كثر الحديث عن عودة الدوري اللبناني والنشاط الكروي العام، ونسي الجميع أن المنتخب الوطني لا يزال على خط التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا 2023، حيث يبدو وضعه في المجموعة الثامنة غير سهل، وخصوصاً أن خصمه المقبل أي منتخب تركمانستان يتصدر بـ9 نقاط، أمام العملاق الكوري الجنوبي بفارق نقطة واحدة مع مباراة أقل للأخير، بينما يتساوى منتخبنا مع نظيره الكوري الشمالي بـ8 نقاط لكلٍّ منهما.المهم أن حسابات النقاط ليست الأمر الرئيسي في الوقت الحالي، بل الأهم هي حسابات المدير الفني الروماني ليفيو تشوبوتاريو الذي يحاول لملمة أفراد تشكيلته المشتّتين بين لاعبين ينشطون في تمارين جماعية في فترة غير اعتيادية يخوضون فيها بعض المباريات الودية أو أخرى رسمية، لكن في فترات متباعدة، وبين لاعبين يتدربون فرديّاً وآخرين يغيبون عن المشهد كليّاً.
من هنا، لا يخفى أن أوجاع الرأس تطارد تشوبوتاريو، وهي لا ترتبط فقط بالحصص التدريبية المحدودة التي يجمع خلالها قسماً من لاعبيه، وأكثريتهم من غير الأساسيين حيث يغيب المحترفون جميعاً، وهم الذين ارتفع عددهم أخيراً بعد توقف البطولة وخروج بعضهم من لبنان. كذلك لا ترتبط هموم تشوبوتاريو بإصابات طارئة تعرّض لها بالأمس محمد حيدر ونور منصور خلال الحصة التدريبية، وقد أفادت المعلومات أنه رغم مغادرتهما التدريب هما لا يعانيان من إصابتين كبيرتين.
أما ما يشغل بال المدرب أكثر من أي أمرٍ آخر فهو وضع بعض اللاعبين الذين اعتمد عليهم غالباً، لكنهم اليوم من دون نادٍ، ومن دون أي تمارين جماعية، أمثال نادر مطر وعدنان حيدر، وأيضاً يحيى الهندي الذي دخل حسابات المنتخب في الفترة الأخيرة.
ويبدو التشابه كبيراً في قصة كلّ من مطر وحيدر، حيث ترك ثنائي الوسط النجمة والأنصار على التوالي لأسبابٍ ترتبط بالمستحقّات المذكورة في عقديهما، ومن ثم غادرا لبنان. الأول وفي طريقه إلى مطار بيروت تلقى اتصالاً من تشوبوتاريو، والذي سأله حول إمكانية إيجاده فريقاً جديداً بشكلٍ سريع، وخصوصاً بعدما وصلت إلى مسامع مدرب المنتخب بأن مطر سيفكّ ارتباطه بالنجمة بعد رفعه شكوى ضد الأخير إلى الاتحاد الدولي للعبة.
الوضع في لبنان قد يُفقد المنتخب عناصر أساسية


وفي اتصالٍ مع اللاعب المتواجد في المغرب حالياً، فقد قال مطر لـ«الأخبار»: «أشار تشوبوتاريو إلي بأنني لاعب مهم للمنتخب، لذا عليّ أن أبقى في جهوزية، وقد أكدت له بأنني على استعدادٍ تام للالتحاق بالمنتخب في أي وقتٍ كان».
مشكلة لاعب الوسط الذي سجّل هدفين في آخر 7 مباريات خاضها مع المنتخب أنه لم يعد يقطن في منزلٍ في لبنان، فهو أشار إلى أنه قد دفع 3 أشهر كبدل ايجار بعد توقف تلقيه المال من النجمة، ففضّل ترك بيروت والذهاب للعيش مع عائلته في المغرب «لذا غيابي عن المنتخب خارج عن إرادتي ولو بقيت في لبنان لما ترددت لحظة في القيام بواجبي الوطني، والأكيد أنه مع تجمّع المنتخب في معسكرٍ فإنني سألبي أي دعوة توجّه إلي».
وينتظر مطر اتصالاً قريباً من تشوبوتاريو لمعرفة ما إذا كان سيحتاج إليه في المنتخب خلال الفترة المقبلة، وهو لهذه الغاية يواظب على التمارين اليومية الفردية. لكن الواقع أن غياب اللاعب عن خوض المباريات قد يبعده عن حسابات المنتخب، وهو أمر طبيعي، لكن وبحسب المعلومات التي لا ينفيها اللاعب فإنه دخل في محادثات مع نادٍ معروف في المغرب للانضمام اليه، ما سيؤمّن له تمارين منتظمة حتى فتح باب التواقيع من جديد.
ويدرك تشوبوتاريو بأن مشكلة مطر أو غيره قد تكون شبيهة بمشكلة كل اللاعبين، فهناك من لا يلعب المباريات إطلاقاً، وحتى لاعبو العهد والأنصار الناشطون في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي يخوضون مباريات في فتراتٍ متباعدة، لكن رغم ذلك فإنه لن يكون مفاجئاً أن يسعى إلى تسمية أكثر اللاعبين جهوزية بعيداً عن أي حسابات أخرى، وهي المسألة التي ستضع علامة استفهام حول اسمَي مطر وحيدر في المرحلة المقبلة، وخصوصاً الأخير الذي لم يتدرّب فردياً أو جماعياً منذ أكثر من شهر بحسب ما أفاد مصدر مطّلع.
بدوره، شرح المستشار الفني في المنتخب يوسف محمد لـ «الأخبار» الوضع العام حالياً بقوله: «لا يخفى أن موضوع توقف البطولات ترك أثره السلبي على اللاعبين بشكلٍ كبير، لذا من المهم أن نجمعهم لإبقاء الألفة بينهم، حيث يتدرّب المنتخب حالياً يومَي الاثنين والثلاثاء». ويصوّب «دودو» على نقطةٍ مهمة عندما يذكر دور الفريقين المشاركين في آسيا «إذ نعتمد عليهما كثيراً في تجهيز اللاعبين بشكلٍ مقبول قبل التحاقهم بالمنتخب، وأيضاً من خلال مشاركة هؤلاء في المباريات ما يبقيهم في أجوائها».
وهذه النقطة تلتقي مع ما يقوله مدير المنتخب فؤاد بلهوان الذي يشير إلى أهمية خروج بعض اللاعبين إلى الاحتراف أخيراً، والذين ارتفع عددهم إلى 12 لاعباً، ما يعني أن نصف التشكيلة ينشطون حالياً في الدورة الطبيعية لكرة القدم، أي بين الانغماس في التمارين وخوض المباريات «على أن نرفع عدد الحصص التدريبية (قد تصبح يومية) بعد استكمال العهد والأنصار لواجباتهما في آسيا، كونهما يضمان عدداً كبيراً من الدوليين، ومن ثم سيقصّر المنتخب الطريق إلى تركمانستان عبر البقاء في تركيا لمدة 4 أيام، حيث يتمّ العمل لتأمين خوض مباراة تحضيرية مع أحد الفرق المحلية».
وتؤكد مصادر المنتخب أن تشوبوتاريو لم يتطرّق حتى الآن إلى موضوع مطر وحيدر والهندي، وأن القرار يعود إليه في نهاية المطاف، وذلك بحسب ما يجمعه من معلومات حول اللاعبين الثلاثة، وهو قرار لن يكون بالسهل تماماً كما هي حال الظروف المتشعّبة التي لا تزال تعرقل عمله وتدفعه إلى تعديلٍ مستمر على خططه واستراتيجياته.