في عام 2017 عادَ المُنتخب المصري الأوّل لكرة القدم إلى نهائيّات كأس الأمم الأفريقيّة بعد غيابٍ لثَلاثِ دوراتٍ مُتَتالية، ونَجَح «فراعِنَة» المنتخب بالوصول إلى نهائي البطولة القاريّة التي خسروها أمام الكاميرون، ونجحوا أيضاً بالتأهّل إلى نهائيّات كأسِ العالم بعد غياب 28 عاماً. إنجازاتُ جيل مصر الذهبيّ يمكن أن تُستكمل في روسيا الصيفَ المُقبل، على اعتبار أن مجموعة المصريين في الدور الأوّل ليست بالصعبة نظريّاً، فهي تَضمّ كلّاً من روسيا البلد المُضيف، والأوروغواي، إضافة إلى السعودية، وبالتالي إنّ إمكانيّة العبور إلى الدور الثاني متاحة لأبناء المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر.
ليس هناك منتخب يقوده لاعب واحد لتحقيق المجد. كرة قدم هذه الأيّام هي التي تُدرَّس في الأكاديميّات والمدارس الكرويّة

من يَعرِف الكُرة المصريَّة يُدرِك تماماً أنّ هناك الكثير من الأخذِ والرد و«القيل والقال»، من دون أن ننسى التراشق الكلامي على وسائل الإعلام بين لاعبين ومدربين ورؤساء أندية على حدٍّ سواء. ولكنّ الأخطر اليوم على مستوى الكرة المصريّة هو كيفيّة النّظرة إلى المنتخب الأوّل، حيث يجري التعاطي على أنّ منتخب مصر هو محمد صلاح فقط، وأنّه إذا كان صلاح حاضراً، فالمنتخب يكون في أفضل حالاته. إذا أردنا القياس على هذه الحالة، نرى أنّه يُنظر إلى المنتخب الأرجنتيني على أنّه ليونيل ميسي، وللبرازيل على أنها نيمار، ولكن الحقيقة غير ذلك، فكرة القدم تغيّرت في السنوات العشرين الأخيرة، وليس هناك منتخب يقوده لاعب واحد لتحقيق المجد. كرة قدم هذه الأيّام هي التي تُدرَّس في الأكاديميّات والمدارس الكرويّة، وألمانيا أفضل مثال على ذلك، كذلك إنّ عبقرية مارادونا التي قادت الأرجنتين إلى كأس العالم عام 1986، وموهبة زيدان مع فرنسا 1998، و«ظواهرية» رونالدو البرازيلي في مونديال 2002، لم تعد موجودة اليوم بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولم تَعُد المنتخبات تعتمد على لاعب واحد لتحقيق البطولات. والذي لديه شك، يمكنه أن يقرأ قليلاً عن إنجازات ليونيل ميسي مع المنتخب الوطني.
بالعودة إلى المنتخب المصري، يتبيّن أنّ هناك أسماءً متميّزة وتتمتّع بمستوى فنيٍّ عالٍ، وإن كان أقل من مستوى النجم محمد صلاح لاعب نادي ليفربول ومتصدّر ترتيب هدافي الدوري الإنكليزي الممتاز. ولكنّها أسماء مظلومة في الإعلام الذي يَضعها دائماً في ظلّ صلاح. مجتمعاتنا، في النهاية، تحب «القائد». تحبّ وجود «كبير» وآخرين في الظلال. هذه فرضية. ولكن، هناك 17 لاعباً مصريّاً مُحترفاً في أهم الدوريات الأوروبيّة والآسيويّة لا ضرر من استعراضهم. في مقدمة هؤلاء، نجم أرسنال الإنكليزي محمد النني الذي يقدم أداءً جيداً مع «الغانرز»، وهو ما دفع إدارته إلى تحسين شروط عقده أخيراً خوفاً من خسارته. وإضافةً إلى النني، هناك النجم رمضان صبحي المحترف في ستوك سيتي الإنكليزي، والمدافع الصلب أحمد حجازي المحترف في البريمييرليغ أيضاً مع ويست بروميتش ألبيون مع زميله علي جبر. وفي بريطانيا أيضاً يحترف سام مرسي مع نادي ويغان، كذلك يلعب أحمد حسن «كوكا» في مركز المهاجم مع سبورتن براغا البرتغالي، وعمر جابر مع لوس أنجليس الأميركي. ومن اللاعبين المميّزين في منتخب الفراعنة محمود عبد الرازق «شيكابالا» المحترف مع نادي الرائد السعودي، ومحمد عبد الشافي الذي يلعب للفتح السعودي، إضافة إلى كل من محمود «كهربا» المحترف في الاتحاد السعودي، ومحمود حسن «تريزيغيه» الذي يلعب لنادي قاسم باشا في الدوري التركي، والمتألّق مع أتروميتوس اليوناني الشاب عمرو وردة.

