة الرياضات المحلية، إذ بالكاد مرّ شهرٌ من دون أنباء إيجابية من خلال الإنجازات المختلفة لمنتخباتها، ناهيك عن نهائي رائع لبطولة لبنان شهد في ختامه تتويج بيروت باللقب للمرة الأولى في تاريخه على حساب الرياضي.
مجموعة الإنجازات القارية والعالمية السلوية كان بطلها الأول منتخب لبنان للرجال الذي تصدّر العناوين العريضة على مدار أشهر، فهو تُوّج بلقب بطولة العرب في دبي الإماراتية بعد فوزه على نظيره التونسي القوي في المباراة النهائية.
منتخبنا لم يكتفِ باللقب العربي بل زيّنه بإنجاز بلوغ نهائي بطولة آسيا حيث خسر بصعوبة أمام أوستراليا المدجّجة بالنجوم، في إنجازٍ عكس أحقية «رجال الأرز» بالوقوف بين الكبار بعدما عادوا إلى الساحة المونديالية بتأهلهم إلى كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخهم، والأولى منذ عام 2010. كما اختير نجمة وائل عرقجي أفضل لاعب في القارة الصفراء، وهو إنجاز غير مسبوق أيضاً لأحد اللاعبين اللبنانيين.
لم يعرف لبنان أي شيء إيجابي طوال 12 شهراً إلا من خلال الرياضة وأبطالها


الإنجازات السلوية الكبيرة لم تقتصر على منتخب الرجال، إذ إن منتخب دون الـ 18 سنة فاز ببطولة غرب آسيا وتأهل إلى كأس العالم أيضاً، والأمر عينه فعله منتخب دون الـ 16 سنة ببلوغه المونديال.
كما تابعت أندية السيدات سيطرتها على اللقب العربي بعدما احتفظ نادي بيروت بالبطولة العربية للسنة الثالثة على التوالي.
بدورها، اللعبة الشعبية الأخرى أي كرة القدم عرفت موسماً حماسياً ونارياً، عاد في ختامه لقب الدوري إلى نادي العهد الذي عادل نادي النجمة بـ8 ألقاب على لائحة الأبطال عبر التاريخ، محققاً إنجازاً لافتاً على اعتبار أن هذه الألقاب جاءت خلال 15 موسماً فقط تواجد فيها الفريق الأصفر في دوري الأضواء.
أما النجمة فكان حاضراً للتعويض بإحرازه كأس لبنان على حساب غريمه التقليدي الأنصار الذي خسر اللقبين بعدما أحرز الثنائية في الموسم قبل الماضي.
وسجّلت الكرة اللبنانية إنجازاً من نوعٍ آخر كُتب باسم قائد منتخب لبنان حسن معتوق الذي أصبح أول لاعب يصل إلى حاجز الـ 100 مباراة دولية، وذلك خلال المباراة الودية التي خاضها منتخبنا أمام الكويت الشهر الماضي في دبي.
كما عرفت الساحة المحلية عودة سباق بيروت ماراثون إلى أيامه الذهبية بعد الأزمة الصحية ومن ثم الاقتصادية التي أثّرت عليه، فكانت مشاركة لافتة لأكثر من 12 ألف عدّاء وعداءة من 60 دولة حول العالم ركضوا ليؤكدوا تمسّك العاصمة اللبنانية بإرادة الحياة تحت شعار «أنا بيروت».
وفي الرياضة الميكانيكية، كانت سنة 2022 مناسبة لولادة بطلٍ جديد وهو كريستوفر فغالي، نجل بطل سباقات الراليات عبدو فغالي، الذي أصبح أول سائق لبناني يفوز في بطولة العالم للكارتينغ عن فئة «ميني ماكس»، والتي أُقيمت في بورتيماو البرتغالية، قبل أن يلعب دوراً رئيساً في فوز الفريق اللبناني ببطولة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي استضافتها سلطنة عُمان.

العالم أسير الكرة
عالمياً، أسرت كأس العالم لكرة القدم كوكب الأرض لحوالى شهرٍ من الزمن مع تنظيم قطر أجمل نسخة في تاريخ اللعبة على المستويات كافة، والتي شهدت مباريات جميلة فنياً، أفرزت عدداً من الأرقام التاريخية.
ختام الحدث الكروي الأبرز كان مثالياً، وقد وصفه كثيرون بأفضل نهائي في تاريخ المونديال عندما تقابلت الأرجنتين وفرنسا، وفازت الأولى بعد لقاءٍ ماراثوني توّج «الأسطورة» ليونيل ميسي بلقبٍ طال انتظار، وحوّل «بلاد الفضة» إلى بلاد الذهب من خلال الكأس الغالية الثالثة بعد عامَي 1978 و1986.

حقق منتخب السلة نتائج مميزة هذا العام (FIBA)

الذهب الذي اعتاد ميسي حمله في غالبية فترات مسيرته ذهب فردياً إلى النجم الفرنسي كريم بنزيما الذي انفجرت موهبته في سن الـ 35 سنة، ليحمل عن جدارةٍ واستحقاق الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية لأفضل لاعبٍ في العالم، بعدما ترشّح لها 9 مرات سابقاً من دون أن يكون النجاح حليفه.
هذه الجائزة أفلتت من النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أيضاً بعد ما تنافس عليها مع ميسي لسنواتٍ طويلة، لكنّه عوّض في سنة 2022 بعدما أصبح الهداف التاريخي لكرة القدم العالمية بحسب إحصاءات الاتحاد الدولي «الفيفا» عندما سجل الهدف الرقم 806 في مسيرته ليتخطى الهداف القديم التشيكوسلوفاكي - النمسوي جوزف بيكان.
وشهدت رياضة كرة المضرب إنجازاً تاريخياً للنجم الإسباني رافايل نادال الذي بفوزه بلقبَي بطولة أوستراليا المفتوحة ورولان غاروس الفرنسية، أصبح اللاعب الأكثر إحرازاً للألقاب الكبرى في تاريخ المستديرة الصفراء، برصيد 22 لقباً.
أما الدوري الأميركي للمحترفين لكرة السلة فعادت زعامته إلى غولدن ستايت ووريرز الذي أكد أنه أفضل فرق العصر الحديث بإحرازه اللقب السابع في تاريخه والرابع خلال 8 سنوات.