مخطئ من يعتقد أن فوائد اللقاء الأخير بين ريال مدريد وبرشلونة كانت له انعكاسات فنيّة أكثر منها معنويّة على الفريقين قبل مواجهاتهما الثلاث المرتقبة في الكأس المحلية ودوري أبطال أوروبا. وطبعاً، يرى كلّ من المعسكرين أنه خرج بغلّة معنوية أفضل من منافسه، ولو أن الواقع يقول إن برشلونة كان المستفيد الأكبر من النتيجة التي أبقته على مسافة 8 نقاط من غريمه الأزلي، ما يعني أن لقب الدوري الإسباني لكرة القدم سيبقى في «كامب نو» لموسم آخر.لكن لا يخفى أن التركيز في الحديث هو عن ريال مدريد الذي كان بحاجة الى نتيجة مماثلة وأداء مشابه لذاك الذي قدّمه في أمسية السبت، والسبب أن الفريق الملكي لم يكن قبل تلك الموقعة قد خرج بعد من صدمة الخماسية النظيفة التي ألحقها به الفريق الكاتالوني في مباراة الذهاب. وبدا هذا الأمر جليّاً في كل تصريحات المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو في الفترة الأخيرة، حيث صوّب دائماً على برشلونة وكيفية تعامل الحكام معه خلال مبارياته ...
مورينيو عرف في قرارة نفسه أن الحرب النفسية التي يشنّها لن تجدي نفعاً ولن تعود بالمردود عليه كما كان الأمر عندما درّب تشلسي الإنكليزي، حيث عمد الى توتير أجواء منافسيه بدخوله في مشادات كلامية معهم. لقد أدرك مورينيو جيداً أن الوضع مختلف تماماً في إسبانيا وفي معسكر منافسه المباشر أي مدرب «البرسا» جوسيب غوارديولا الذي لم ينجرّ يوماً الى الدخول في دوامة الأحاديث الصحافية غير المجدية. من هنا، ابتعد «مو» أخيراً عن أي استفزازات، رافضاً الدخول في «دهاليز» الصحافيين ومفضّلاً التركيز على كيفية إيجاد الترياق اللازم لكبح جماح أقوى فريق في العالم.
الحق يقال، إن مورينيو المعتمد «خطة إنتر ميلانو» بإشراكه خمسة مدافعين (لعب البرتغالي بيبي أمام خط الظهر ساعياً الى تكسير الهجمات الكاتالونية)، وهي الخطة التي أطاحت برشلونة من دوري الأبطال في الموسم الماضي، نجح نسبياً في الخروج بخسارة أقل وطأة، إذ لا يخفى أن عدم فوزه في اللقاء أفقده منطقياً الأمل في انتزاع لقب «الليغا»، ما دفع صحيفة «سبورت» الموالية لبطل إسبانيا الى الاحتفال عبر وضع عنوان «اللقب من مدريد». لكن المفعول المعنوي الذي تركته النتيجة عند لاعبي الريال هو أكبر بكثير من التعادل، وخصوصاً بعد تقديمهم عرضاً لافتاً طوال فترات اللقاء وحتى خلال لعبهم بعشرة لاعبين. فإذا كانت النتيجة لا تدعو الى الاحتفال فإنها أفضل من تلقّي خسارة جديدة أمام الغريم التقليدي والمنافس الرئيسي على ألقاب الموسم، لذا كانت صحيفة «ماركا» الموالية للفريق الملكي محقّة عندما كتبت أن ريال مدريد فاز بخروجه متعادلاً لأنه حافظ على كبريائه، إذ إن خسارة أخرى أمام برشلونة كانت ستترك نتائج صاعقة على رجال مورينيو «وسيتجه لاعبو الريال الى فالنسيا برؤوس مرفوعة».
أما الأمر الذي يمكن الجزم بشأنه فهو أن غوارديولا قَدِم الى العاصمة الإسبانية من دون أن يكون بحاجة الى إثبات أي شيء، إذ سبق له ولفريقه أن أكدا التفوّق على منافسيهما، في الوقت الذي وقف فيه مورينيو وظهره الى الحائط لأن الجمهور الملكي لن يرحمه لو تلقى خسارة ثانية، وقد ثبت هذا الأمر باللعنات التي نزلت على راوول ألبيول لتسبّبه بركلة الجزاء، إذ نقل عن أحد المشجعين قوله: «ألبيول ميت بالنسبة إليّ».
«عصر الدماغ» الذي قام به مورينيو أفضى الى نتائج ملموسة من حيث الأداء على أرض الملعب، فكان جاهزاً في كل لحظة ولكل الأحداث الطارئة، والدليل أنه لعب ورقة الألماني مسعود أوزيل في الوقت المناسب، فأجبر الأخير برشلونة على تقديم مجهود مضاعف، في الوقت الذي كان فيه الكاتالونيون يحاولون عدم وضع ثقلهم أمام عشرة لاعبين وتوفير جهودهم لليلة الأربعاء التي ستنتقل فيها الاحتفالات من فالنسيا الى «بلاثا كاتالونيا» و«لا رامبلا» في برشلونة أو الى ساحة «سيبيليس» في العاصمة الإسبانية.
أما في لبنان والعالم العربي فسيكون «التزريك» عنوان المرحلة بالنسبة الى طرف، وخلق الحجج لتبرير الخسارة بالنسبة الى طرف آخر.



على هامش «إل كلاسيكو»

◄ احتضن ملعب «ميستايا» في فالنسيا مرتين «إل كلاسيكو» بين برشلونة وريال مدريد، الأول فاز فيه المدريديون 2-1 في 21 حزيران 1936، والثاني حسمه الكاتالونيون 2-0 في نيسان 1990.
◄ التقى برشلونة وريال مدريد 27 مرة في «كأس الملك»، ففاز الأول 13 مرة، والثاني 9 مرات مقابل 5 تعادلات.
◄ حسمت ركلات الجزاء مرة واحدة «إل كلاسيكو»، وفاز فيها ريال مدريد 4-1 عام 1985.
◄ «الدقيقتان الذهبيتان» في تاريخ «إل كلاسيكو» هما 35 و68، إذ سُجل خلالهما مناصفةً 28 هدفاً.
◄ 3 لاعبين فقط في تاريخ «إل كلاسيكو» سجلوا «هاتريك» ولم يفز فريقهم في المباراة هم «أسطورة» ريال مدريد سانتياغو برنابيو، وافضل هداف في تاريخ برشلونة الفيليبيني المولد باولينو ألكانتارا (357 هدفاً في 357 مباراة)، وليونيل ميسي.
◄ لم يتواجه برشلونة وريال مدريد مرتين في 4 أيام أو أقل منذ 14 عاماً: ريال مدريد ـــــ برشلونة 2-1 في 20 آب 1997، وريال مدريد ـــــ برشلونة 4-1 في 23 آب 1997.
◄ للمرة الثالثة في تاريخ «إل كلاسيكو» لم يخسر برشلونة أمام ريال مدريد في 6 مباريات متتالية. وفي المرتين السابقتين توقّفت «السلسلة النظيفة» في المباراة السابعة.