قد تكون كلمة المجهول العنوان الأنسب لواقع منتخب لبنان في الوقت الحالي، ليس فقط لأن ما سيقدّمه لن يُنقل مباشرة على الهواء بسبب انظمة كوريا الشمالية التي تمنع البث التلفزيوني الخارجي. وبالتأكيد ليس بسبب عدم معرفته بالمستوى الذي وصل إليه منافسه مقارنةً بمباراته معه في بيونغيانغ قبل عامين تماماً حيث تعادلا (2-2) في تصفيات كأس آسيا 2019، ومن ثم مباراته الأخيرة عندما واجهه في البطولة القارية وفاز عليه بنتيجة كبيرة (4-1).كذلك، لا يمكن القول إن المجهول يحضر بسبب التغييرات الواضحة التي عرفتها التشكيلة اللبنانية لناحية دخول وجوه جديدة اليها، بل إن المجهول هو ما يمكن أن يقدّمه منتخب في تجربة جديّة على هذا الصعيد، وهو الذي يلعب بإشراف مدربٍ جديد لم يمضِ وقت طويل مع لاعبيه، وطبعاً في ظل النقص الذي قد يكون مؤثراً في التشكيلة اللبنانية إلى حدٍّ ليس بالبسيط.
وإذ يعلم الجميع أن المهمة في كوريا الشمالية هي صعبة عادةً عندما يخوض الـ«تشوليما» لقاءاته في الملعب الوطني (يتّسع لحوالى 50 ألف متفرج)، فإن الصعوبات قد تكمن في مكانٍ آخر بالنسبة إلى منتخبنا. وهذه المسألة ينطلق الكلام فيها من نواحٍ مختلفة ترتبط بالجانب الفني، ما يترك قلقاً مبرراً لما قد تؤول إليه الأمور.
الواقع أن منتخب لبنان يمرّ بمرحلة انتقالية غير سهلة، فعملية البناء التي يفترض السير بها تتطلب وقتاً كبيراً قبل الشروع في خوض مباريات رسمية على غرار التصفيات التي يدخل إليها حالياً. وهذا الوقت لم يحصل عليه المنتخب لأسبابٍ مختلفة، يأتي على رأسها التأخر في إيجاد المدير الفني الجديد قبل أن يستقر على الروماني ليفيو تشيوبوتاريو. والأخير وصل الى لبنان ولم يتمكن من متابعة أي مباراة رسمية (اقتصر حضوره على مباريات كأسي النخبة والتحدي) لاختيار تشكيلته. أضف الى نقطةٍ أساسية وهي أن تشيوبوتاريو لم يستطع استخلاص النتيجة النهائية من المشاركة في بطولة غرب آسيا كون المنتخب اللبناني خاضها بصفوفٍ غير مكتملة حيث غاب العامود الفقري للمنتخب المتمثّل عملياً باللاعبين المحترفين الذين بدا تأثيرهم الإيجابي واضحاً في أداء ونتائج المنتخب خلال عهد المدير الفني السابق المونتينغري ميودراغ رادولوفيتش.
خيّب باسل جرادي مجدداً الآمال بتخلّفه عن الالتحاق بالمنتخب


