تتشابه أزمة الدوري الفرنسي مع تلك التي عصفت بالدوري الإيطالي قبل مواسم عدة. وعلى أبواب انطلاق الموسم الحالي، يقف بطل الدوري باريس سان جيرمان مغرداً وحيداً دون باقي الفرق في استقطاب نجومٍ كبار.قبل مواسم عدة، لم يعد «الكالتشو» يجذب أياً من نجوم العالم، لعوامل عدة، وكثيرة، لكن ما أقلق الجماهير ابتعاد اللاعبين عن هذه البطولة، وهذا ما يحصل حالياً في «ليغ 1».

أندية كبيرة، ما عدا سان جيرمان، بدأت مذ فتحت أبواب سوق الإنتقالات الصيفية الحالية ببيع نجومها، وعلى عكس المنتظر من جانب جماهيرها، تعاقدت هذه الأندية مع لاعبين لم يرتقوا الى مستوى الراحلين عنها.
حسم فريق العاصمة لقب الموسم الماضي بفارق 8 نقاط عن أقرب منافسيه، لكن الأمور لا تبدو مغايرة في يوم انطلاق موسم 2015-2016، فالواضح أن تشكيلة سان جيرمان أصبحت أكثر قوة، وأكثر تكاملاً.
انتقل لاعب مانشستر يونايتد الأرجنتيني أنخل دي ماريا الى نادي العاصمة لأربع سنوات، وقبله كان التعاقد مع حارس اينتراخت فرانكفورت الألماني كيفن تراب، ولاعب الوسط بنجامين اسطنبولي من توتنهام الإنكليزي.
هذا ما يريده سان جيرمان، النادي الأكثر راحة مادياً بين الأندية وصاحب الخزينة المفتوحة، ليكون ضامناً لإحراز لقبه الرابع على التوالي، بينما تعيش باقي الأندية حالة مأسوية مادياً، ما جعل نجومها يرحلون، دون التفكير مرتين.
السبب الرئيسي لذلك هو رفض السلطات الفرنسية خفض الضريبة المرتفعة على كبار اللاعبين المحترفين في فرنسا، فيما تطالب الأندية بتعديل هذا القانون، وإلغاء الضرائب المفروضة بموجبه على عقود شراء اللاعبين. في الواقع، اختصر رئيس نادي كاين جان فرانسوا فورتان الحكاية كلها، وقال بعد خسارته جهود لاعبه نغولو كانتي لمصلحة ليستر سيتي الإنكليزي: «القوة الشرائية لدى الأندية الإنكليزية تتفوق بكثير على الأندية الفرنسية».
واقع الأندية الفرنسية يتجه نحو الأسوأ، ومقارنة بنادي العاصمة، نجد أنَّ أياً منها غير قادر على الإقتراب من الأخير لناحية القدرة الشرائية.
وفي تعداد اللاعبين الراحلين، خسر مرسيليا ديميتري باييه واندريه - بيار جينياك والغاني أندريه أيوو وجانيلي إيمبولا. وكان التعويض بصفقتين لا طائل منهما بحسب تعبير أحد جماهير الفريق: أولاً مع لاسانا ديارا الغائب عن الملاعب منذ فترة، وثانياً مع أبو ديابي الذي لعب مباريات قليلة في المواسم الخمسة الاخيرة بسبب إصابات لا تنتهي.
هذه الحالة تكررت مع باقي فرق الطليعة مثل ليل وموناكو، ما عدا ليون الذي نجح بالإحتفاظ بلاعبيه وأبرزهم الكسندر لاكازيت هداف الدوري برصيد 27 هدفاً.
الا أن مشكلة ليون هي أن نتائجه في مبارياته التجريبية لا تُظهر مطلقاً أنه منافس نديّ لسان جيرمان، إذ سقط أمام أرسنال الإنكليزي 0-6 في «كأس الإمارات» الاسبوع الماضي.
وهذا التفاوت في المستوى دفع كثيرا من اللاعبين إلى الإنتقال الى بطولات يكونون قادرين فيها على المنافسة على اللقب. هذا أقصى طموحهم، بعدما تبيّن أن سان جيرمان، وفي المواسم التي خلت يغرد وحيداً في صدارة البطولة، والكأس، وكأس الرابطة. ولعل ما قاله لاعب مرسيليا المنتقل الى أستون فيلا الغاني جوردان أيوو يوضح ذلك: «أريد فريقاً منافساً على اللقب في الموسم المقبل وهذا لم يتوافر هنا، كما أن النادي لا يمكنه أن يقدّم إلي الراتب نفسه».
سابقاً، تقاسمت 9 أندية ألقاب البطولة الفرنسية في العقدين الأولين، ثم وقف ناديا ريمس ونيس على عرش البطولة في الخمسينيات، وتسلمها سانت إتيان في العقدين التاليين، تلاه بوردو ومرسيليا في الثمانينيات، والأخير استمر حتى مطلع التسعينيات.
مرّت البطولة بعدها بين فرق عدة حتى تسيّدها ليون سبعة مواسم متتالية، ثم تنقلت بين فرق أخرى، حتى تسلّمها سان جيرمان. ولا يبدو الأخير متّجهاً إلا نحو تعزيز سيطرته على البطولة المعروفة نتائجها قبل أن تبدأ. أما الباقون، فعزاؤهم ألا يكون الفرق بينهم وبين المتصدر كبيراً.