في حكم القدرات التي يملكها المنتخب الإماراتي، كانت التطلّعات والآمال كبيرة. علامات الاستفهام بدأت تُطرح بعد المباراة الافتتاحية للبطولة. تعادل مفاجئ لصاحب الأرض والجمهور المنتخب الإماراتي مع المنتخب البحريني بهدف لمثله. صدمة كبيرة تعرّض لها الجمهور والشارع الإماراتيان، حيث إن كل آمالهم كانت تنصبّ على حصد النقاط الثلاث، من أحد أضعف فرق المجموعة، بل وأكثر من ذلك، حصد اللقب الذي عصي عليهم في النسخة الماضية أمام أستراليا في النهائي. المباراة انتهت، وتعادلت الإمارات في مباراتها الافتتاحية. يمتلك المنتخب الإماراتي مفاتيح لعب مميزة، على غرار المهاجم علي مبخوت، ولاعب خط الوسط محمد عبد الرحمن شقيق النجم الأبرز في الفريق والذي غاب بسبب الإصابة عمر عبد الرحمن «عموري». في المباراة الثانية تمكّن رجال المدرب الإيطالي الخبير ألبرتو زاكيروني من تحقيق الفوز أمام المنتخب الهندي. وفي المباراة الثالثة، عادت علامات الاستفهام لتظهر من جديد، بعد التعادل أمام منتخب متواضع كالتايلاندي. صحيح بأن المنتخب الإماراتي أنهى دور المجموعات متصدّراً مجموعته بخمس نقاط، إلّا أنّ ما يمكن أن يثير القلق في أرجاء وغرف ملابس الإماراتيين، هو أن المجموعة الأولى لم تضمّ أسماء كبيرة من القارة الآسيوية، حيث إن كلّ المنتخبات مقدور عليها. سيكون دور الـ16 بمثابة التحدّي الجديد لأبناء المدرب الإيطالي، ولو أن المنافس متواضع قليلاً والمتمثّل بقرغيزستان، إلاّ أن تخطّيه، سيعطي الكثير من الثقة لأصحاب الأرض للمضي قدماً في البطولة.
منتخب الأردن
لا يمكن أن يختلف اثنان من مشجعين أو محللين أو متابعين للبطولة الآسيوية، على أن المنتخب الأردني هو المنتخب الذي فاجأ الجميع في هذه البطولة. كيف لا، وهو من حقّق انتصاراً كبيراً ومهمّاً أمام المنتخب الأسترالي حامل لقب النسخة الماضية في المباراة الأولى بهدف نظيف. ليعود ويؤكّد أن ما حدث ليس «ضربة حظ»، وانتصر أمام المنتخب الذي علّقت عليه الكثير من الآمال في هذه البطولة، نظراً إلى ما قدّمه من أداء مشرّف ومميّز في التصفيات المؤهّلة إلى العرس الكروي الأكبر كأس العالم، منتخب «نسور قاسيون». بهدفين دون رد، تمكّن المنتخب الأردني، أو كما يلقّب بمنتخب الـ«نشامى» من حسم المباراة الثانية وذلك بسبب خدمات لاعبه المميّز موسى التعمري، الذي أكّد بدوره، حضور وفد من فريق إيطالي لمتابعته خلال البطولة. في المباراة الثالثة أمام المنتخب الفلسطيني، لم يدخل المدرب البلجيكي فيتال بوركيلمانس بتشكيلته الأساسية، وهذا ما كان متوقعاً منه، بعد أن أصبح المنتخب الأردني هو المنتخب الأول الذي تأهّل إلى دور الـ16، أي قبل كبار القارة الآسيوية. في الدور المقبل، يمكن اعتبار أن من سيواجه المنتخب الأردني، مهما علا كعبه، سيضطر ليحسب ألف حساب، قبل أن يستهين بمنتخب، تمكّن من الفوز على الأستراليين، وإنهاء آمال السوريين. إلّا أن البطولة وضعت المنتخب الفييتنامي أمام الأردنيين في دور الـ16، ممّا سيسهّل الأمور على الأردن (على الورق)، الذي وبنسبة كبيرة سيتخطّى هذا الدور. يبدو أن مساعد مدرب المنتخب البلجيكي السابق، قد اكتسب خبرة لا بأس بها في سنواته الماضية، ليحصد اليوم ثمار تعبه، من بوابة عربية وفي ثاني أقدم بطولة قاريّة.