كذلك، لا يتوقّف الموضوع عند وصول المنتخب إلى بيونغيانغ قبل وقتٍ قصير من موعد مباراته الأولى في التصفيات بدلاً من السفر مبكراً لاعتياد اللاعبين على فارق التوقيت والأجواء المغايرة مقارنةً بلبنان، بل إن الموضوع الأساس هو في عدم دخول المنتخب هذه المرّة معسكراً داخلياً يؤسس لمرحلة لمّ الشمل من جديد ويترك فكرة أكبر للمدرب حول قدرات لاعبيه الفنية وتصرفاتهم الفردية. وهذه النقطة تبدو أساسية في الوقت الحالي لسببٍ بسيط، وهو أن الروماني يحتاج إلى أكثر اللاعبين جاهزية لإشراكهم في المباريات. وهذه المسألة يبدو صعباً اكتشافها في ظل عدم انطلاق الموسم المحلي رسمياً وعدم قدرته على معرفة الوضع بالدقّة المطلوبة.
وعند هذه النقطة أيضاً يمكن التوقّف للحديث عن الوضع المجهول نتائجه، إذ إن عدم الجاهزية البدنية لن يكون أمراً مستغرباً إذا ما استعرضنا عدد المباريات الجديّة التي خاضها لاعبو المنتخب منذ توقف النشاط المحلي. لذا فإن النقص الذي عرفه المنتخب في بطولة غرب آسيا الأخيرة في العراق لم يكن السبب الوحيد خلف الأداء الذي قدّمه، إذ بعيداً من الفوز على سوريا، فإن ملاحظات عدة سُجّلت في المباريات الأخرى، لكن يمكن البناء عليها لتفادي إهدار النقاط المهمة في بداية مشوار التصفيات.
هذه التصفيات التي ترمي بلبنان فعلاً في دائرة مجهولة، فالصعوبات حضرت منذ اللحظة الأولى لبداية التفكير في المباراة أمام كوريا الشمالية، وتحديداً مع إعلان التشكيلة حيث خيّب باسل جرادي مجدداً الآمال بتخلّفه عن الالتحاق بالمنتخب بحجة أنه غير جاهز بدنياً وذهنياً، لكنه فجأة أطل بعد أيام قليلة ليلعب أساسياً ويقود فريقه هايدوك سبليت إلى صدارة الترتيب في الدوري الكرواتي بفوزه على دينامو زغرب بهدفٍ سجله بنفسه قبل أن يُطرد في آخر 10 دقائق من المباراة.
طبعاً قد يكون بالنسبة إلى البعض قرار جرادي مفهوماً، تماماً كما هو قرار جوان العمري المتغيّب هذه المرة أيضاً، لكن الفارق أن الثاني كان واضحاً وصريحاً حيث يسعى لتثبيت قدميه مع فريقه الحالي الذي يتنافس فيه مع مدافع برشلونة السابق البلجيكي توماس فيرمايلن على مركزٍ أساسي. أما الأول فبدا غالباً مزاجياً واختيارياً في قبوله لدعوة المنتخب الوطني، فتخلّف عن الموعد أكثر من مرّة، ورفض القدوم أيضاً في بعض المحطات، حيث بدا وكأنه جاهز لتمثيل لبنان فقط في المناسبات الكبيرة تماماً كما حصل في كأس آسيا الأخيرة، لكن الأمور لم تسر على ما يرام بعد المشاكل التي تركها خلفه وأثّرت بشكلٍ أو بآخر على المنتخب، فأطلت مطالبات بعدم استدعائه مجدداً إلى التشكيلة قبل أن يعود اسمه إلى التداول مع الدخول في مرحلة جديدة أخيراً!
وبالحديث عن اللاعبين فإن غياب الحارس الأول مهدي خليل يبدو مقلقاً وسط ضيق الخيارات في التشكيلة حيث أضحى الحارس الشاب علي ضاهر الحارس الثاني والبديل الوحيد في المنتخب على هذا الصعيد، وهو الذي لا يملك أي خبرة دولية. أضف الغياب القسري للعمري، واعتزال هيثم فاعور دولياً، ما يعني أن الخيارات ستكون دقيقة جداً لعدم مواجهة أي مفاجأة سلبية محتملة على أرض الملعب.
أمرٌ لا يتمنى أحد حصوله ويمكن تداركه طبعاً رغم كل الظروف الصعبة المبررة، فالقدرة الفطرية للاعبي المنتخب لتعويض النقص التكتيكي والاستراتيجي، لطالما حضرت في الإصرار على تحقيق نتيجة طيّبة، وخصوصاً خارج الديار وبعيداً من الضغط المحلي الذي لا يبدو كبيراً هذه المرة بحكم معرفة الجميع بالظروف الراهنة.



نجم كوريا الشمالية مع يوفنتوس!


عشية المباراة أمام لبنان تعيش كوريا الشمالية نشوة كروية غير عادية مع وصول صوَر انضمام نجمها الموهوب هان كوانغ سونغ إلى يوفنتوس بطل الدوري الايطالي. ورغم وجود هان في تورينو، فإن هذا الخبر سيبني عليه الكوريون الشماليون بالتأكيد لشحن همم لاعبيهم، وهم الذين اشتهروا بالعمل على الجانب النفسي. وهان الذي يبلغ من العمر 20 عاماً هو أول لاعب كوري شمالي في الـ«سيري أ»، وأول لاعب من بلاده يهزّ الشباك في إحدى مباريات دوري الدرجة الأولى الإيطالي، وقد اكمل انتقاله الى «يوفي» قادماً من كالياري على سبيل الإعارة مع خيار الشراء لاحقاً مقابل 5.0 مليون يورو. واللافت أن اسم هان ظهر ضمن قائمة اللاعبين الجدد التي نشرها يوفنتوس رغم أن وسائل الإعلام الإيطالية ذكرت إنه سينضم حصراً إلى فريق اللاعبين دون الـ23 سنة المشارك في دوري الدرجة الثالثة.
وكان هان قد انضم إلى كالياري قبل عامين، وشارك معه في الدوري للمرة الأولى أمام باليرمو مسجلاً هدفه الأول في نيسان الماضي رغم خسارة فريقه (2-3)، وهو سبق أن أعير إلى بيروجيا في دوري الدرجة الثانية ليخوض 36 مباراة خلال موسمين سجل خلالها 11 هدفاً. لكن على الصعيد الدولي لم يسجّل هان أي هدف مع المنتخب الأول في 5 مباريات خاضها رغم أنه لفت الأنظار في كأس العالم دون 17 عاماً عام 2015 في تشيلي حيث بلغت كوريا الشمالية بقيادته دور الـ16، وذلك بعدما كان قد تألق قبلها في كأس آسيا للاعبين دون 16 عاماً حيث هزّ الشباك في جميع المباريات التي شارك فيها باستثناء مباراة واحدة في نصف النهائي، قبل أن يعوّضها بتسجيله الهدف الأول في المباراة النهائية التي فازت فيها كوريا الشمالية على نظيرتها كوريا الجنوبية (2-1).