لم تكن يوماً العلاقة وديّة بين النجمة والأنصار، أقلّه إذا ما تحدثنا عمّا تشهده المباريات على ارض الملعب من نديّة بين اللاعبين، او بالتأكيد في ما خصّ تلك الحدّة الموجودة بين جمهوريهما في المدرجات والشارع الكروي.منذ فترة، أخذت العلاقة غير العادية منعطفاً جديداً، فخرجت من الملاعب باتجاه المكاتب، وتحديداً في ما خصّ العلاقة بين الرئيسين اسعد صقال ونبيل بدر اللذين يصفهما البعض بالصديقين، والبعض الآخر بالغريمين.
الأكيد أنه عندما يرتبط الأمر بمصلحة النجمة والانصار، فإن كلاًّ من الرجلين يخرج عن كل الحسابات التي لا تلتقي مع مصلحة ناديه. هو أمر أكده الرجلان في محطات مهمة ضمن مشوار نادييهما، حيث كانا حاضرين لحمايتهما من خلال التركيز على رفعه دون الأخذ في الحسبان مصلحة اي طرف آخر.
هو امر منطقي، لكن ما لا يبدو منطقياً بنظر الكثيرين ان تصل العلاقة بين الناديين التقليديين في لبنان الى تراشقٍ اعلامي من العيار الثقيل، في وقتٍ قد يعتبر فيه بعض المتابعين أن ما يحصل حالياً هو ربما تحتاج إليه ساحة كرة القدم للتأكد بأن هناك من لا يزال على قيد الحياة الكروية، فيعيد شيئاً من تلك الحماسة التي تفتقدها اللعبة، وشيئاً من الحرارة التي غابت عن ملاعبها منذ اشهر.
مشكلتان بارزتان كانتا وراء «نزالين عنيفين» قبل انطلاق الموسم الجديد، ومن ثم خلال الأسبوع الماضي: واحدة يقول النجماويون ان رئيس الأنصار كان السبب وراءها، والثانية يقول الانصاريون ان رئيس النجمة هو من أشعلها بتصريحات تخطّت الحدود بنظرهم.

لا اتفاقات أو تحالفات
ما هو مؤكد، فإن العلاقة غير طبيعية بين صقال وبدر، فالأول يصفها بأنها عادية وعلاقة مبنية على تعامل وتواصل بين رئيسين لناديين كرويين، وهو أمر يوافقه الثاني لكنه ينفي ما تمّ تداوله غالباً بأنهما صديقان مقرّبان، ما يعني أن أي نظرية حول تحالف بينهما لا تمتّ الى الحقيقة بصلة.
بطبيعة الحال، أثبتت الأحداث أن لا اتفاقات ولا تحالفات ولا هدنة وجدت طريقها الى العلاقة بين الرئيسين العتيدين، وهو ما يفتح الباب على إعادة فتح ملف الشرارة الأولى التي وتّرت العلاقة قبل أشهر والتي تتمثل برحيل قائد منتخب لبنان حسن معتوق عن النجمة، ومن ثم انتقاله الى الأنصار.
ويقول صقال لـ«الأخبار»: «ما حصل وقتذاك هو نسخة طبق الأصل عن كل الاتفاقات التي نبرمها مع الأنصار او اذا صح التعبير ما تتحدث عنه الإدارة الأنصارية امامنا او علناً، لكن يكون لديها اجندة مغايرة تسير وفقها في وقتٍ لاحق». ويضيف: «لا يمكن ان يلتزموا باتفاق، وهو ما يشهد عليه الجميع ايضاً بعد الاجتماع الخماسي، حيث طلب الأنصار اعتماد الهبوط وتصفير النقاط فقط، ولم يناقش الا مسألة الابقاء على العنصر الاجنبي التي توقف عندها حصراً».
مشكلات قطبَي بيروت تعطي مؤشراً بأن كرة القدم لا تزال على قيد الحياة


