صورٌ عدة يمكنها أن تمرّ أمام عيني من تابع عن كثب ويومياً مسلسل انتقال الدولي الإسباني سيسك فابريغاس من أرسنال الإنكليزي إلى برشلونة، وخلاصات عدة يمكن أن يستخلصها من هذه الصفقة التي لم يكن يحتاج النادي الكاتالوني إليها فنياً أو النادي اللندني إليها مادياً. وبطبيعة الحال، تضارب المشهد في نفوس مشجعي برشلونة وأرسنال، إذ إن الفرحة العارمة للكاتالونيين التي وصلت إلى حدّ النشوة بعد رؤية فابريغاس بالقميص الأزرق والأحمر، قابلها غثيان عند اللندنيين الذين أبدوا اشمئزازهم من رؤية الكابتن السابق يقبّل شعار «البرسا» فور تقديمه إلى وسائل الإعلام. وإذا كانت كل المشاهد متوقعة على هذا الصعيد، يبدو تخيّل انعكاسات المشهد الفني لكلٍّ من برشلونة وأرسنال بعد اتمام هذه الصفقة مثيراً للجدال إلى حدٍّ بعيد.
المحطة الأولى هي ملعب «نو كامب»، حيث بدأت مكاتب المراهنات ترجّح عدم إمكان لعب فابريغاس أساسياً لأكثر من 23 مباراة في الموسم المقبل، في إشارة منها إلى عدم وجود مكان له في تشكيلة المدرب جوسيب غوارديولا، حيث تبدو أعمدة خط الوسط ثابتة في مكانها ويمثلها شافي هرنانديز وسيرجيو بوسكتس وأندريس إينييستا، ومعهم أحد الجناحين بدرو رودريغيز أو الوافد الجديد التشيلياني أليكسيس سانشيز. لذا، يمكن القول إن برشلونة لم يكن في حاجة فنية إلى فابريغاس، وخصوصاً مع وجود بديل لشافي هو الصاعد تياغو ألكانتارا. بل إن الهوس الذي أُصيب به النادي والمدينة برمّتها كان السبب الأساسي في الدفع لاستعادة اللاعب الذي خطفه الفرنسي أرسين فينغر في سن المراهقة، والدليل أن كل الذين تعاقبوا على رئاسة «البرسا» وإدارته في الأعوام الأخيرة وضعوا فابريغاس هدفاً أول لهم، رغم أن الصفقة أصابت النادي بشبه إفلاس وافرغت خزينته حيث لن يكون بمقدوره شراء أي لاعب قريباً، وهو الذي يحتاج بشدّة إلى قلب دفاع.
أما المحطة الثانية فهي «ستاد الإمارات»، حيث أُصيب ناديه هناك بإفلاس فني جراء خسارته أحد أبرز رموزه. وبالطبع سيكون من الصعب على فينغر إيجاد البديل المناسب قبل إقفال باب الانتقالات نهاية الشهر الحالي. لذا، لا يمكن سوى القول إن أرسنال الذي يستغني عن أبرز لاعبيه واحداً تلو الآخر، مقبلٌ على موسمٍ آخر خالٍ من الألقاب، وهو السبب الرئيس الذي دفع من دون شك فابريغاس إلى الرحيل. أضف إلى هذا الأمر أن صانع الألعاب الموهوب لم يعد مؤمناً بأفكار فينغر المتمحورة حول تطوير اللاعبين الشبان وفق خطة عمل طويلة الأمد وغير مضمونة لجلب الألقاب، فضلاً عن سببٍ إضافي هو أن فابريغاس ارتدى شارة القيادة قبل تجاوزه الـ21 من العمر، وبالتالي لم يعد يحتمل ضغوط الفشل المتكرر لفينغر الذي سيكون في «فوهة المدفع» (شعار النادي هو المدفع) وحده من الآن وصاعداً.
ختاماً، يمكن تخيّل الابتسامة التي رسمت على وجه مدرب منتخب إسبانيا فيسنتي دل بوسكي فور ابلاغه عن وصول فابريغاس إلى مطار «إل برات» في برشلونة، اذ ان سلاحه السرّي المتمثل بخط الوسط الرهيب في «لا فوريا روخا» سيزداد قوة بفعل ارتفاع مستوى الكيميائية بين اركانه الأربعة الذين سيكونون بيضة القبّان في حملتي دفاع الإسبان عن اللقبين الأوروبي والعالمي.



إياب الكأس السوبر الإسبانية

بعد ترحيبه بقدوم سيسك فابريغاس، ينتظر جمهور برشلونة الاحتفال ثانية هذا الأسبوع عندما يحل الغريم ريال مدريد ضيفاً على الفريق الكاتالوني منتصف ليل الأربعاء ــ| الخميس (بتوقيت بيروت)، في اياب الكأس السوبر الإسبانية، حيث يطمح «البرسا» الى الاستفادة من عامل الأرض ويحتفظ باللقب، مستغلاً انتزاعه تعادلاً ثميناً من أرض منافسه 2-2.