«أفضل مدرب في العالم هو المباراة». عبارة يشدد عليها المدرب التاريخي لنادي الأنصار عدنان الشرقي، وذلك للإشارة إلى أهمية خوض اللاعبين للمباريات، الأمر الذي يساهم في تطوّرهم ورفع مستواهم.لكن مع توقّف بطولة لبنان لكرة القدم ونظيرتها لكرة السلة لما يقارب الشهرين، لا يمكن سوى الجزم بأن تراجعاً كبيراً أصاب كل لاعب مشارك فيهما، وخصوصاً مع توقف التمارين عند غالبية الفرق أو إقامتها بطريقة متقطّعة، أو بوتيرة ضعيفة لا تترافق مع المعايير الأساسية لتطوير اللاعب، وعلى رأسها تحضيره لخوض مباراة أو تكثيف الحصص التدريبية الكفيلة برفع مستواه الفني تكتيكياً وبدنياً.
إذاً ببساطة انتفى الهدف الأساس من وراء إقامة التمارين، فوجد اللاعبون أنفسهم في عطلةٍ قسرية، حيث ابتعدوا عن جوّ المجموعة وأجواء المنافسات وباتوا ينتظرون العودة إلى حياتهم الطبيعية أي خوض التمارين ولعب المباريات. وبالطبع اختلفت الصورة عمّا كان عليه الأمر في الماضي القريب، حيث شكا لاعبون مراراً من مدربيهم الذين كانوا يستدعونهم إلى التمارين في اليوم التالي لأي مباراة يخوضونها، إضافةً إلى تنظيم مباريات ودية في كرة القدم تحديداً لأولئك اللاعبين الذين لم يشاركوا في المباراة الرسمية، وذلك للحفاظ على روحهم التنافسية وعلى رفع ذهنيتهم بما خصّ الجهوزية على مختلف المستويات، وليبقوا على مستوى قريب من اللاعبين الأساسيين الذين يشاركون لدقائق أكثر منهم.
وفي كرة السلة لم تكن الصورة تختلف، لا بل إن ارتباط اللاعبين بعقودٍ احترافية جعل من المستديرة البرتقالية مهنتهم الوحيدة، فكانت الحصص التدريبية بجديتها أشبه بالمباريات، لا بل إن فرقاً عدة كانت تعتمد على حصتين تدريبيتين صباحاً ومساءً في بداية الموسم لتسريع عجلة الحضور البدني والذهني للاعبيها في ظل كثافة المباريات، وهي بالتأكيد خطوة صحيحة ومهمة للبقاء في جهوزية تامة.
اليوم أقصى ما يفعله لاعبو كرة القدم الذين أوقفت فرقهم تمارينها هو الركض على الكورنيش أو على شاطئ البحر. هذا إذا ما أرادوا إبقاء حضورهم البدني في مستوى مقبول. لكن تأثير غياب المباريات لا يتلاقى أبداً مع أي مجهودٍ يقومون به، وهو ما يتذرّع به لاعبون اختاروا الجلوس في المقاهي خلال ساعات بعد الظهر التي كانت غالباً مخصّصة للحصص التدريبية في ملاعب أنديتهم.
أحد هؤلاء اللاعبين، وهو يشارك أساسياً مع فريقه، بدا وزنه زائداً، وعند سؤاله عن هذا الأمر أجاب: «اسألوا رئيس النادي الذي أعطى الأوامر بإيقاف التمارين». هو يلقي باللوم على غيره، لكن الواضح أن قسماً لا بأس به من اللاعبين لا يعيرون أصلاً أي اهتمام لنظامهم الغذائي الذي لا تراقبه الأندية أصلاً. لذا لا يكترث لاعبون كثيرون لهذه النقطة، فهم إذا ما استؤنفت البطولة في الموعد الذي أعلن عنه الاتحاد اللبناني لكرة القدم أمس، سيجدون منافسين كثراً على صورتهم، أي مجموعة من اللاعبين غير الجاهزين بدنياً، والذين قضوا أوقاتهم بين موائد الطعام والمقاهي الشعبية.
تكلفة البرنامج الإعدادي الخاص للاعب لا تقلّ عن الـ 400 دولار


الصورة قد تختلف نسبياً عند بعض لاعبي كرة السلة، فهؤلاء وبما أن اللعبة تحوّلت إلى مصدر عيشهم، فقد اعتادوا على نمطٍ معيّن لناحية النظام الغذائي أو التدرّب بشكلٍ منفرد بعيداً عن التمارين الجماعية.
هي خطوة ذهب إليها معظم اللاعبين بعد توقف البطولة، فقضوا أوقاتهم بين صالات اللياقة البدنية أو ملاعب أنديتهم ساعين للبقاء على مهاراتهم في التصويب باتجاه السلة. لكنّ لاعباً دولياً بارزاً يشير إلى نقطةٍ مهمة، وهي إصابة البعض بالملل، ما جعلهم يتركون الملاعب أو يقلّصون من حجم زياراتهم إلى «صالات الحديد»، وذلك بسبب فقدان الحافز، إذ كما هو معلوم اعتاد جمهور كرة السلة على التشجيع الصاخب والتحديات التي تفرضها المباريات وتثير حماسة اللاعبين بفعل تقارب المستوى بين غالبية الفرق.
