صعوبات ومشاكل كثيرة مرّ بها نادي النجمة على مدى السنوات، وفي كل مرّة كان النادي صاحب القاعدة الجماهيريّة الأكبر في لبنان يخرج من أزماته، ليعود إلى منصات التتويج والمشاركات محليّاً وخارجيّاً. مشكلة النجمة اليوم تبدو مختلفة، فالأزمات تطفو على السطح في المنارة، حديث عن مشاكل ماليّة، يترافق مع نتائج فنيّة سلبيّة، وغضب جماهيري غير مسبوق، يفتح الباب على احتمالات كثيرة. الجمهور يبحث عن النجوم، وعن نتائج ترضيه وتساعده على دعم النادي من على المدرّج.موسمٌ خامسٌ توالياً لن يذهب فيه لقب بطولة الدوري اللبناني لكرة القدم إلى خزائن النجمة. لم يمرّ على «النبيذي» فترة جفافٍ أطول، منذ فوز الأنصار باللقب لـ11 موسماً توالياً. الجمهور غاضب، يحضر في ملعب النادي، يُعاتب اللاعبين ويواجه الإدارة ويُطالب الجهاز الفني بالتغيير. مرحلةٌ صعبة، لكنها باتت روتينيّة قبل ختام كل موسم. الجمهور يبحث عن الشمّاعة التي يُعلّق عليها هذه الإخفاقات، ويبدو أن قسماً كبيراً منه وجدها في اللاعبين والجهاز الفني بعد الإدارة، في حين أن الإخفاق الأوّل يعود إلى مرحلة التحضير، ومن حضّر الفريق.
يسهلُ على أيّ مشجعٍ أن يُقارن بين نتائج مدرب النجمة السابق الصربي بوريس بونياك، والمدرب الحالي موسى حجيج. الأرقام لا تكذب، لكنّها خدّاعة أيضاً. الأول جمع 22 نقطة من 25 مُمكنة، والثاني قاد الفريق إلى الظفر بـ19 نقطة من أصل 27 ممكنة أيضاً. هكذا يتبيّن للمشجع أن النجمة كان أفضل في بداية الموسم، وأن سبب الإخفاق الحالي يبدأ من الجهاز الفني، لكنه ينسى العودة إلى فترة التحضير، التي غاب عنها حجيج، كما ينسى أيضاً، أن فريقه لا يُشبه منافسيه، وأن عدداً من لاعبي هذا الفريق ليسوا من «الصفّ الأوّل».
على العموم، الكل طاله الانتقاد. المدرب واللاعبون وإدارة ورئيس النادي. انتقادٌ لم يسلم منه المدرب السابق بوريس بونياك أيضاً، بسبب الأداء الدفاعي وعدم الاندفاع الهجومي على الرغم من النتائج الإيجابية، إلا أن الجمهور الذي طالب بأداءٍ يُشبه ما يقدّمه الأنصار اليوم، وجد أن العهد الذي فاز بهدفٍ واحدٍ تسع مرات يتصدّر البطولة بفارق تسع نقاط، وأن أحداً لن يتذكر الأداء. وهنا لا بدّ من العودة إلى القاعدة الأولى «الكوورة غوال».
أمل الجمهور اليوم يتمثّل في اختيارات المدرب حجيج على صعيد اللاعبين للموسم المقبل


مع وصول حجيج إلى قيادة الجهاز الفني للنجمة كان الفارق بين فريقه والعهد ثلاث نقاط، واتّسع إلى خمسٍ عقب المباراة الأولى للمدرب الجديد بمواجهة الشباب الغازية. اختُتمت مرحلة الذهاب وبدأت عمليّة الإعداد لمرحلة جديدة، واستغنت الإدارة عن المدافع السوري أحمد ديب والمهاجم البرازيلي فيليبي دوس سانتوس. برأي الكثيرين، الأخير قد يكون الصفقة الناجحة الوحيدة إلى جانب السنغالي إدريسا نيانغ في الفترة الأخيرة، وللمفارقة، فإن الأول هو الوحيد الذي اختاره بونياك، والثاني جاء به المدرب الأسبق طارق جرايا، من بين جميع اللاعبين الذي «أسقطوا» على التشكيلة، وهنا المشكلة الأساسية، أي في التعاقدات.
رئيس النادي أسعد صقال اختار ضمّ محمد جعفر بالإعارة من الصفاء على الرغم من الاعتراضات من إداريين سابقين. اللاعب الذي نجح في الصفاء والراسينغ، لم يُسجّل له النجاح المتوقع في النجمة، منذ انتهاء عقوبة الإيقاف عنه وخوضه موسمين مع «النبيذي». أمّا اللجنة الفنية، فوقع اختيارها على أبو بكر المل وعمر زين الدين بدايةً، بعدما انتقل الظهير أمير الحصري إلى النادي عقب عدم تجديد عقده في الأنصار، ولحق به عبد الفتاح عاشور بالإعارة من النادي عينه. جميع هؤلاء، باستثناء المل، الذي قدّم مستوى جيداً في مرحلة الذهاب، لم يُرضوا الجمهور. زين الدين فُسخ عقده، عاشور لازم مقاعد البدلاء، فيما ليس للحصري بديل، أو بالأحرى، لم يعد له بديل، فالإدارة استغنت عن مصطفى كساب، الذي غالباً، كان سيحجز مركزاً أساسياً في التشكيلة، ليحلّ إحدى المشكلات الفنية المتمثّلة بمركزي الظهيرين، في ظلّ غياب علي حمام عن عددٍ من المباريات. وفي حين استغنت الإدارة عن البرازيلي دوس سانتوس، وبعده سيدريل لويس الذي تم الاستغناء عنه هو الآخر، لم يبقَ في الفريق سوى علي علاء الدين، بعد رحيل أكرم مغربي، لعدم تجديد عقده هو الآخر.


