إنتاج وتسويق المتمّمات الغذائية والمنتجات الرياضية في لبنان أمرٌ غير منظّم. هذا ما أكدته دراسة أجرتها كلية الصحة العامة في الجامعة اللبنانية على رياضيّين لبنانيين. استعرض البحث المعرفة، التصورات، والممارسات المتعلقة بالمتمّمات الغذائية، المتمثلة في كل المنتجات الرياضية (البروتينات الصناعية)، الفيتامينات والمعادن، والمشروبات الرياضية (مشروبات الطاقة ضمناً) الموجودة في السوق اللبنانية، لدى الرياضيين التابعين للاتحادات الرياضية اللبنانية الرسمية.كانت هذه الدراسة الأولى من نوعها في لبنان، وقد نُشرت في المجلة العلميّة «foods» التابعة لدار النشر السويسرية «MDPI». شملت 455 رياضيّاً ورياضيّة، يتبعون 18 اتحاداً رياضيّاً رسميّاً، في محاولة لتحديد الفجوات السلوكية للرياضيين عبر قياس معرفتهم وتصوّراتهم، وتقييم ممارساتهم تبعاً لخصائصهم (العمر، الجنس، المستوى التعليمي، نوع الرياضة، مستوى المنافسة، ساعات التمرين وسنوات الممارسة).
خلُصت الدراسة إلى أن أكثر من نصف الرياضيين أظهروا فقراً معرفيّاً تجاه المعلومات والحقائق الأساسية المتعلقة بالمتمّمات، ما انعكس على الاستخدامات العشوائية. وأظهرت النتائج أن 74% من الرياضيين يستهلكون المتمّمات الغذائية بشكل عشوائي، وهي النسبة الأعلى عربياً، وأن أكثر من 60% منهم يلجؤون إلى وسائل التواصل الاجتماعي والمدرّبين الرياضيين كمصدر استشاريّ للمعلومات عوضاً من الاختصاصيين. تؤدّي هذه العشوائية إلى جعل الرياضيين أكثر عرضة للوقوع في استخدامات خاطئة ومنتجات غير موثوقة، أو لخطر المنشّطات غير المقصودة، من خلال استخدام متممات ملوّثة، الأمر الذي قد يؤثر على صحتهم وأدائهم الرياضيّ. وقد تم جمع المعلومات عبر وزارة الشباب والرياضة والاتحادات الرياضية.
تُظهر الدراسة أيضاً أن معظم الرياضيين (84.6%) أبلغوا عن شعورهم بالحماس لاستخدام المتمّمات الغذائية فقط لأن زملاءهم يستخدمونها. «إن هذا قد يفسّر أن تكون المتمّمات أكثر انتشاراً في بعض الفرق الرياضية أكثر من غيرها. فتُظهر السياقات الرياضية، أن الضغوط المتصوّرة والفعلية التي تأتي بهدف بناء مصالح الآخرين في الفريق، قد تؤدي إلى تغييرات سلوكية بين الرياضيين لتعزيز التوحيد والحفاظ على هوية جامعة»، تقول البروفيسورة مهى حطيط، وهي المشرفة على هذه الدراسة إلى جانب الدكتورة زهرة صادق. وتؤكد حطيط أهمية اعتبار التغذية جانباً مهماً من برنامج تدريب الرياضيين «على الرغم من أن التمارين الرياضية والتدريب الرياضي يؤديان إلى زيادة الاحتياجات الغذائية لدى بعض الرياضيين، فإن اتّباع نظام غذائي متوازن يحتوي على سعرات حرارية كافية يمكن أن يوفر العناصر الغذائية الضرورية، إذا لم يستطع الرياضيّ اتباع نظام غذائي يلبي احتياجاته الغذائية، لأسباب مختلفة، فعندها يجب أن يلجأ إلى المتمّمات الغذائية بقصد منع النقص وتحسين الأداء، بإشراف اختصاصيين، هذا ما يجب تعليمه للرياضيين».

