أسماء بارزة افتقدتها بطولة لبنان لكرة السلة في موسمها الحالي الذي شارف على نهايته. لكن رغم سرعة مرور هذا الموسم، فإن وجوهاً عدة قدّمت نفسها بشكلٍ قوي، وتركت انطباعاً جيّداً بأن مستقبل اللعبة بأمان مع مدربين شبان ومثقفين، ومستقبل البطولة سيكون أفضل مع لاعبين عادوا إلى ساحات التألق. كما أن مستقبل لبنان بخير مع نجومٍ صاعدين سيكون لهم شأنٌ في المستقبل القريب.الواقع أنه يمكن أخذ اسم أو أكثر من كل فريق والإضاءة عليه من جوانب مختلفة، لكن إن كان لا بدّ من اختيار تشكيلةٍ كاملة مع مدربٍ وحيد يمكن الوقوف عند وجوهٍ معيّنة لفتت الأنظار وباتت حديث الجميع، فأصبحت أرقامها تتحدث عنها بكل بساطة.

جعجع الأفضل تدريبياً
تدريبياً، قدّمت البطولة هذه السنة العديد من المدربين الشبان في ظل غياب المدرب الأجنبي، لا بل إن القسم الأكبر من هؤلاء المدربين سجّلوا بداياتهم في دوري الأضواء، فانتقل جو غطاس من لاعبٍ إلى مدربٍ ليقود الحكمة إلى «الفاينال 4» رغم صعوبة المهمة بفعل التشكيلة التي يملكها. كما أطل جورج «دودي» داغر بإنجازٍ مماثل جاعلاً من فريق أطلس الفرزل «الحصان الأسود» في البطولة. ويضاف إليهما غاسبار إسحق الذي بدّل من وجه بيبلوس في فترةٍ من الفترات بعد تسلّمه له.
لكن مما لا شك فيه أن مدرب النادي الرياضي جورج جعجع كان الأفضل بين كل المدربين، إذ جاءت الخسارة الوحيدة لفريقه أمام أطلس بغيابه إثر إصابته بفيروس «كورونا». واللافت أنه منذ عودته قدّم الرياضي أداءً ممتعاً بعيداً من الفوز بمبارياته بسهولةٍ تامة.
تميّز المدرب الشاب الذي لا يتجاوز عمره الـ 26 سنة (مواليد عام 1995)، يبدأ من هذه النقطة، إذ إن الكثير من لاعبيه يفوقونه سنّاً، وخبرةً في الدرجة الأولى على أرض الملعب، وهو الذي لعب مثلاً مع لاعبه الحالي مازن منيمنة في الفريق نفسه في بيبلوس، وواجه جان عبد النور وأمير سعود وغيرهما مراراً. لكن رغم صغر سنّه فقد تمكن من فرض شخصيته بحُكم رفعة مستواه الفني ونضجه على الصعيد التكتيكي، وهو ما بدا واضحاً من خلال الخطط التي وضعها لكل لاعبٍ على أرض الملعب، ومن خلال إصراره على احترام كل الخصوم ودفع لاعبيه إلى الأفضل في كل مباراة حتى لو كان متقدّماً بفارقٍ كبير.
مدربٌ أصغر من لاعبيه ومواهب شابة خطفت الأضواء بغياب الأجانب


جعجع الذي جاء إلى الرياضي بتوصية من المدرب السابق أحمد فران سينتزع من الأخير لقب أصغر مدرب يحرز بطولة لبنان في حال تتويجه باللقب، وهو أمر غير مستبعد، ليتحوّل ابن مدينة بشرّي إلى اسمٍ أساسي في معادلة المدربين المحليين، وتتحقق توقعات فران بقدرة خليفته على قيادة «رجال المنارة» إلى الأفضل، وهو الذي أوصى إدارة النادي بالتعاقد معه عندما قرّر الذهاب لخوض مغامرة خارجية في الكويت.

