ترتفع وتيرة الاستعدادات الخاصة بمنتخب لبنان إلى محطة أكثر جديّة وأعلى مستوى مع خوضه مباراة ودية مع الكويت، يتطلع من خلالها الجهاز الفني إلى أمورٍ عدة يمكن الاستفادة منها في المراحل المقبلة عندما يرتفع مستوى المباريات التحضيرية أيضاً وتحديداً عندما يلعب لبنان مع أوزبكستان وأوستراليا.المهم أن المنتخب اللبناني يستعد بجديّة، لكن مراقبة كل مباراة عن كثب تأخذ منحى غير مسبوق من قبل كل المتابعين، وخصوصاً أن استحقاق كأس آسيا ليس بالاستحقاق العادي. من هنا، تبدو الأسئلة مشتركة حول صورة التشكيلة اللبنانيّة، أو ما يبحث عنه المدرب المونتينغري ميودراغ رادولوفيتش من المواجهة مع «الأزرق»، الذي تشير مصادره إلى أنّ المباراة تعدّ أكثر من وديّة بالنسبة إليه كونه يعرف مدى تطور المنتخب اللبناني، وبالتالي يريد مدربه الكرواتي روميو يوزاك الاستفادة منها إلى أبعد الحدود.
وفي خضم الاستعدادات كانت خيارات رادولوفيتش لوديّة الكويت مألوفة، ولو أنّها شهدت بعض الإضافات التي سبق أن عرفتها مثل دخول مدافع الأنصار حسن بيطار في الحسابات، وعودة سوني سعد. وكل هذا طبعاً بعد إصابة جوان العمري وحسن معتوق، وهما بلا شك يتركان فراغاً كبيراً في مركزيهما.
وبالحديث عن خيارات «رادو» كان السؤال الأكثر تداولاً هو حول أسباب استدعائه لأربعة حراسٍ للمرمى، هم مهدي خليل، عباس حسن، مصطفى مطر، ومحمد طه.
اسم الأخير أثار السؤال الأكبر، إذ كما هو معلوم تحوّل طه أخيراً احتياطياً في فريقه الصفاء، وذلك على خلفية تقديمه أداءً ضعيفاً في المباراة الأولى في الدوري أمام العهد حيث اهتزت شباكه 6 مرات. أضف أنه إذا لم يلعب مع الصفاء فإن فرصه ضئيلة أصلاً للعب مع المنتخب بوجود خليل وحسن اللذين يتفوقان بإمكاناتهما على كل حراس لبنان.
كان السؤال الأكثر تداولاً هو حول أسباب استدعاء رادولوفيتش لأربعة حراسٍ للمرمى


وإذ بقيت مسألة الذهاب بـ 4 حراس إلى الكويت غامضة، طُرح سؤال آخر أيضاً حول ما سبق أن ذكره رادولوفيتش عقب نهاية التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا، بأن هذه التصفيات كانت المشوار الأخير لبعض اللاعبين مع المنتخب حيث سيذهب إلى بدء ورشة التجديد. لكن المفاجأة كانت ببقاء هذه العناصر التي تراجع مستوى بعضها أصلاً، لا بل أضيف إليها لاعبون سبق أن كانوا خارج خياراته، ويبدو أنّه سيستعين بهم للاستحقاق القاري.
وفي موازاة عدم تجاهل قيام رادولوفيتش بعملٍ كبير مع المنتخب، تطرح هذه الأسئلة من باب القلق حول معرفة الشكل النهائي لخياراته الأساسية، والتي بحسب مصدرٍ مقرّب منه لم تحسم بعد بانتظار إنجاز الأوراق الرسمية للشقيقين المغتربين فيليكس والكسندر ميشال اللذين يتحدّث عنهما المدرب بإعجاب، إضافةً إلى المهاجم المكسيكي المولد خيرونيمو أميوني، الذي يبدو حاجةً ماسّة لافتقار المنتخب حتى الآن إلى مهاجمٍ هداف بالمستوى المطلوب.
لكن وفي هذه النقطة أيضاً، يطرح سؤال حول حجم الوقت الذي سيسنح للاعبين الجدد التأقلم والتعرف إلى بقية أفراد التشكيلة، وهو أمر يعاني منه أصلاً كل من يغيب لفترة غير قصيرة عن المنتخب، على غرار سوني سعد، الذي يتوقع أن يحصل اليوم على فرصة جديدة لإثبات أحقيّته بالوجود مع المجموعة في آسيا. وعند الأخير يمكن التوقف فهو أحد الألغاز الكبيرة التي لم يعرف أحدٌ حلّها. لاعبٌ بدا أنه يملك قدرات جيدة، لكنه لم يظهر يوماً أنه بإمكانه صناعة الفارق مع المنتخب، ربما بسبب عدم توظيفه بالشكل المناسب، أو لسبب يخصّه شخصياً، إذ إن سعد غالباً ما اعتبر أن المركز الذي يشغله لا يناسبه، فطلب تارةً أن يكون رأس حربة، وتارة أخرى أن يشغل مركزاً خلف المهاجم الوحيد، أو اللعب على الجهة اليسرى المتوقّع أن يشغلها اليوم بغياب حسن معتوق. علماً أنه يعود إلى المنتخب في مرحلة ليست مثالية بالنسبة إليه كونه لم يشارك أساسياً في المباريات الأخيرة لفريقه «Indy Eleven» في الولايات المتحدة الأميركية.
وبطبيعة الحال سيبقى رادولوفيتش وفيّاً لاستراتيجيته وخياراته الأساسيّة المتاحة، وهي خطوة منطقيّة أيضاً كون المجموعة تحتاج إلى أكبر قدرٍ من الكيميائية بسبب عدم مشاركة اللاعبين مع بعضهم البعض إلّا في مناسبات متباعدة، وبالتالي فإن عمليّة اندماجهم وترجمتهم لأفكار المدرّب تبقى مسألة حاسمة وأساسية وسط الطموحات الكبيرة التي يضعها الجميع حول المنتخب قبل ثلاثة أشهر فقط على العرس القاري.