لاعبون جيّدون يضمّهم المنتخب المصري جميعهم يقدّمون مستويات مميّزة مع أنديتهم وبلا شكّ فهم قادرون على إيصال مصر بعيداً


لاعبون جيّدون يضمّهم المنتخب المصري، جميعهم يقدّمون مستويات مميّزة مع أنديتهم، وبلا شكّ فهم قادرون على إيصال مصر بعيداً في كأس العالم وبعدها في بطولة الأمم الأفريقيّة. فلاعب نادي قاسم باشا التركي «تريزيغيه» ساهم بثلاثة عشر هدفاً مع فريقه، مسجلاً 10، وصانعاً 3 أهداف، وسجّل المتألّق عمرو وردة 7 أهداف في الدوري اليوناني، وصنع 5 في 18 مباراة لعبها مع فريقه في الدوري. كذلك يفرض النجم أحمد حجازي نفسه رقماً صعباً في نادي وست بروميش، رغم النتائج المتعثرة لناديه في الدوري الإنجليزي الممتاز. وبالنظر إلى كلّ هذه الأرقام والأسماء الكبيرة، يظهر جليّاً أن الاهتمام الإعلامي منصبّ على نجم ليفربول صلاح، وهو ليس خاطئاً، فصلاح بعيد ــ نسبياً ــ عن بقية المجموعة، لكنّ المشكلة في تغييب باقي اللاعبين، وهو ما من شأنّه ربما أن ينعكس سلباً على المنتخب ولاعبيه على حدّ سواء. ففي حال تعرُّض صلاح لإصابة خلال الفترة الباقية من عمر الدوري، أو في المباريات الوديّة، فإنّها ستُعَدّ نكسة كبيرة لمصر، وربما تصوَّر على أنّها نهاية حلم الفراعنة في المونديال، وفي هذه الحالة نتذكر ما حصل مع البرازيل في مونديال عام 2014 عندما أصيب نيمار وكيف تأثر زملاؤه في المنتخب معنوياً وحتى الجماهير، قبل أن تخرج البرازيل من الباب الضيّق أمام ألمانيا. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يتأثّر لاعبو المنتخب المصري سلباً بالاهتمام بصلاح وتجاهل دورهم مع المنتخب، وبالتالي ينعكس ذلك سلباً على أدائهم على أرضية الملعب. تأثير هذا الواقع بالمنتخب المصري ربما أظهره عجز بعض اللاعبين عن التسجيل في المباريات الوديّة التي لعبتها مصر، ضد كل من اليونان والبرتغال تحضيراً لكأس العالم، حيث فشل لاعب النادي الأهلي مروان محسن، والمحترف في صفوف سبورتينغ براغا البرتغالي أحمد حسن «كوكا»، في هزّ شباك الخصوم، رغم أنّهم مع أنديتهم يقدمون المطلوب، فيما نجح محمد صلاح بالتسجيل أمام البرتغال.

