«أحسنت يا فاردي. انت الرقم 1 الآن وتستحقها. 11 على التوالي». بهذه الكلمات غرّد النجم الهولندي السابق رود فان نيستلروي عبر «تويتر» لتوجيه التحية الى هداف ليستر سيتي جايمي فاردي بعد تحطيمه لرقمه القياسي بتسجيله في 11 مباراة متتالية في «البريميير ليغ». واللافت أكثر أن الهدف القياسي لفاردي جاء في مرمى الفريق الذي حمل معه فان نيستلروي الرقم السابق اي مانشستر يونايتد.
لكن الرسالة التشجيعية التي وضعها فان نيستلروي على «إنستغرام» قبل المباراة دافعاً فاردي الى تحطيم رقمه، والعاصفة التي حلّت على «تويتر» من خلال رياضيين ووجوه اعلامية معروفة عقب الإنجاز الذي اصابه فاردي، لهما سبباً يرتبط بقصة وصول الرجل الى نجومية كانت بعيدة عنه كل البعد.
هي قصة تشبه تلك القصص الخرافية التي يخبرها الآباء والأمهات لأولادهم قبل خلودهم الى النوم، اذ قبل اعوامٍ قليلة كان فاردي مجرد عاملٍ في احد المعامل في قريته المتواضعة، وهو قبل 3 أعوام تحديداً كان يلعب مع احد فرق الدرجات الدنيا في إنكلترا اسمه فليتوود تاون، وقبله مع فريقٍ أقل تواضعاً هو هاليفاكس الذي انتقل اليه من فريقه الام ستوكسبريدج بارك ستيل بعدما قضى 7 اعوام مع الأخير اثر رفض فريق مسقط رأسه شيفيلد ونسداي ضمّه الى صفوفه وهو في سن السادسة عشرة لعدم كفاءته بحسب الفنيين هناك.
لكن أين شيفيلد اليوم وأين فاردي؟ المسافة التي تفصلهما كتلك المسافة التي تفصل الارض عن السماء، إذ إن النجم الساطع هذا الموسم في سماء الكرة الانكليزية كتب قصة تختصر معنى الطموح والاصرار للوصول الى الاهداف المنشودة، فتحوّل من مهاجمٍ مغمور يتلقى راتباً لا يتجاوز الـ 30 جنيهاً استرلينياً اسبوعياً عام 2010، الى نجمٍ نادت الجماهير في أمسية السبت باسمه بحضور مدرب المنتخب الانكليزي روي هودجسون، فصاحت بصوتٍ عالٍ: «الرقم 9 لإنكلترا».
قبل أعوامٍ قليلة كان فادري
يتلقى راتباً أسبوعياً قدره 30 جنيهاً


هو سيكون مكسباً من دون شك لهودجسون ومنتخب «الأسود الثلاثة»، إذ بغض النظر عن اطلاقه لمسيرة النجومية في سنٍ متأخرة (28 سنة)، وقدراته التهديفية التي يترجمها بتمركزه الصحيح ودقة توقيته للانطلاق وملاقاة الكرة داخل منطقة الجزاء، وثقته بنفسه التي اظهرها بتنفيذه ركلات الجزاء من دون اي ارتباك، فإنه يملك ميزة أهم وهي الروح التي يبثها في زملائه بحيث يحثهم دائماً على تقديم كل ما لديهم على ارض الملعب ويعمل بجهدٍ أمامهم، فلا يترك أي سبب لأي لاعب ينشط خلفه للتقصير وعدم مدّه بالكرات التي دأب على ترجمتها أهدافاً غالية.
الآن قد يكون فاردي السلاح الفتاك بالنسبة الى هودجسون في كأس اوروبا الصيف المقبل، وهو الذي خاض اربع مباريات دولية بقميص انكلترا من دون ان يهزّ الشباك، لكنه ترك كلاماً كثيراً لمتابعيه للحديث عنه. وابرز هؤلاء «اسطورة» آرسنال السابق إيان رايت الذي شقّ طريقه بشكلٍ مشابه الى التشكيلة الانكليزية، وقد وصف فاردي بأنه قد يكون سلفاتوري سكيلاتشي الجديد في المنتخب خلال البطولة القارية، في اشارةٍ منه الى المهاجم الايطالي الذي تُوِّج هدافاً لكأس العالم 1990 بعدما جاء من مقعد البدلاء حيث جلس منتظراً فرصته بوجود مهاجمين صاحبي اسمين كبيرين.
صحيح لا يملك فاردي اسماً بحجم اسم واين روني أو أموالاً كتلك التي حصدها الاخير في مسيرته مقابل مبلغٍ بسيط يتقاضاه هداف «البريميير ليغ» حالياً، وهو الذي انتقل الى ليستر مقابل مليون جنيه فقط عام 2012، لكن الأول يملك شيئاً أكبر من الجميع وهو روح عدم الاستسلام، ورقم قياسي بالتأكيد سيبقى باسمه لفترةٍ غير قصيرة.