11 هدفاً في مباراةٍ واحدةٍ هو رقمٌ لافتٌ من دون شك. نتيجة (6-5) هي أيضاً دليلٌ على مباراةٍ «غير طبيعية»، وغير الطبيعي هنا قد يُصنّف ضمن خانة التنافس الكبير بين فريقين، أو دفاعٌ هش، أو نقصٌ في عدد اللاعبين على أرض الملعب، لكن في حالة مباراة أنصار حوارة وأمل السلام في دوري الدرجة الثالثة بكرة القدم، هو تلاعبٌ بالنتيجة، والعقوبة قصوى. هذه مباراةٌ واحدةٌ لافتة، لكن مبارياتٌ أخرى انتهت بنتائج «عادية» مع صفارة الحكم الأخيرة، لكنها حيكت في المكاتب وخارج الملاعب.قبل نحو ثلاثة أسابيع علّق الاتحاد اللبناني لكرة القدم نتيجة مباراة أنصار حوارة وأمل السلام زغرتا ضمن الأسبوع الثالث عشر من بطولة لبنان للدرجة الثالثة. الفريقان اللذان يتنافسان في المجموعة الثالثة، شُطبت نتائجهما وغُرّما مبلغ 7 ملايين و500 مليون ليرة لبنانية، بعد التحقيق الذي أجرته اللجنة التنفيذية في الاتحاد، كما شُطبت أيضاً نتائج فريق النهضة عين بعال (المجموعة الاولى) وغُرّم. تحقيق الاتحاد لا يزال مستمراً، واللجنة تستمع إلى لاعبي وإداريي الأندية الثلاثة، كما تبحث في مباريات أخرى مشكوك فيها. الدورة السداسية للصعود إلى الدرجة الأولى ودورة الهبوط إلى الدرجة الرابعة عُلّقتا حتى انتهاء التحقيق وتحديد الأندية المشاركة في الدورتين، إذ إن شطب النتائج لا يعني الهبوط بعد انتهاء دور المجموعات، فنظام البطولة يختلف عن نظيريه في الدرجتين الأولى والثانية.
إدارات الأندية الثلاثة ردّت على الاتحاد كلٌّ بطريقتها. إدارة أمل السلام (فريقٌ رديفٌ للسلام زغرتا في الدرجة الاولى) لوّحت بانسحاب فرقها، بما فيها السلام، من البطولات كافة. أمّا إدارة أنصار حوارة فتحدّت الاتحاد إبراز نتائج التحقيق وإظهار الأدلّة على وجود تلاعب، معتبرةً أن ثمّة استهدافاً مباشراً للنادي الذي أوقف رئيسه لسنة في فترةٍ سابقة، وسائلةً عن سبب عدم التحقيق في مباراة الشباب طرابلس وأشبال الميناء ضمن الأسبوع الأخير من المجموعة عينها (انتهت بفوز الشباب طرابلس (4-3) وحلوله في المركز الثالث بفارق نقطة عن أنصار حوارة المتأهل)، غامزةً بوجود تلاعبٍ فيها.
ما تستند إليه الأندية هو «الثغرة» في قرار الاتحاد، إذ إن اللجنة لم تحقق مع اللاعبين والإداريين قبل شطب النتائج، وقد لا تملك أدلّة دامغة حول وجود التلاعب، باستثناء الشك في طريقة تسجيل الأهداف في مباراة أنصار حوارة وأمل السلام التي انتهت بخسارة الأخير (5-6)، وتقرير حكم المباراة. «الأخبار» عَلِمت أن الفريق الأخير حضر إلى المباراة بحارسٍ واحدٍ خرج خلال الشوط الثاني بسبب الإصابة، ما دعا إلى مشاركة أحد اللاعبين بدلاً منه. أنصار حوارة الذي كان متقدماً بثلاثة أهدافٍ دون رد، سجّل هدفين بعد مثلهما من أمل السلام، الذي عاد وسجّل ثلاثة أهداف متتالية.
هناك علامات استفهام كبيرة حول العديد من المباريات في مختلف الدرجات


بعد هذا اللقاء خاض الفريقان مباراةً واحدة، ففاز أنصار حوارة على المجد طرابلس الذي ضمن تأهله سلفاً (2-1)، ليتعادلا بعدد النقاط ويبقى الأخير متفوّقاً بفارق هدفٍ واحد، فيما سقط أمل السلام (ضمن بقاءه سلفاً) أمام الرياضة والأدب. أما مباراة الشباب طرابلس وأشبال الميناء التي طالبت إدارة أنصار حوارة التحقيق فيها، فنتيجتها لم تؤثّر سلباً على أشبال الميناء الذي تأكّد مشاركته في دورة الهبوط قبل انطلاق المرحلة الأخيرة، في حين كان يمكن أن يتأهل الشباب طرابلس بعد فوزه، لو تعادل أنصار حوارة مع المجد أو خسر.
المباراة الثانية التي توقّف عندها الاتحاد هي التي جرت بين النهضة عين بعال وبنت جبيل ضمن المجموعة الأولى في الأسبوع الأخير. اللقاء انتهى بفوز بنت جبيل (5-3) بعدما كان متأخراً بثلاثة أهداف، أي إنه قلب النتيجة لصالحه مسجلاً أربعة أهدافٍ متتالية، فضمن المركز الخامس الذي يُبعده عن دورة الهبوط، في حين بقيَ النهضة في المركز الأخير، بفارق خمس نقاط عن المركز السادس الآمن. بحسب المعلومات، النهضة الذي كان يحتاج إلى الفوز، وخسارة التقدم عنقون أمام الإخوة الخرايب، حتى يتجنّب دورة الهبوط، وردت إلى لاعبيه أخبارٌ غير صحيحة خلال سير المباراة عن تفوّق التقدم عنقون في مباراته (خسر 2-4)، ما يعني حتمية المشاركة في الدورة السداسية حتّى مع الفوز في المباراة الأخيرة بدور المجموعات، لتتغيّر النتيجة لصالح بنت جبيل، الذي لو خسر لما ضمن بقاءه.
إدارة أمل السلام تنتظر انتهاء التحقيق ونتائجه، ونظيرتها في أنصار حوارة طالبت الاتحاد بالاعتذار والتراجع عن قراراته، ومحاسبة «من فبرك الاتهامات»، داعيةً إلى فتح تحقيق في المباريات كافة. لكن حتى لو لم يتراجع الاتحاد عن القرارات، وهو ما سيحصل على الأغلب، فستخوض هذه الفرق الدورة السداسية التي قد تبقيها في الدرجة الثالثة.
نتائج المباريات التي تُثار الشكوك حولها، خاصةً تلك التي تُلعب في مرحلة الإياب من أي بطولة، ليست جديدة على كرة القدم اللبنانية، إلا أن تأكيد الفعل لا يُرافق بالدلائل، ويبقى ضمن خانة الاتهامات، وهذا ما يستدعي تدخّلاً من الدولة وتحقيقاً جدّياً من المعنيين. مباريات أخرى في الدرجة الثانية هذا الموسم شابهت المباريات التي طالها التحقيق في الدرجة الثالثة، وغالباً، لن تنتهي البطولة من دون الغمز بـ«تعليب» بعض النتائج. هذه الفرق قد تصعد إلى الدرجة الاولى، وإن كان صعودها باطلاً، فوجودها في الدوري الممتاز باطلٌ أيضاً، ومن سيّر مباراةً كما يريد، سيكرر فعلته.