لاعب نادي قاسم باشا التركي «تريزيغيه» ساهم بثلاثة عشر هدفاً مع فريقه مسجلاً 10 وصانعاً 3 أهداف


وفي ظلّ هذا الواقع، يبدو أنّ تحضيرات المنتخب المصري على مستوى اللاعبين قد حُسِمت، وأنّه جرى الانتهاء من وضع قائمة اللاعبين الذين سيخوضون نهائيات كأس العالم في روسيا الصيف المقبل. وقال مساعد المدير الفني أسامة نبيه إنه بنسبة 90% جرى الانتهاء من وضع قائمة اللاعبين الذين سيشاركون في مونديال روسيا. وقال إن القائمة ستضم 35 لاعباً في المرحلة الأولى، على أن يُستبعَد لاعبون في المراحل المقبلة خلال فترة التحضيرات، لتستقر اللائحة على 28 لاعباً.
آمال كبيرة يعوّلها الشعب المصري، ومن خلفه كل العرب، على المشاركة المصريّة في مونديال روسيا، خاصّة في ظلّ الجيل المميّز لكرة القدم المصريّة، لعلّه يعطي الصورة الجميلة للكرة العربية، ويعيد تجربة المنتخب الجزائري في مونديال البرازيل، ولمَ لا؟ تبقى الإشارة إلى أن التعويل على صلاح ليس خاطئاً، ولكن، يجب أن تكون المجموعة جاهزة بدورها.



بوفون المصري!

كما في حالة صلاح، تتكرّر المسألة في مركز حراسة المرمى المصري (مع الفارق بين تجربتي صلاح والحضري)، إذ ينظر البعض اليوم إلى أنّ الحل الأمثل هو الحارس المخضرم عصام الحضري، من دون إعطاء فرص للحرّاس الباقين، على قاعدة أنّه يمتلك الخبرة الكبيرة، فيما يذهب آخرون إلى المطالبة بضرورة الاستفادة من حارس النادي الأهلي محمد الشناوي الذي لعب في المباراة الوديّة أمام البرتغال، وحارس نادي الإسماعيلي محمد عواد الذي لعب بدوره أمام اليونان، على أن يكون الحضري داعماً لهما، ومساعداً في تقديم خبرته الكبيرة لحرّاس المنتخب.
■ ■ ■

رقم قياسي قارّي
وصل المنتخب المصري ثلاث مرات في تاريخه إلى نهائيات كأس العالم كان أولها في عام 1934 بإيطاليا، ومشاركته الثانية كانت في إيطاليا أيضاً عام 1990، وفي المرتين خرج من الدور الأول. وهذه هي المرة الثالثة التي يتأهل فيها إلى المونديال العالمي المقام في روسيا، ويمتلك فرصة حقيقية لتخطّي الدور الأول. ويحمل المنتخب المصري الرقم القياسي في عدد المشاركات ببطولة الأمم الأفريقيّة من خلال 23 مشاركة، حقق خلال 7 ألقاب قاريّة، وهو أعلى رقم في القارّة السمراء.


مرّوا من هنا
سيجد محمد صلاح نفسه محاطاً برفاقه من الدوري الإنكليزي، النني من آرسنال، حجازي من ويست بروم، صبحي من ستوك وغيرهم من النجوم المصريين المنتشرين في الدوريات الأوروبية الأخرى كعمرو وردة في اليونان ومحمود تريزيغيه لاعب قاسم باشا التركي. يعوّل عليهم نجم مصر صلاح لمساندته في مونديال روسيا المقبل. معظمهم يأتي من القاهرة ومن نادي الأهلي، وطبعاً من بقية النوادي المصرية العريقة. التجربة الاحترافية للاعب المصري تطورت أخيراً، على نحوٍ جعل المنتخب قوياً، ما يبعث على الأمل

أحمد حجازي: المزاج الإنكليزي


ولد أحمد حجازي في 25 كانون الثاني 1991 في منطقة الإسماعيلية، يشغل مركز قلب الدفاع مع منتخب بلاده ومع الفرق الأوربية التي لعب لها. بدأ مسيرته كمحترف في 24 تشرين الثاني عام 2009 عندما شارك في أول لقاء له مع نادي الإسماعيلي المصري. عام 2011 أعلن الإسماعيلي أنه قد توصّل إلى اتفاق مع نادي فيورنتينا لانتقال النجم المصري الشاب إلى النادي الإيطالي مقابل 1.5 مليون يورو. ثلاث سنوات قضاها مع فيورنتينا ليعود من جديد إلى بلده الأم من بوابة الأهلي. عام 2017 أعير حجازي من قبل نادي الأهلي إلى ويست برومتش الإنكليزي الذي ينشط فيه حالياً.

