سؤال منطقي يمكن طرحه عن سبب تعيين روما للاعب وسط منتخب إسبانيا لويس إنريكه في منصب المدرب، وخصوصاً أن الأخير لم يعمل على مستوى عالٍ مع أي فريق سابقاً، بل إن تجربته التدريبية الوحيدة تقتصر على الفريق الرديف لبرشلونة. لكن في قراءة سريعة لحاجات فريق العاصمة الإيطالية، يمكن استخلاص الأسباب الحقيقية وراء قرار الإدارة جلب إنريكه للوقوف على رأس الإدارة الفنية لروما، وذلك استناداً إلى العيّنة التي قدّمها عن فكره التدريب خلال وجوده ضمن كادر مدربي النادي الكاتالوني، الذي نادراً ما يخرّج مدرباً عادياً؛ إذ كلّ من تشرّب ذهنية «الهولندي الطائر» يوهان كرويف واعتمد فلسفة «البرسا» في كرة القدم، أصاب نجاحاً باهراً، والدليل أفضل مدربين في العالم حالياً، الإسباني جوسيب غوارديولا، والبرتغالي جوزيه مورينيو.

منذ رحيل كابيللو عام 2004، وهي السنة التي اعتزل فيها إنريكه، تعاقب على تدريب روما سبعة مدربين، حيث برزت مشكلة أساسية تتمثل في عدم تمتع الفريق بنضجٍ ذهني كما هو مطلوب، فضلاً عن ضعفٍ رهيب في اللياقة البدنية مع المدربين الأخيرين كلاوديو رانييري و(المؤقت) فينتشنزو مونتيلا...
شخصية إنريكه من شأنها أن تحلّ هاتين المشكلتين؛ فهو مذ كان لاعباً عرف بطباعه الحادّة وشخصيته القوية، وخصوصاً عندما كان يواجه بجرأة وشجاعة جمهور ريال مدريد الذي انتقل منه إلى العدو الأزلي، فسجل مرات عدة واستفز المشجعين بحركات احتفالية مميزة. هذه الشخصية جعلت من إنريكه أحد أقوى لاعبي الوسط في العالم في فترةٍ ما؛ إذ إن قوة التحمّل لديه كانت استثنائية، لذا كانت الجدية سمة التمارين التي يخوضها. ومن هذه النقطة، لا يبدو مستغرباً ظهور إنريكه بحالة بدنية مثالية، لدرجةٍ بدا فيها في الصور أفضل من نجم روما فرانشيسكو توتي الذي يبدو أنه كسب وزناً بعض الشيء خلال العطلة الصيفية.
وبالتأكيد، يعرف القيّمون على روما أنه سيصعب على المدرب الشاب نقل الثقافة الكروية الخاصة ببرشلونة إلى فريقٍ لا يملك الإمكانات الفنية عينها، لكن هوس إنريكه باللياقة البدنية وسلامة الجسم (واظب في الأعوام الأخيرة على المشاركة في الماراثون والترياتلون ومسابقات التحمّل) سينقلها إلى لاعبي فريقه لتكون الحجر الأساس في النجاح الذي لم يعد به في وقتٍ سريع. وبالطبع لا يفترض الاستهانة بهذه المسألة، إذ إن تجربة إنريكه مع رديف برشلونة أثبتت أن طريقته مثمرة جداً؛ إذ فاز فريقه بغالبية مبارياته في النصف الثاني من الموسم، مستغلاً الإرهاق الذي أصاب الفرق المنافسة، لينهي بطولة الدرجة الثانية في المركز الثالث، وهي أفضل نتيجة له في الأعوام الـ 42 الأخيرة.



فلسفة هجومية كاتالونية

في مؤتمره الصحافي الأول لم يخفِ لويس إنريكه تأثره بأسلوب برشلونة الذي لا يعرف غيره على حدّ قوله، مؤكداً أنه سيعتمد الشيء الذي سيحتاج إليه منه، وخصوصاً على الصعيد التكتيكي لناحية الاحتفاظ بالكرة لأكثر وقتٍ ممكن، إضافةً إلى الشجاعة الهجومية التي يتمتع بها روما أصلاً بوجود فرانشيسكو توتي وماركو بورييللو والمونتينغري ميركو فوتشينيتش