قبل عاشور، كانت الإدارة تسعى لضمّ الدولي جاد نور الدين، لكنها لم تنجح، كما لم تتمكّن من التعاقد مع سوني سعد الذي فضّل الذهاب إلى نادي الأنصار، فيما اختار جيرونيمو أميوني الانتقال إلى الدوري الفنلندي، وانضم ربيع عطايا إلى العهد. هذا يعني أن بعض تعاقدات الإدارة كانت مع بدلاء الاختيارات الأساسية.
الإخفاق في فترة التحضير لا يأتي دائماً على شاكلة التعاقدات غير الناجحة، بل القرارات الفنيّة أيضاً المتعلقّة باللاعبين، التي يتحمّل مسؤوليتها المدرب أوّلاً، إلا أن الحال في النجمة يختلف، فتلك القرارات لم تكن بأغلبها للمدربين، بل للجنة الفنية، ومن خلفها الإدارة.

«فلّوا من عِنّا»
قبل ثماني دقائق على نهاية المباراة بين النجمة والإخاء الأهلي عاليه الأخيرة، ثبُت لجمهور النجمة أن لقب الدوري الذي كان الفريق لا يزال يُنافس عليه على الرغم من فارق النقاط الثماني مع العهد، قد ضاع مجدداً هذا الموسم. عَلت أصوات الجماهير الغاضبة من النتائج والأداء. الجميع كان يردد، «يلا فلّوا من عنا.. نادي النجمة لإلنا»، مطالبين اللاعبين بخلع قميص الفريق. الرسالة كانت للإدارة ولبعض اللاعبين. الجمهور الذي كان يبحث عن النجوم، بات مطلبه من يقاتل للنجمة، من يلعب «لكنزة النادي». من كان موضع انتقادٍ دائمٍ بسبب أدائه، بات يُضرب المثل به على وسائل التواصل الاجتماعي في تقديم كل إمكانياته على أرض الملعب، فيما وُجّهت أصابع الانتقاد نحو اللاعبين الذين يعلم جمهور النجمة أنهم قادرون على تقديم أكثر مما يفعلون على المستطيل الأخضر. صار النقاش حول من يستحق أن يرتدي قميص النجمة، ليس لاسمه أو ما يملك من مهارات، بل من سيضحّي لأجل الفريق، أما من يفعل الأمرين، فهو البطل المنشود، لكن ليس كل اللاعبين حسن معتوق. تشكيلة النجمة ليست كما العهد والأنصار، واللاعبون ليسوا كلّهم نجوم الصفّ الأول.
الحديث عن لاعبٍ لا يستحق اللعب مع هذا الفريق أو ذاك، معدوم لدى منافسي الوصيف، ما يعني أن الاختيارات في التعاقد مع بعض اللاعبين في النجمة، إن كان في هذا الموسم أو الذي سبقه، كانت خاطئة. «كيف نفوز ومعنا اللاعب الفلاني». جملةٌ باتت تكرر دائماً في تعليقات مشجعي «النبيذي» على وسائل التواصل الاجتماعي، في إشارةٍ إلى المستوى، الذي قد لا يكون متدنياً، لكنه غير كافٍ لفريقٍ ينافس على اللقب.
أمل الجمهور اليوم يتمثّل في اختيارات المدرب حجيج على صعيد اللاعبين للموسم المقبل. المشجعون سيترقّبون القرارات حول من يبقى ومن يرحل، ومن سيُقبل على فريقٍ وجد نفسه الأضعف بين المنافسين.