واللافت أنه قبل انطلاق الموسم ذهب قسمٌ لا يستهان به من لاعبي الفوتبول والباسكت إلى اتباع برامج تدريبية لدى أشخاص مختصين بهذا الشأن، وذلك لدخول الموسم بمستوى بدني مرتفع. وهذا الأمر يؤكده فؤاد جرجس صاحب مركز «Step Ahead»، وهو المركز الأكبر المتخصّص على هذا الصعيد في لبنان، حيث يجمع نخبة من اللاعبين الساعين للتدرّب بعيداً عن الملاعب لتعزيز لياقتهم البدنية، أو أولئك الذين يعانون من إصابات أو هم عادوا منها بعد غيابٍ طويلٍ عن الملاعب بسبب خضوعهم لعملية جراحية أو علاجٍ ما.
ويقول جرجس: «خلال الفترة التي سبقت انطلاق موسمي كرة القدم وكرة السلة، تقاطر حوالى 80 لاعباً إلى المركز، حيث التزموا ببرامج تدريبية مكثّفة وبطريقة علمية أي بحسب حاجة كلٍّ منهم، وهو الأمر الذي أعطاهم أفضلية على غيرهم من اللاعبين الذين لم يستعدوا جيداً في الفترة التحضيرية». ويضيف بشأن التأثير السلبي لتوقف التمارين والمباريات قائلاً: «مخطئ من يعتقد أنه مع استئناف البطولات سنشهد المستوى الفني نفسه الذي لم يصل أصلاً إلى الدرجة المطلوبة بحكم خوض الفرق عدداً محدوداً من المباريات قبل التوقّف القسري. لذا إذا ما أراد أي لاعب بلوغ الجهوزية المطلوبة مجدداً فعليه أن يبدأ من الصفر وكأنه لم يلعب أي مباراة هذا الموسم، لأن فترة التوقف أعادته بلا شكّ إلى الوراء». ويختم: «يحتاج اللاعب أقله إلى 3 أسابيع من الإعداد البدني قبل استئناف البطولة، وذلك لكي يتفادى الوقوع في الإصابات وليتمكن من تأدية واجبه على أكمل وجه».
وإذ يوضح جرجس بأن عدداً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من اللاعبين الذين سألوا عن برنامجٍ تدريبي خاص، فإن هذا الأمر طبيعي ومبرّر، فأي برنامج من هذا النوع يكلّف طالبه 400 دولار شهرياً، وهو مبلغ لن يحبّذ أحدٌ دفعه، وخصوصاً أن اللاعبين لا يتقاضون رواتبهم أو إذا ما حصلوا على شيءٍ منها فهو جزء قد لا يكفيهم لدفع المستحقات المتوجّبة عليهم في حياتهم اليومية.
هي معضلة بكل ما للكلمة من معنى، إذ لا يمكن تخيّل المستوى الذي ستبدو عليه بعض الفرق عند استئناف بطولتي كرة القدم وكرة السلة مع بداية العام الجديد، والأسوأ أنه في الحالتين لا يمكن لوم الأندية التي لا تملك السيولة لإلزام لاعبيها بالتمارين، كما لا يمكن لوم اللاعبين الذين يكشف الحديث معهم بأنهم تعبوا ذهنياً من انتظار استئناف النشاط ومن وضعهم المالي ومن وضع البلاد بشكلٍ عام، بعدما تحوّلت الرياضة إلى إحدى ضحايا الأزمة المستمرة.



اتحاد الكرة يحدّد موعد استئناف الدوري
عمّم الاتحاد اللبناني لكرة القدم بياناً بعد ظهر أمس عقب اجتماع للجنته التنفيذية، محدداً موعد إطلاق واستئناف بطولاته المختلفة.
وبالتأكيد كان الكل بانتظار القرار بخصوص بطولة الدوري العام لأندية الدرجة الاولى، وخصوصاً بعدما كثرت الاجتهادات عقب الاجتماعين اللذين جمعا الاتحاد بالأندية، وتقدمت هذه الاخيرة بمجموعة اقتراحات تمّت مناقشتها.
هذا وقد أشار الاتحاد الى أنه قرر استكمال الدوري اللبناني لموسم 2019-2020 وفق آلية قانونية وأسس فنية سيتم اعتمادها من قبل اللجنة التنفيذية للاتحاد، حيث ينتظر أن تلعب المباريات المؤجلة من الاسابيع ابتداءً من 12 كانون الثاني المقبل، على أن تستكمل مع مباريات المرحلة الرابعة في الـ24 من الشهر عينه.
ولم يتطرق الاتحاد الى أي أمر في ما خصّ الحضور الجماهيري من عدمه، ما يعني أن البطولة ستستكمل بشكلٍ طبيعي، لكن سيبقى الترقب حاضراً بخصوص النظام الذي سيتمّ اعتماده، وذلك بعد الكلام الذي طفا سابقاً حول استكمالها من مرحلة واحدة، على أن تلعب الفرق الاربعة الاولى بعضها مع بعض (مربع ذهبي)، والاهم توضيح الصورة بخصوص الهبوط الذي طالب بعض الفرق بإلغائه، وهو الأمر الذي لن يكون صحيّاً على صعيد المنافسة.