هذا الكلام يتناقض طبعاً مع الطرح الذي خرج به نبيل بدر في الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد، اذ برأيه «تحدثنا بوضوح منذ اليوم الاول للأزمة، وراسلنا الاتحاد بنفس التوجّه الذي دخلنا به الى الجمعية العمومية، ما يعني اننا لم نتفق مع النجمة او اي نادٍ آخر على طرحٍ للسير به بشكلٍ جماعي». كما يصرّ رئيس الأنصار على ان قصة معتوق مختلفة تماماً عمّا اشاعه نظيره في النجمة، معتبراً انه خطف اللاعب من العهد لا من غريمه البيروتي «وذلك بعد مرور شهرٍ كاملٍ على ابلاغي ادارة النجمة بأنني لم اتوصل الى اتفاق معه، لكن بعدما قرر معتوق نفسه ترك ناديه السابق والانتقال الى العهد، ومن ثم فتح يوسف محمد الباب من جديد على التفاوض معنا، قمنا بما تمليه عليه مصلحتنا وبما يجيزه القانون لنا وتعاقدنا مع لاعب لم يكن يريده النجمة أصلاً».
وإذ يصف بدر ما يحصل في هذا الإطار بـ«المعارك الوهمية»، فإنه يرفض الغوص في جدال مع صقال على اعتبار «عندما اريد ان اكون في مواجهة، فإن من المفضّل ان تكون مع شخصٍ يملك المؤهلات اللازمة ليكون في موقعه، فنادٍ مثل النجمة يحتاج الى رئيسٍ بحجمه». ويضيف: «أما ما يجسّد كلامي فهي التصاريح والمواقف الغريبة التي تصدر عنه هنا وهناك».

دور المرجعية السياسية
كلام بدر يبدو ردّاً واضحاً على تشكيك صقال بحظوظ «الأخضر» في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي خلال مقابلة تلفزيونية أجراها الأسبوع الماضي، وهو يبدو انه تعمّد عدم الرد انطلاقاً من قناعات شخصية معيّنة على حدّ قوله، او ربما لأن هناك تقاسماً للأدوار في الأنصار، حيث كان ردّ أمين السر عباس حسن قاسياً، وقرأه البعض بأنه تناول ايضاً بشكلٍ غير مباشر «عراب» وصول صقال الى النادي «النبيذي» عندما قال: «اللي قنعو لنبيل بدر انو قادر ياخد كأس الاتحاد الآسيوي، باختصار هو نفس الشخص اللي قنعك وبعدو عم يكذب عليك بإنك عنجد انت رئيس نادي».
هذا التصريح يفرز بلا شك اسم مستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون الرياضية ورئيس قطاع الرياضة في تيار المستقبل الزميل حسام زبيبو، الذي مهّد الطريق امام وصول صقال الى رئاسة النجمة، والذي كما هو حال الأنصار يدور في فلك «المستقبل»، ما يطرح سؤالاً حول «الدور السياسي» في هذا الإطار لرأب الصدع بين الناديين المفترض بنظر الكثيرين ان يكونا في خندقٍ واحد في ظل تموضع الأندية الأخرى مع بعضها البعض في «خنادقها المناطقية» (أندية الجنوب على سبيل المثال لا الحصر) لتعزيز حظوظها في الحصول على مطالبها.
وبحسب معلوماتٍ خاصة لـ«الأخبار» عمل زبيبو على جمع صقال وبدر أكثر من خمس مرات لتخفيف التوتر بينهما، وقد بدا الرجلان متفاهمين في نهاية كل جلسة. لكن هل نُقلت هذه الأجواء الى الرئيس الحريري لإنهاء أي خلافٍ مستقبلي؟
يشرح صقال: «انا لا أعمل في السياسة داخل نادي النجمة، بل جلّ عملي ينصبّ على تعزيز مصلحة النادي، وطبعاً لا أخفي ان هناك مراعاة لتوجهات المرجعية». العبارة الأخيرة تلتقي مع ما يقوله بدر بهذا الخصوص ايضاً، فيقول: «انا مستقل بقراراتي ولو انني أراعي بعض الأمور والتيار السياسي المذكور، لكن طبعاً ما لم يتعارض أي أمر مع مصلحة الأنصار التي تعدّ بالنسبة لي قبل كل اعتبار». ويتابع: «اما في ما يخصّ التقاءنا تحت سقف مرجعية واحدة، فأسأل هنا وبكل محبة وتقدير: أين هو منسّق القطاع الرياضي في تيار المستقبل الذي استقدم رئيس النجمة؟ أليس من المفترض ان يكون ضابطاً لإيقاع العمل، وهل يقبل بكل ما يحصل أم لديه انشغالات اخرى؟».
وفي ظل كل هذه الأجواء الملبّدة، يدور همس في المجالس الضيّقة بأن الأنصار بات يعتمد قاعدة للردّ من خلال تحويل ملفات نجماوية معقّدة لمصلحته، ما يعني انه قد يخطف نجماً جديداً من غريمه، وهو كلام لا ينفيه بدر بالقول: «عندما تواصلوا مع عدنان حيدر في محاولةٍ لضمّه لم نهاجمهم او نعاتبهم، ومن ثم ومن خلال حُسن ادارتنا ومصداقيتنا تعاقدنا معه مجدداً، لذا اقول ان اي لاعب محترف ومميّز سيسعى اي فريقٍ لضمه، ونحن لدينا الحق ايضاً بالدخول في اي سباقٍ من هذا النوع لا «نكاية» بالنجمة، بل لتلبية حاجاتنا».
هنا يطفو اسم نادر مطر لا غير، وهو النجم الذي سعى النجمة بكل جهده لتجديد عقده في الصيف الماضي، ومجرد سؤال الأنصار عن وضعه واستعداده للدفاع عن القميص الأخضر سيعني معادلةً واحدة: لا سلام بعد اليوم بين النجمة والأنصار.