تاريخ طويل بين «الأحمر» و«الأزرق»


بقيت الكثير من المباريات بين المنتخبين اللبناني والكويتي في الذاكرة، وخصوصاً لقاءاتهما على المستويات الرسمية المختلفة. المنتخبان التقيا في 32 مناسبة، ففاز لبنان 7 مرات، وخسر 15 مرة، مقابل 10 تعادلات. وكان أول لقاء بينهما في 6 أيلول عام 1961 حيث فاز لبنان 4-0 ضمن دورة الألعاب العربية، والتي تحمل ذكريات طيبة للبنانيين أمام الكويتيين، وتحديداً في الدورة التي استضافتها بيروت عام 1997 حيث فاز «رجال الأرز» 3-1 على «الأزرق» بقيادة مدربه الشهير ميلان ماتشالا (سجلها للبنان مالك حسون (2) ووسام عبدالله)، في طريقهم لإحراز الميدالية البرونزية. علماً أن لبنان كان قد خسر على أرضه بنفس النتيجة قبل شهر على تلك المباراة، وذلك ضمن تصفيات كأس العالم 1998، والتي شهدت لقاء مثيراً آخر بين الطرفين انتهى كويتياً بهدفين نظيفين. أما أكثر مباراة شهدت أهدافاً بين الطرفين فكانت في تصفيات كأس آسيا (9 حزيران 1996)، وانتهت لمصلحة الكويت 5-3، وقد سجل للبنان وائل نزهة ووارطان غازاريان (2).
ومن الانتصارات الغالية للبنان على الكويت فوزه على أرض الأخير 1-0، ضمن تصفيات كأس العالم (11 تشرين الثاني 2011)، سجله محمود العلي، وذلك في مشوار التصفيات المونديالية الأفضل للبنانيين حتى الآن، وهو كان الفوز الأخير للبنان على الكويت، علماً أن آخر لقاءين في هذا الإطار كانا قبل ثلاثة أعوام حيث خسر منتخبنا 0-1 على أرضه وتعادل مع «الأزرق» سلباً في مباراة الإياب، ليبقى الأخير من دون هزيمة أمام «الأحمر» في آخر 6 مباريات جمعت بينهما.


«الأزرق» في رحلة العودة


مما لا شك فيه أن المنتخب الكويتي سيشكل اختباراً جديّاً للمنتخب اللبناني، وخصوصاً أن ورشة العودة التي أطلقها تبدأ من خلال مباراتين مع لبنان وأوستراليا، وذلك بعد ابتعاد «الأزرق» عن الساحة الدوليّة بسبب مشاكل الكرة الداخلية، فكان أن غاب عن كأس آسيا المقبلة. وإذا أبقى المدرب يوزاك على بعض الأسماء المعروفة، أمثال فهد العنيزي وبدر المطوع وعبدالله البريكي وغيرهم، فإن خياراته أخذت منحى جديداً بعد متابعته للمباريات المحلية عن كثب، فاستدعى أسماء جديدة لفتت الأنظار في الدوري كمهاجم العربي حسين الموسوي ومدافع السالمية غازي القهيدي وثلاثي كاظمة عمر الحبيتر ومشاري العازمي وحمد حربي ومدافع النصر علي عتيق. وأشار يوزاك إلى أن مواجهة منتخب لبنان هي فرصة حقيقيّة للوقوف على مستوى جهوزية «الأزرق» ومدى إمكانية تطور لاعبيه الجدد، واصفاً ما ينتظرهم بالاختبارات القوية، وهو ما يعكس أيضاً أنه يدخل اللقاء أمام منتخب لبنان بجديّة كبيرة، فالنتائج الإيجابية منتظرة في الكويت كون المنتخب لن يخوض أي مباريات رسمية لفترة ليست بقصيرة.