اجتمع سبعة وأربعون ممثلاً من أصل خمسين يشكلون أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد اللبناني لكرة القدم، وقدّم بعضهم آراءه حول طريقة استكمال الموسم، واضعين الأمر في يد اللجنة التنفيذية لاتخاذ القرار المناسب. خطوة تبدو هي الأفضل في ظل الانقسام الحاصل بين الأندية، بين مطالب بإلغاء الدوري، وآخر بإلغاء الهبوط، ومجموعة تصرّ على ضرورة وجود آلية للهبوط. «كلٌ يغنّي على ليلاه»، أو بالأحرى طرح ما يراه مناسباً انطلاقاً من مصالحه الخاصة.لكن الجميع ينطلقون من عدة نقاط اختصرها رئيس الاتحاد هاشم حيدر في كلمته الافتتاحية، حين تحدث عن الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، سواء على الصعيد المالي وصعوبة إجراء تحويلات مصرفية، أم على صعيد الشق الأمني وتقطّع أوصال الطرقات ومخاوف الأهل من إرسال أولادهم للعب في مناطق بعيدة.
وضع ينطبق عليه مصطلح «القوة القاهرة» الذي أصرّ رئيس الاتحاد على تصويت الأندية على وجوده، حيث كان هناك إجماع من أعضاء الجمعية العمومية على أن مبدأ القوة القاهرة ينطبق على الموسم الكروي الذي لا يمكن أن يستكمل بطريقة طبيعية. في الوقت عينه، قد يفتح هذا المصطلح الباب أمام عدم القدرة على تطبيق القانون بحق أي نادٍ يتذرّع بمبدأ «القوة القاهرة».
حيدر انطلق من مجموعة ثوابت تتحكم في الآلية التي ستعتمد لاستكمال الموسم الكروي. فإضافة الى «القوة القاهرة»، هناك ثابتٌ آخر أن أي قرار يجب أن يتناسب مع هذا المبدأ. كما أن جميع الأفكار يجب أن تكون موحّدة لجميع الدرجات، وبالتالي لا يمكن تخصيص كل درجة بقرارات معينة. أضف الى ذلك ضرورة تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، ومن لديه إمكانيات مادية مريحة عليه أن ينظر بعين المنطق الى الأندية التي تعاني مادياً، وخصوصاً في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
مجموعة ثوابت فتحت المجال أمام مناقشات وطروحات من بعض ممثلي الأندية، أظهرت استحالة قدرة تلك الأندية على الوصول الى صيغة مشتركة، ما أعاد الكرة الى ملعب اللجنة التنفيذية. فممثل نادي التضامن صور سمير بواب كرّر الحديث عن ضرورة إلغاء الموسم، معتبراً أن هذا هو رأي النادي منذ 24 تشرين الأول حين أصدر بياناً بهذا الشأن. لكن «أبو راغد» أكّد أن الهدف من وراء الدعوة الى إلغاء الموسم ليس عدم اللعب. «فالتضامن موجود في الدرجة الأولى منذ العام 1991 ولم يكن هناك أي مشكلة. لكن الظروف الحالية مختلفة والأمور تسير من سيّئ الى أسوأ».
في المقابل، بدا رئيس نادي النجمة أسعد صقال في مكانٍ آخر كلياً. فهو مع استكمال الدوري ومربع ذهبي، لكن مع ضرورة وجود آلية للهبوط، رافضاً فكرة «اختيارية» المشاركة التي اعتبرها صقال خطرة وتؤثر على اللعبة بشكل سلبي. فبالنسبة إلى رئيس نادي النجمة، لا توجد ظروف تؤدي الى إلغاء الدوري، كما أن الجانب المادي يمكن إيجاد صيغة له تخفف من ميزانيات الأندية.
انقلب رئيس نادي الأنصار نبيل بدر على ما تمّ الاتفاق عليه في اجتماع الأندية الخمسة


موقف العهد تقاطع مع موقف النجمة على صعيد ضرورة إكمال الموسم بصيغة جدية تؤمن التنافس، ومع اعتماد لاعبين أجانب، بعكس موقف نادي النجمة بحسب ما قاله ممثل العهد الزميل يوسف يونس.