محمد النني: «مدفعجي» قديم


ولد محمد النني في 11 تموز 1992 في مدينة «المحلة الكبرى». بدأ مسيرته الكروية في سن مبكرة (خمس سنوات) ضمن صفوف ناشئي النادي الأكبر في مصر، الأهلي. في السادسة عشرة انتقل إلى شباب المقاولون العرب قبل أن يصعد إلى الفريق الأول بعد مرور موسمين فقط. تألق النني في صفوف المقاولون والفئات السنية لمصر، علا من شأن نجم خط الوسط، فاستقطبه نادي بازل السويسري عام 2013 ليلعب إلى جانب مواطنه نجم ليفربول الحالي محمد صلاح. عام 2016 انتقل إلى نادي «المدفعجية» أرسنال الإنكليزي وما زال ينشط في صفوفهم حتى اليوم.

رمضان صبحي: من القاهرة إلى ستوك


في القاهرة عام 1997، في شهر كانون الثاني، ولد رمضان صبحي لاعب ستوك سيتي الإنكليزي الحالي وأحد نجوم المنتخب المصري. بدأت مسيرة رمضان الكروية في نفس فريق زميله في المنتخب (النني)، صفوف فريق الناشئين للنادي الأهلي المصري قبل أن يتم تصعيده للفريق الأول ويحجز مقعداً أساسياً ضمن تشكيلة «كبير مصر» في عمر السابعة عشر فقط. في تموز عام 2016 انتقل النجم المصري الشاب إلى «دوري الأضواء» من بوّابة ستوك سيتي بصفقة وصلت إلى 6 ملايين يورو. انضم إلى المنتخب المصري الأول عام 2015 وسجّل للـ«فراعنة» هدفين خلال 16 مشاركة.

محمود حسن: «تريزيغيه» يصنع اللعب


ولد محمود حسن، المعروف بـ«تريزيغيه»، في مدينة كفر الشيخ المصرية عام 1994. بدأ مسيرته هو الآخر مع نادي الأهلي المصري، ثم انتقل إلى بلجيكا عام 2015 وتحديداً إلى فريق أندرلخت. فترة «تريزيغيه» مع الفريق البلجيكي لم تكن جيّدة من ناحية دقائق اللعب، فأعير إلى نادي موسكرون البلجيكي ليحظى بمباريات أكثر. وبالفعل سجل 6 أهداف بالإضافة إلى صناعته لخمسة أهداف. يشغل مركز خط الوسط المتقدم مع المنتخب المصري ويعد من أحد الدعائم الأساسية للمنتخب. انتقل في تموز 2017 إلى نادي قاسم باشا التركي.


عمرو وردة: «اسكندراني» في اليونان


عمرو وردة من مواليد 17 أيلول عام 1993 في الإسكندرية. يشغل مركز خط الوسط المهاجم إلى جانب زميله «تريزيغيه»، وهو ابن لاعب كرة السلة المصري السابق مدحت وردة، لاعب القرن في أفريقيا لكرة السلة. بدأ مسيرته في نادي سبورتينغ الإسكندري، ولفت أنظار نادي الأهلي حيث انتقل إليه في عمر الـ17 سنة. في 2015 قرر النادي الأهلي بيع وردة إلى نادي بانيتوليكوس اليوناني لتنطلق مسيرته الاحترافية من بوابة اليونان. في 2017 انتقل وردة إلى أحد أبرز الأندية اليونانية وهو نادي باوك. وفي 23 نيسان من العام ذاته سجّل عمرو أول أهدافه مع باوك ليفوز الفريق بنتيجة (3-1).