تحرك لتنظيم القطاع
وكانت الوزارات والجهات المعنية قد حاولت من قبل تنظيم عملية استيراد وتسويق وبيع المتمّمات الغذائية. فقد أصدر الوزير جميل جبق قراراً في عام 2019 يقضي بموجبه بمنع الإعلانات للمتمّمات الغذائية، في محاولة للحدّ من الترويج التسويقي وغير العلمي لها عبر وسائل الإعلام. لكنّ وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن مشمولة بقرار الوزارة، وكذا النوادي الرياضيّة. ليعود الوزير فراس أبيض، ويصدر قراراً في عام 2021 يقضي بضرورة الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الصحة عبر معاملة «طلب استيراد» قبل استيراد أيّ شحنات متمّمات غذائيّة من الخارج. يتم تقديم الطلب والمعاملات إلى اللجنة الفنّية في الوزارة، مع عيّنتين من المتمّم المراد استيراده، على أن تنظر اللجنة فيها وبعد ذلك ترخّص دخول المتمّم إلى لبنان.
74% من الرياضيّين اللبنانيين يستهلكون المتمّمات الغذائية بشكل عشوائي


كل هذه الإجراءات لم تنجح في حلّ مشكلة سوء استخدام المتمّمات الغذائية عند الرياضيين، حتى المحترفين منهم، الأمر الذي دفع الباحثين إلى مراجعة اللجان النيابية المعنية وإطلاعها على نتائج الدراسة.
وفي هذا الصدد، أكّد النائب فادي علامة، وهو عضو في لجنة الصحة النيابية، سعي المجلس النيابي إلى تنظيم استيراد وتصدير وبيع وتصنيع وتعبئة وتوضيب المتمّمات الغذائية والمُنتجات الطبيعية، كحلّ للحدّ من عشوائية استخدامها، وذلك عبر قوانين متطورة تعتمد على هيئة ناظمة بالنسبة إلى المتمّمات الغذائية، والدواء والمعدات الطبية، حيث ستُعامل المتمّمات معاملة الدواء، وستضمّ الهيئة اختصاصيين من مختلف المجالات. وأردف علامة: «إضافةً إلى الهيئة الناظمة، تقدّمت لجنة الشباب والرياضة باقتراح قانون ينظّم عمل الأندية الرياضية عبر التراخيص، وذلك للحدّ أيضاً من تأثير المدرّبين غير المتخصّصين في عمليات شراء وبيع المتمّمات الغذائية والرياضية»، بانتظار كتابة وزير الصحة للمراسيم التطبيقية لتفعيل الهيئة الناظمة.
«المراسيم والتشريعات وحدها لا تكفي»، يُجيب الأستاذ زين العابدين نابلسي، وهو اختصاصي تغذية وباحث مشارك في الدراسة، عند سؤاله عمّا إذا كانت خطوة مجلس النواب كافية برأيه، ويُردف: «‏أظهرت الدراسة أيضاً أن 69% من الرياضيين لا يقرؤون الحقائق الغذائية الموجودة على العبوات، وهذا يعني أنهم غير واعين لخطورة التلاعب بالعبوات. قبل نحو سبع سنوات، تمّ اتهام ومقاضاة عدد كبير من الشركات المشهورة لتصنيع المتمّمات والأطعمة الرياضية، بالتلاعب بالحقائق الغذائية، حيث تتلاعب بنسب البروتين في مكمّلاتها عبر ما يُسمى بالـ Amino Spike وهذا يعني إضافة الأحماض الأمينية الرخيصة إلى البروتين مثل Taurine / Glycine لأجل زيادة محتوى النيتروجين، لتعطي نسبة وهمية أن المكمّل يحتوي مثلاً على 25 غرام بروتين وهو في الحقيقة يحتوي على 20 غراماً فقط، أو مثلاً عبر تزويد المتمّمات بحشوات رخيصة الثمن واعتبارها من البروتينات، وهذا يُعتبر أيضاً تزويراً في الحقائق الغذائية، وقد يؤثر على صحة وأداء الرياضيّ وبنائه العضليّ».
إذاً وبحسب أصحاب الاختصاص، ‏يجب على الرياضيين المتابعة مع اختصاصيين لإرشادهم إلى نوعية المتمّمات التي يجب تناولها، كما يجب التدقيق في شركة التصنيع جيداً قبل شراء المتمّمات. ونشر موقع www.supplementlabtest.com نتائج كثيرة عن المتمّمات الغذائية، حيث تُفحص المكمّلات في المختبر وتُعطى نسبة البروتين المئوية الحقيقيّة مقارنةً بتلك المُدوَّنة على العبوة.