كان من غير المتوقع أو المعقول أن لا يمدد فولسبورغ عقد ديتر هيكينغ. أول من أمس، حصل الإتفاق، وسيستمر المدرب مع وصيف بطل ألمانيا حتى عام 2018.«قلت دائماً إنني أودّ البقاء مع فولسبورغ لما بعد 2016 عندما أشعر بالثقة الكاملة من المسؤولين». هذا ما قاله هيكينغ عقب توقيع العقد الجديد، وقد جاء بعد الفوز الكبير الذي حققه فريقه على شتوتغارتر كيكرز 4-1، في الدور الأول من كأس ألمانيا. هذا التمديد هو في الحقيقة أقلّ مكافأة لهيكينغ على الموسم الماضي الذي قدّمه فولسبورغ بعد حلوله في المركز الثاني في «البوندسليغا» خلف بايرن ميونيخ المتصدر، علماً أنه اكتسح الأخير في ملعبه 4-1 ليعود بالتالي إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا التي شارك فيها عام 2009 بعد تتويجه بلقبه الوحيد، فضلاً عن أنه قاد فولسبورغ إلى الظفر بلقب كأس ألمانيا عندما تفوّق على بوروسيا دورتموند في النهائي، وليؤكد قوة فريقه في الموسم الحالي بإحرازه لقب الكأس السوبر على حساب بايرن ميونيخ بركلات الترجيح، وهما بالمناسبة اللقبان الوحيدان حتى الآن في مسيرة هيكينغ، التي بدأت عام 2000 بالإشراف على فريق فيرل ومن ثم لوبيك فألمانيا آخن ومنه إلى هانوفر وانتهاء بنورمبرغ قبل فولسبورغ.


يبرع هيكينغ
إدارياً أكثر منه خططياً وتكتيكياً
كل هذه المحصلة قادت حتماً إلى استمرار هيكينغ في منصبه لسنوات إضافية، إذ إن ما تحقق في خلال 3 سنوات فقط من قيادة هذا المدرب لفولسبورغ يؤسس لمشروع لا يمكن إلا أن يقوده الرجل البالغ 50 عاماً، وهذا منطقي، بعدما استطاع أن يقارع الإسباني جوسيب غوارديولا، مدرب بايرن ميونيخ، ويسقطه مخالفاً كل التوقعات التي كانت تشير إلى أن المعركة الأبرز في ألمانيا ستكون بين «بيب» ويورغن كلوب، مدرب بوروسيا دورتموند، الذي غادره في الموسم الماضي، أو حتى المدرب السابق لشالكه، الإيطالي روبرتو دي ماتيو، وإذا بهيكينغ يدخل المعادلة المحلية طارحاً اسماً ألمانياً كفوءاً جديداً على الساحة التدريبية على غرار كلوب ويواكيم لوف، مدرب المنتخب الوطني.
ولعل الميزة الأهم في تجربة هيكينغ مع فولسبورغ هي المجموعة القوية الشابة التي قدّمها، والتي يقودها النجم البلجيكي الصاعد كيفن دي بروين، ومعه الهولندي باس دوست والبرازيلي لويز غوستافو والسويسري ريكاردو رودريغيز، والتي أُضيف إليها الدوليون أندري شورله في الشتاء الماضي، وماكس كروزه هذا الصيف، وبالتحديد دي بروين، الذي تطور مستواه تحت قيادة هيكينغ عما كان عليه الحال مع البرتغالي جوزيه مورينيو في تشلسي، وهذا ما يؤكده البلجيكي نفسه بقوله: «مورينيو لم يكن يتحدث معي، على عكس ديتر الذي كان يشرح لي الكثير من الأشياء».

بات هيكينغ ينافس غوارديولا حتى على صعيد السمعة


ما قاله دي بروين يعكس القدرات التدريبية لهيكينغ، الذي يبرع في الجانب الإداري أكثر منه في الخططي والتكتيكي، وهذا ما يتمثل في قربه من اللاعبين وتحفيزه الدائم لهم لتحقيق الإنتصارات، ومدّهم بالمعنويات اللازمة لمواجهة التحديات، وهو أسلوب مهم جداً ومن شأنه أن يعطي نتائج مثمرة مثلما هو حاصل في فولسبورغ، لكن هذا لا يعني أن هيكينغ لم يغيّر شكل الفريق تحديداً عبر الكرة الهجومية السريعة والممتعة، التي فاجأت الجميع في المسابقات المحلية.
كما أن هيكينغ يعد مثالاً جديداً ناجحاً لمدرب لم يكن لاعباً شهيراً، وهذا ما لا يجد فيه مشكلة على الإطلاق، حيث يقول عن هذه النقطة: «المدرب يجب أن يعرف الطبيعة الإنسانية وأن يستفيد من كل التجارب السابقة سواء كانت سيئة أم جيدة ليواصل تعلمه».
الآن بات الموسم الألماني الجديد على الأبواب. الأنظار لن تكون وحدها على غوارديولا بعد رحيل كلوب، إذ إن هيكينغ أثبت أنه يمتلك ما يستحق المتابعة، فيما أن ثنائيته مع الإسباني ستكون العنوان الأبرز.