غادر منتخب لبنان لكرة القدم بعد ظهر الثلاثاء إلى العاصمة الأردنية عمّان لخوض مباراتين وديتين أمام صاحب الضيافة ومنتخب عُمان، وذلك في مستهل مشوار الاستعدادات الخاصة بكأس آسيا 2019، والتي ستمرّ بمحطات عدة قبل الوصول إلى الإماراتتجمعٌ سريع، حصة تدريبية خفيفة، ثم رحلة إلى الأردن. هذا ما وُضع على أجندة المدرب المونتينغري لمنتخب لبنان ميودراغ رادولوفيتش، الذي لم يذهب إلى أي تعقيدات، إذ إن الأهم بالنسبة إلى منتخب لبنان حالياً هو جمع اللاعبين الذين لم يعرفوا الألوان الوطنية منذ فترةٍ طويلة، وتحديداً منذ نهاية مرحلة التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا - الإمارات 2019. يعلم «رادو» جيّداً أن عمله الحالي مع اللاعبين لا يقلّ حجماً عن ذاك الذي تقوم به الأندية لإعداد فرقها قبل انطلاق الموسم الجديد، إذ إن غالبية عناصر المنتخب لم تصل إلى الجهوزية الفنية الكاملة، كونها لا تزال في خضم التحضيرات، ومنها من انضم إلى فرقٍ جديدة وأخرى تتعرف على المنتخب للمرة الأولى. لكن أفكار رادولوفيتش التي ناقشها مع المقرّبين منه كانت واضحة ومباشرة، إذ إن الرجل حدّد أهدافه في كلٍّ من المحطات الاستعدادية التي سيعبرها منتخبنا قبل أن تحطّ طائرته في البلد الخليجي المضيف للحدث القاري ليشرع بعدها في مرحلة الجدّ التي ترتبط بالمباريات التي سيخوضها هناك في مطلع شهر كانون الثاني من السنة المقبلة.
أجواء اللاعبين في الحصة التدريبية الوحيدة في بيروت تعكس ارتياحاً كبيراً، إذ عند اللون الأحمر تسقط الضغوط ويختفي التوتر الذي يحضر عادة في مواجهاتهم مع أنديتهم. لكن ما يبعث على الارتياح أكثر هو تلك الحماسة والجدية التي يقابل بها اللاعبون تمرين المنتخب، وبعضهم من حضر إلى ملعب بئر حسن بعد أقل من 24 ساعة على خوضه مباراة الكأس السوبر. وهنا الحديث عن لاعبي العهد والنجمة تحديداً. وتبدو جميع الظروف مهيأة أمام رادولوفيتش للقيام بالعمل المطلوب، فاللاعبون حصلوا على مكافآتهم كاملة على خلفية تأهلهم إلى كأس آسيا. ولا يمكن إسقاط أهمية هذه المسألة، خصوصاً في ظلّ أوضاع مضطربة عاشها أو يعيشها بعض هؤلاء اللاعبين في أنديتهم، وبالتالي فإن الخطوة المذكورة هي جيدة جداً، من حيث انعكاسها الإيجابي على الراحة الذهنية للاعب، الذي سيشعر برغبة أكبر للعب مع المنتخب ويجد فيه مساحة لنسيان المشاكل الكروية الأخرى، والانشغال بالمهمة الوطنية بأجواء مثالية.
أجواء اللاعبين في الحصة التدريبية الوحيدة في بيروت تعكس ارتياحاً كبيراً


هذا الهدوء النسبي ستكسره بالتأكيد حرارة المباراتين المنتظرتين أمام الأردن (6 أيلول) وعُمان (9 أيلول) على التوالي، فالمنتخبان المذكوران جاهزان بشكلٍ كبير بعكس منتخبنا، انطلاقاً من اعتبارات عدة، ما يفرض لقاءين صعبين بلا شك، وخصوصاً أمام منتخب «النشامى» الذي وضع روزنامة دسمة استعداداً لآسيا، إذ يفترض أن يقابل كرواتيا وصيفة مونديال 2018، وألبانيا التي كانت قد تأهلت إلى كأس أوروبا 2016.
من هنا، تكمن الصعوبة، أي صعوبة التأدية جماعياً في المنتخب بعد غياب اللاعبين لفترة طويلة عن بعضهم البعض، ما يجعل التشديد حاضراً من خلال العمل المكثّف على خلق حالة الانسجام الضرورية، وهي مسألة لا تقلق «رادو» الذي رسم في رأسه استراتيجية مقسمّة إلى قسمين للمرحلة الحالية والمقبلة. ويملك مدرب منتخب لبنان 35 اسماً ضمن مروحة الخيارات، ومن هذه اللائحة سيختار 23 لاعباً للحدث القاري، لذا بالنسبة إليه لا بدّ من تجربة بعض العناصر الجديدة أو تلك التي لم تأخذ وقتاً طويلاً على أرض الملعب في فترة سابقة، إضافة إلى الدفع ببعضها في نزالين قويين، لمعرفة مدى ردّة فعلها أمام هكذا نوعٍ من المنتخبات، وبالتالي حسم أمرها إذا ما كانت تستطيع الارتقاء إلى مستوى التحدي الذي تفرضه كأس آسيا. وهنا الحديث عن لاعبين مثل نجم السلام زغرتا ادمون شحادة، وثنائي الأنصار حسن شعيتو «شبريكو» وبلال نجدي.
إذاً بعد التدريب البسيط في بيروت بمشاركة كل اللاعبين ما عدا جوان العمري الذي وصل متعباً من اليابان، وهلال الحلوة وعمر شعبان «بوغيل» اللذين سينضمان إلى المنتخب في العاصمة الأردنية، ستكون الاختبارات كثيرة، ومنها أيضاً معرفة مدى جهوزية اللاعبين من حيث الارتقاء إلى مستوى وتيرة اللعب دولياً، ورفع منسوب اللياقة عند بعضهم من خلال التمارين والمباريات، ولو أن البعض قد يكون شعر بالتعب أخيراً. كل هذا سيحصل بعيداً من النظر إلى النتيجة كون المرحلة المقبلة ستكون مختلفة تماماً، وهي ستتمحور بلا شك حول التركيز على التشكيلة الأساسية التي ستدافع عن ألوان المنتخب في كأس آسيا، وذلك بعد اكتمال العمل على إنهاء ملف اولئك الذين سيستعيدون جنسيتهم (المهاجم خيرونيمو أميوني، والشقيقان الكسندر وفليكس ميشال)، حيث تشكّل هذه المسألة منعطفاً مهماً وأساسياً في رسم التشكيلة النهائية للمنتخب الوطني.