11 مباراة لعبها نادي التضامن صور هذا الموسم، لم ينجح لاعبوه خلالها بتسجيل سوى هدفين، بمواجهة السلام زغرتا، الفريق الأضعف دفاعياً في بطولة الدوري. هدفٌ ثالثُ سُجّل عبر مدافع شباب البرج بالخطأ في مرمى فريقه. حتّى الأهلي صيدا الذي اكتفى بتسجيل 12 هدفاً في موسم 2009-2010، له عدد أكبر من الأهداف في مرحلة الذهاب. المهاجمون لا يجدون طريق المرمى، ولا من يصنع لهم الفرص، وفي ظل افتقار كرة القدم اللبنانية إلى المواهب، واقتراب عددٍ لا بأس به من الوجوه المعروفة من الاعتزال، لن يكون التضامن قادراً على استقدام اللاعبين المؤثّرين، بل أصبح بحاجة إلى استعادة هويّته. المدرسة التي تتخرّج منها مواهب الكرة اللبنانية.
من مباراة العهد والتضامن صور خلال المرحلة الأولى (عدنان الحاج علي)

كرة في منتصف الملعب. بلال حاجو يمرر إلى الظهير الأيمن حسين محيدلي. الأخير يتقدّم ويلعب عرضية إلى داخل منطقة الجزاء. يتسلّمها المهاجم محمد جواد أبو خليل ليُسدد فوق المرمى، أو ترتد من الدفاع، إلى وسط الملعب مُجدداً. الكرة تصل إلى بلال حاجو، وتسديدة إلى خارج الملعب. هكذا يتكرر المشهد في كل مباراةٍ للتضامن. هكذا حتّى أصبح حاجو خامس أكثر لاعب تسديداً في بطولة الدوري، دون تسجيل أي هدف. وهكذا لم تصل من تسديداته الـ25 سوى ثلاث إلى المرمى. المشكلة ليست في دقّة التصويب، بل في خيار التسديد أساساً. قائد الفريق وأكثر اللاعبين خبرةً في الدوري، لا يجد الحلول من حوله. يُسدد لأن لا طريق إلى المرمى. التضامن غير قادر على بناء الهجمات.
تبدأ إحدى مشكلات التضامن صور في الفريق الذي كوّنه الجهاز الفني. مهاجمون يلعبون للمرة الأولى في الدرجة الأولى، وغير قادرين فعلياً على قيادة الفريق في الخط الأمامي. ثمّة أسماء شابة عدّة برزت في فرقٍ أخرى، وفي الواقع، بعض لاعبي التضامن يمتلكون المهارة، لكنّهم غير جاهزين بعد، أو أقلّه، بحاجةٍ إلى عنصرٍ قادرٍ على قيادتهم في الهجوم. هذا ما وجده شباب البرج في عدنان ملحم مثلاً، والصفاء في أكرم مغربي. حين يقول المدرب محمد زهير إن فريقه «تنقصه اللمسة الأخيرة»، ويُشدد رئيس النادي صائب بوّاب على كلامه، فهما يقصدان اللمسة فعلاً، أو التسديدة، وليس طريقة التسديد. مهاجمو التضامن لا يتمركزون بطريقةٍ صحيحة، وبعض العرضيات التي تُلعب إلى داخل منطقة الجزاء، تصل إليهم، لكنهم يفشلون بالتحكّم بالكرة، أو يُخطئون مسارها. هذا يُفسّر قلّة التسديد، والفارق الذي يصل إلى تسع تسديداتٍ على الأقل بين أي مهاجم ولاعب الوسط بلال حاجو.

مشكلة صناعة الفرص
الشوط الثاني من المواجهة الأخيرة مع شباب البرج يُقدّم مثالاً جيّداً. قد يكون ذلك الشوط الأفضل للتضامن منذ انطلاق البطولة، ومع ذلك، هدف الفريق الوحيد سجّله سعد يوسف، مدافع الفريق المنافس، بالخطأ في مرمى فريقه. لكن حتّى هذا الأمر، لا يعني أن المشكلة كلّها في المهاجمين. التضامن لا يصنع الكثير من الفرص للتسجيل أيضاً.
التضامن هو الفريق العاشر في ترتيب الفرق الأكثر صناعةً للفرص في الدوري