أطلس يقدّم نجمين...
وإذا نظرنا إلى الفرق عامةً، يمكن إيجاد مواهب مثيرة للاهتمام في كلّ منها، لكن لا يخفى أن أطلس فاجأنا بأدائه وبنتائجه، وكذلك بأرقام لاعبيه على الصعيد الفردي.
أحد هؤلاء اللاعبين الذي بقي في الظل لفترةٍ غير قصيرة هو صانع الألعاب جوي زلعوم، الذي مرّ مثلاً بالرياضي لكن بوجود وائل عرقجي وغيره من المميّزين في المركز الرقم 1 لم يتمكن من الحصول على الكثير من دقائق اللعب. أما مع الفريق البقاعي، فنافس زلعوم كل صانعي الألعاب على المركز الأول على صعيد أفضل ممرري الكرات الحاسمة، بحيث يحتل المركز الثاني بـ 8.05 تمريرات في المباراة الواحدة، وبفارق بسيط عن نجم الحكمة علي مزهر صاحب المركز الأول بـ 8.56 تمريرات.
وإذا كان نجل المدرب رزق الله زلعوم هو صاحب الدور القيادي الأكبر في الفريق الذي برز منه لاعبٌ آخر عاش الحالة نفسها مع الرياضي أي هشام الحلو، فإن تأثير وجود مارك أبي خرس في المركز الرقم 4 لا يمكن تجاهله إطلاقاً.
هذا الشاب الذي أخذ فرصته كغيره من اللاعبين الشبان بغياب العنصر الأجنبي، فرض حضوراً قوياً تحت السلة في الجانبين الدفاعي والهجومي، فظهر على لائحة أفضل عشرة مسجلين بمعدّل 16.1 نقطة في المباراة الواحدة، وتسيّد لائحة أفضل ملتقطي الكرات المرتدة بـ 12.1 ريباوند في المباراة، منها 8.05 دفاعياً، و4.05 هجومياً حيث تبوّأ الصدارة أيضاً في الحالتين.

...والحكمة أيضاً
وبالصورة نفسها أطلّ لاعب الحكمة كريستوف خليل متألقاً في التسجيل والمتابعات، فنافس بقوة أبي خرس في الجانب الثاني، وهو الذي يلعب في المركز نفسه أيضاً.
خليل فاجأ الجميع بأدائه المتميّز الذي يمزج بين الروح القتالية والسرعة والفعّالية من المسافات المختلفة، ما يجعله من اللاعبين الذين يمكنهم التحوّل إلى الساحة الدولية من دون مشكلات كثيرة، وخصوصاً أنه أظهر تطوّراً لافتاً مباراةً بعد أخرى، ما جعله عنصراً لا غنى عنه في تشكيلة غطاس.

لكنّ أكثر اللاعبين خوضاً للدقائق في الفترة الأخيرة، والذي اعتمد عليه مدرب الحكمة كثيراً هو مارك خويري «بوبو». لاعبٌ صغير يحتاج بلا شك إلى المزيد من الخبرة التي ستُكسبه نضجاً أكبر، لكنه رغم صغر سنّه فقد أظهر شخصية قوية على أرض الملعب بُحكم ثقته الكبيرة بنفسه، مستفيداً من إمكانات بدنية مميزة جعلته مدافعاً صلباً، ولاعباً قادراً على اختراق الدفاعات المختلفة وتسجيل السلات.
كما ينافس كل هؤلاء على النجومية لاعب الرياضي مارك خوري الذي بلا شك يُعدّ أفضل لاعب سادس في البطولة، وهو في كل مرّة يدخل فيها إلى أرض الملعب يترك بصمةً مهمة جداً، بحيث يستعين به جعجع لخلق التوازن بين الدفاع والهجوم، مستغلاً رغبته الكبيرة في اللعب وحيويته، إضافةً إلى قتاله تحت السلة على كل كرة مرتدة حيث يؤمّن غالباً فرصةً ثانية له أو لزملائه.
«سوبر مارك» هو أيضاً من اللاعبين الذين يبشّرون بمستقبلٍ جيّد قد يحمله إلى المنتخب الوطني، وذلك بعدما استغلّ فرصته على أكمل وجه هذه المرّة مع أحد الفرق الكبرى بعد مروره بالشانفيل ثم بيبلوس ولاحقاً الحكمة.
وتضاف إلى كل هذه المواهب أسماء أخرى لا يمكن إغفال حضورها اللافت بعد حصولها على فرصة للظهور، أمثال ثنائي هومنتمن كارل زلعوم وكريم جدايل، وهدّاف المتحد طرابلس ابراهيم حداد، ولاعب أطلس جان مارك جرّوج، وغيرهم الكثيرين ممن ينتظرون بشغف منذ الآن بداية الموسم المقبل بعد خروج فرقهم من السباق إلى اللقب.