المفاجأة كانت من رئيس نادي الأنصار نبيل بدر الذي بدا أنه انقلب على ما سبق أن التزم به في اجتماع الأندية. فحين تحدث رئيس نادي الأنصار مقدّماً رؤيته لاستكمال الموسم، بدا كأنه يتناغم مع موقف العهد والنجمة، معتبراً أن إكمال الموسم الكروي أمرٌ أساسيّ للحفاظ على كرة القدم اللبنانية. وأشار بدر الى ضرورة تجنّب الأنانية والحديث عن إلغاء الدوري أو اللعب من دون أجانب. «فمن يُرد المنافسة وإحراز اللقب، يجب أن يكون معه لاعبون أجانب، وخصوصاً الأندية التي ستشارك خارجياً»، يقول بدر في الجمعية العمومية. حتى هذه اللحظة، بدا كلامه منسجماً مع ما تمّ إقراره في اجتماع الأندية الخمسة. لكن بدر فاجأ الجميع حين انقلب على مبدأ ضرورة وجود آلية للهبوط، حين أعلن صراحة أن «الهبوط ممنوع، ومن حق الأندية المتصدرة لبطولاتها الصعود الى درجة أعلى».
كلام فاجأ رئيس نادي النجمة أسعد صقال وممثل العهد يوسف يونس وممثلي باقي الأندية، الذين رأوا زميلهم ينقلب على ما تمّ الاتفاق عليه، وبدا كأنه «يشتري» أصواتاً لتمرير ما يسعى اليه. فما أعلنه بدر يريح الأندية التي لا تريد الهبوط، كما قال ممثلا ناديا الشباب الغازية علي حسون والإصلاح حسين عواضة، اللذان طالبا بإلغاء الهبوط وعدم تحويل هذ القرار الى فزّاعة و«فوبيا» كما قال عواضة.
مفاجآت بدر لم تتوقف على الانقلاب على ما تمّ الاتفاق عليه، بل على الموقف الذي أعلنه تجاه الاتحاد اللبناني الذي أثنى بدر على عمله والجهود التي يقوم بها.

ماذا الآن؟
انتهت الجمعية العمومية التي سعى الاتحاد الى أن تكون تشاورية، مقفلاً الباب على الجدل القائم حول قانونيتها. فهذه الجمعية لم تصوّت على أي قرار. والاتحاد استعاد زمام إقرار نظام البطولة كما ينص القانون من جهة، وثبّت مبدأ التشاور مع الأندية بعيداً عن إصدار «قرارات فوقية من قبل اللجنة التنفيذية من دون الاستماع الى الأندية التي هي على الأرض»، كما قال رئيس الاتحاد هاشم حيدر بعد الجمعية العمومية.
ومن المفترض أن تتخذ اللجنة التنفيذية قرارها النهائي يوم الإثنين، كما وعد حيدر في ختام الجمعية العمومية. قرار من المتوقع أن ينطلق ممّا تمّ طرحه في الجمعية العمومية، كما أشار حيدر، و«قد يتم إلغاء بعض البطولات، وخصوصاً الدرجة الرابعة، في ظل صعوبة خوض أندية المناطق للمباريات في ظروف طبيعية».
وعن الصيغ المطروحة، لفت حيدر إلى أن الصيغة العراقية التي تنص على إلغاء الهبوط واختيارية المشاركة واردة، لكنها تحتاج الى تعديلات بما يتناسب مع مصلحة اللعبة. فهناك تخوّف من أن لا يكون هناك جدّية في المباريات في حال تم اعتماد هذه الصيغة. وبالتالي يجب أن تكون هناك آلية تضمن وجود هبوط، لكن بصيغة مخفّفة تراعي أوضاع الأندية، كما قال حيدر.
عادت الكرة الى ملعب الاتحاد، خصوصاً أن الاتحاد الدولي «فيفا» أجاب على رسالة الاتحاد بشأن عقود اللاعبين، وتعذّر استكمال الموسم بشكل طبيعي، بأن المسألة تعود الى الاتحاد للقيام بما يراه مناسباً، إن كان على صعيد طريقة استكمال الموسم أو عقود اللاعبين. وبالتالي فإن الاتحاد أصبح ملزماً باتخاذ القرار النهائي سريعاً كي تتوضح الصورة للأندية في ما يتعلّق بباقي الموسم.