المنتخب القطري
تراجع أداء المنتخب القطري منذ أربع سنوات حتّى هذا اليوم، حيث أن المنتخب «العنابي»، تبدّلت أحواله وأهدافه من منتخب كان ضمن مجموعات «الحسم» المؤهّلة مباشرة إلى كأس العالم، إلى غير المتأهلين إلى هاتين المجموعتين. حتّى أن مركز المنتخب القطري ضِمن الترتيب العالمي الذي يضعه الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» قد تراجع نحو المركز الـ93، بعد أن كان في السابق لا يتخطّى الثمانين. يبدو أن فوز القطريين بشرف استضافة بطولة كأس العالم 2022 قد جعل الإداريين وأصحاب الأموال ورجال الأعمال، يبدؤون بحملات إنشاء مدارس كروية وملاعب مميّزة لتكون جديرة باستضافة العرس الكروي. ومن بين الأسماء التي خرجت من هذه المشاريع القطرية، اللاعب الشاب أكرم عفيف (22 عاماً). يعتبر أكرم أبرز المفاتيح التي يملكها المدرب الإسباني فيلكس سانشيز. فقد كان لعفيف تجربة أوروبية وتحديداً في إسبانيا مع كلٍّ من فياريال وسبورتينغ خيخون. إلّا أن أداء الصغير القطري لم يرتقِ إلى التوقيع معه من قِبل هذين الناديين الإسبانيين. يدافع اليوم عفيف عن ألوان فريق السد القطري. أضف إلى ذلك، أن المنتخب القطري قد أثبت بأنه قد تطوّر كثيراً من الناحية الفنية والتنظيمية داخل أرضية الملعب، فأن تفوز بسداسية نظيفة ليس بالأمر السهل، حتى وإن كان الخصم ضعيفاً ككوريا الشمالية. خبرة حسن الهيدوس، قائد المنتخب قد ظهرت في كثير من الفترات خلال المباريات، حيث لديه القدرة على تنظيم إيقاع اللعب كما يريد، ومن جاور تشافي هيرنانديز في السد، ليس غريباً عليه مثل هذه الأفكار. أمّا بالنسبة إلى هداف البطولة، المعز علي (سبعة أهداف) فلا يمكن القول سوى أنه من طينة المهاجمين الكبار. المباراة المُقبلة ستكون أمام «أسود الرافدين»، منتخب عربي منظّم، لم يستطع منتخب كالإيراني تحقيق الانتصار عليه، اختبار حقيقي لرجال المدرب سانشيز، إلّا أن الفوز الأخير للقطريين أمام «الأخضر» السعودي أعطى الكثير من الثقة، وسيكون بمثابة السلاح الذي سيحاربون به في الأدوار المقبلة.

المنتخب السعودي
في كلّ المنتخبات العربية، لا بدّ من وجود أفضليّة لمنتخب على الآخر، ومن بين المنتخبات التي تعتبر كاملة، ويشعر المتابعون بأنه أفضل من غيره من الممثلين العرب في البطولة الآسيوية، المنتخب السعودي. لا يزال مشجعو المنتخب السعودي يتذكّرون جيداً تسديدة مهاجم الفريق المميّز فهد المولّد التي سكنت شباك منتخب اليابان والتي بدورها حسمت التأهّل إلى كأس العالم. فهد المولّد، بصم على نتيجة تاريخية للمنتخب السعودي أمام «الساموراي» الياباني، فأن تهزم أحد كبار القارة الآسيوية الذي يملك لاعبين محترفين في أبرز الدوريات الأوروبية ليس بالأمر السهل. يحمل السعوديون هذه النتيجة ويواجهون بها أيّ فريق في آسيا. ولكن من الصدف، وقعت السعودية من جديد في مواجهة مع المنتخب الياباني، الذي من الممكن أن ينتقم لنتيجة المباراة الأخيرة بين البلدين.
مباراة صعبة تنتظر المنتخب السعودي في الدور الثاني حين يواجه «الساموراي» الياباني

نتيجة مميّزة أمام المنتخب الكوري الشمالي والتي اقتصرت على أربعة أهداف دون رد، وفوز رافقه أداء جيد أمام المنتخب اللبناني بهدفين دون رد. إلّا أن المباراة أمام المنتخب القطري، والتي لا يمكن وصفها سوى بـ«أن المدرب سانشيز تفوّق تكتيكياً على المدرب الإسباني الأرجنتيني خوان انطونيو بيتزي». ثنائية تمكّن من خلالها منتخب «العنابي» من زعزعة ثقة المنتخب السعودي، الذي لم يكن أي منتخب عربي آخر في البطولة، يلعب بهذه الثقة. إلّا أن المباراة تبقى مباراة واحدة، ومن الطبيعي أن يتعثّر منتخب مع بداية المسابقة. ولكن المحطّة المقبلة هي اليابان، فعلى المدرب بيتزي أن يتّخذ كل الإجراءات اللازمة، من البدنية إلى التكتيكية، ويحضّر اللاعبين ذهنياً، لمواجهة أحد أبرز المرشّحين للظفر باللقب الأغلى آسيوياً.