الأنصار يشارك في الدوري والنجمة لم يتخذ قراره


أشار رئيس نادي الأنصار نبيل بدر في حديثه إلى «الأخبار»، بأن ناديه راسل الاتحاد اللبناني لكرة القدم يوم أمس لإبلاغه بموافقته على المشاركة في الدوري بصيغته الجديدة المرتقبة.
لكن الكتاب الأنصاري لم يخرج عن مراسلات النادي السابقة، والتي أشار فيها إما إلى طروحات أو ملاحظات، حيث أبدى تحفظه على استبعاد الأجانب من البطولة، إذ أن هذا الأمر بحسب الأنصار يضرّ بالمستوى العام، وخصوصاً أن اللاعب الأجنبي يرفع من قيمة اللعبة ومن الصورة الفنية للمباريات. ويختصر بدر: «نحن لدينا هدف سامٍ وهو الحفاظ على مجتمع كرة القدم وعلى سمعة لبنان في آسيا، وما الاستغناء عن العنصر الاجنبي إلا مشكلة تضّر بالفرق اللبنانية وحظوظها في الخارج، وهي التي سعت غالباً لتعزيز صفوفها بأسماءٍ أجنبية بارزة لتحقيق النتائج الإيجابية خارجياً».
وفي وقتٍ تمّ تداول في كلام مفاده بأن النجمة ذاهب نحو عدم المشاركة في الدوري اعتراضاً على عدم إقرار نظامٍ للهبوط إلى الدرجة الثانية، قال صقال: «نحن ندرس كل الخيارات ضمن المهلة التي أعطاها الاتحاد للأندية ولا شيء مستبعد. بصراحة مسألة عدم إسقاط أي نادٍ تثير قلقنا لأنها تفتح الباب على سيناريوهات غير مستحبّة. هناك 6 أندية ستتنافس على دخول المربع الذهبي، وأريد أن تكون الأجواء صحية ولا تشوبها شائبة، إذ أن آخر ما ينقصنا هو وضع علامة استفهام على بعض المباريات، وخصوصاً أننا في ظرفٍ صعب تحتاج فيه اللعبة إلى تضافر الجهود لإحيائها بأفضل شكلٍ ممكن».