التضامن هو الفريق العاشر في ترتيب الفرق الأكثر صناعةً للفرص في بطولة الدوري. الوصول المتأخّر إلى الكرة أو عدم التحكّم بها، يؤثّران على هذا الأمر بطبيعة الحال، لكن ذلك لا ينفي أن الفريق لا يصنع الكثير من الفرص. عودة مُجدداً إلى تصريحات المدرب زهير المتكررة. صحيحٌ ما يقوله، الفريق تنقصه اللمسة الأخيرة، لكن فعلياً، في معظم المباريات، لم يصنع فريقه الكثير من الفرص للمهاجمين. ربما، لو وُجد مهاجم مخضرم، أو أكثر مهارة، في مقدّمة الخط الهجومي، لسجّل التضامن عدداً أكبر من الأهداف؛ هدفان أو ثلاثة أهداف، بالنسبة إلى الفرص التي صنعها، لا أكثر. الفريق يعتمد عموماً على الجهة اليمنى في بناء الهجمات، تحديداً عبر الظهير حسين محيدلي، أحد أكثر اللاعبين صناعةً للفرص في البطولة، دون صناعة أي هدف. لاحقاً انضم علي عواضة إليه. بكل الأحوال، يبقى حاجو ثاني أكثر اللاعبين صناعةً للفرص في الفريق أيضاً. لكن كما يحتاج التضامن إلى مهاجمٍ قادرٍ على إنهاء الهجمات بطريقةٍ فاعلة، فهو بحاجةٍ أيضاً إلى صانع لعب. هذا ما وجده سابقاً في الراحل محمد عطوي قبل ثلاثة مواسم. كوفي يبواه ساعده أيضاً. لكن حتّى عطوي، كان يجد من يُسجّل الأهداف، فصنع ثلاثة أهداف للفلسطيني وسيم عبد الهادي، وهدفين لكريست ريمي، وهدفاً واحداً لمحمود السبليني. الأوّل هدّاف الدرجة الثانية حالياً، والثاني أنهى الموسم حينها مُسجّلاً 10 أهداف، والثالث ينافس على صدارة الهدّافين في الدوري هذا الموسم. حتّى هدّاف البطولة، حسن معتوق، احتاج إلى من يصنع له أربعة أهداف، ومن يحصل على أربع ركلات جزاءٍ أيضاً. لاعبو النجمة سجّلوا 23 هدفاً، لكنهم احتاجوا إلى صناعة أكثر من 100 فرصة للتسجيل (الرقم الأعلى بين فرق الدوري)، حتّى يحتل فريقهم المركز الثاني في عدد الأهداف المُسجّلة. التضامن ليس منافساً كالنجمة والأنصار، لكن حتّى شباب الساحل، الذي يعتمد على مجموعةٍ أكبر من الشباب، صنع لاعبوه فرصاً أكثر للتسجيل، على الرغم من قلّة الأهداف المُسجّلة. الفارق، أنّ عدداً لا بأس به من لاعبي الساحل، كوّنوا خبرة كافية في البطولة، ومن هذه النقطة، تنطلق أمّ المشكلات بالنسبة إلى النادي الجنوبي، وهي افتقاره إلى المواهب.


مواهب غائبة
كلّ المشكلات قد تُسرد بشكلٍ طبيعي بالنسبة إلى عددٍ من الأندية، لكن من غير المفترض أن يكون التضامن من بينها. النادي الجنوبي يُعد أحد أبرز الأندية التي خرّجت بعض أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم اللبنانية، لكنّه لم يعد كذلك. منذ خروج محمد حيدر وربيع عطايا من الفريق، قبل نحو عشر سنوات، لم يُخرّج التضامن أي لاعب قادر حقيقةً على الاحتراف في الخارج، بل لم يقدّم أي لاعب أساسي لمنتخب لبنان، ولو استدعيَ بعض اللاعبين إلى التمارين، أو جلسوا على مقاعد الاحتياط في المباريات، وهؤلاء، لم ينتقلوا من التضامن إلى الساحة الدولية مباشرةً، بل كان الفريق جسر عبورٍ بالنسبة إليهم، ليلعبوا مع الفرق البيروتية. تغيّر الزمن بطبيعة الحال، لكن ذلك لا يمنع وجود فريقٍ قادرٍ على خرق «قاعدة» عدم استدعاء اللاعبين من أندية المناطق، أو عودة التضامن إلى المنافسة. المشكلة في التضامن، كما في الكثير من الأندية، في التأسيس أيضاً.