منتخب البحرين
لعلّ المنتخب البحريني يُعتبر أضعف المنتخبات العربية المتأهلّة، وذلك نظراً إلى النتائج التي حققها في دور المجموعات، ولتأهّله من بين أفضل المنتخبات التي احتلّت المركز الثالث. أربع نقاط كانت كافية بالنسبة إلى البحرينيين للتأهل إلى الدور الثاني. ربّما الأداء الذي قدّمه المنتخب البحريني أمام المنتخب الإماراتي (انتهت المباراة بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله)، يشفع للخسارة المفاجأة أمام المنتخب التايلاندي الحصان الأسود في البطولة. كان الانتصار في الجولة الأخيرة أمام المنتخب الهندي، بمثابة تحدٍّ نجح فيه رجال المدرب التشيكي ميروسلاف سوكوب. على الورق، سيكون تخطّي دور الـ16 مسألة شبه مستحيلة بالنسبة إلى البحرين، فإن إقصاء أحد أفضل المنتخبات حتّى الآن في البطولة، المنتخب الكوري الجنوبي، يعدّ أمراً صعب المنال. الجدير بالذكر بأن المنتخب الكوري، سوف يستفيد من خدمات نجم توتنهام الإنكليزي هيونغ مين سون، الذي سينضمّ مع بداية الدور الثاني من البطولة. يبقى تخطّي دور المجموعات إنجازاً بالنسبة إلى المنتخب البحريني، ويجب أن يفخر به.

المنتخب العراقي
أحد كبار القارة الآسيوية، المنتخب العراقي، سيواجه المنتخب القطري، الذي فاجأ الجميع في البطولة وتمكّن من تصدّر مجموعته على حساب المنتخب السعودي. مباراة شيّقة وجميلة بكامل أوجهها، فالمنتخبان قدّما كرة قدم جميلة ومميّزة خلال دور المجموعات، كيف لا والمنتخب الإيراني لم يستطع الفوز أمام «أسود الرافدين». العكس كان بالسنبة «للعنابي» المنتخب الذي تمكّن من الفوز على «الأخضر» السعودي. لن تكون المهمّة سهلة أمام العراقيين، فالمنتخب القطري حقق رقماً جيداً في الدور الأول، والذي تمثّل بلعب ثلاث مباريات دون أن يدخل ولو هدف واحد في مرماه. رقم على العراقيين أن يتوقّفوا عنده، ويعملوا على كسره في المباراة. يتميّز المنتخب العراقي بالبنية الجسدية القوية لدى لاعبيه، إضافة إلى وجود لاعب ذي خبرة مثل علي عدنان، نجم أتلانتا الإيطالي. ولا يمكن الغياب عن أحد أبرز المفاجآت العربية في البطولة من ناحية اللاعبين، فإلى جانب موسى التعمري من الأردن، يوجد في العراق النجم الشاب مهند علي الذي لم يبلغ الـ19 سنة من عمره، مهاري ويعتمد على سرعته، ويُعتبر من أفضل المواهب التي اكتُشفت في البطولة الآسيوية. 50/50، هي النسبة المنطقية لتفوّق أي منتخب على الآخر، نظراً إلى تقارب الأرقام والمستوى، ولكن يبقى تاريخ العراقيين في البطولة، إلى جانب الجمهور (يعاني جمهور المنتخب القطري من ضغوطات إماراتية) الذي سيلعب دوراً مهماً في المباراة.

المنتخب العماني
هو إنجاز تاريخي، إذ لم يسبق للعمانيين أن بلغوا دور الـ16 من بطولة كأس آسيا، وها هو التاريخ اليوم يكتب ويسجّل، ويشهد على أوّل تأهّل عماني إلى الدور الثاني ضمن أعرق البطولات الآسيوية. بهدف في الدقيقة 93، أي الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة أمام المنتخب التركمانستاني، أدّى إلى رسم الفرحة على وجوه كل العمانيين، الذين استحقوا هذا التأهل عن جدارة. لمن شاهد المباراة، قدّم العمانيون مباراة عمرهم، فلم تتوقّف الهجمات الواحدة تلو الأخرى على مرمى الحارس التركمانستاني، ما أدّى في النهاية، إلى إنصاف صاحب المجهود الأكبر في اللقاء الحاسم. لن يلتفت أحد إلى ما سيقدّمه المنتخب العماني في دور الـ16، ولا العمانيون أنفسهم، ففخر التأهّل إلى دور الـ16 للمرة الأولى يكفيهم ويُفرح شعبهم. من المتوقّع وبنسبة كبيرة، أن تنتهي مسيرة العمانيين عند هذا الدور، فالخصم ليس عادياً بالمرّة، الخصم الذي يُعتبر من بين أبرز 3 أو 4 مرشّحين للظفر بلقب البطولة، المنتخب الإيراني.