يكفي فقط ذكر أن 2012 شهد بطولة كأس أوروبا في كرة القدم ودورة الألعاب الأولمبية للدلالة على أهمية هذا العام وقيمته على المستوى الرياضي. بطولتان تختصران عالم الرياضة بجميع مفاصله: الأولى تعتبر البطولة الثانية من حيث الأهمية في كرة القدم بعد كأس العالم، رغم أن البعض يذهب الى اعتبار أن مستواها الفني أهم من المونديال نظراً إلى عدم وجود منتخبات من الصف الثالث عالمياً فيها. أما الأولمبياد، فيحوي ما لذّ وطاب من الألعاب الرياضية المختلفة ومن أشهر الرياضيين.
عالم الكرة ينحني لإسبانيا ولميسي
إذاً، تميز عام 2012 بإقامة كأس أوروبا في بولونيا وأوكرانيا. وإذا كانت هذه البطولة حدثاً هاماً في العام، فإن المنتخب الإسباني زاد من أهميتها عندما أدخلها التاريخ بعدما أضحى أول منتخب يفوز بالبطولة للمرة الثانية على التوالي بعد عام 2008، كما بات أول منتخب يحقق لقبين قاريين متتاليين، وبينهما لقب كأس العالم (2010). بطولة رسخت مدى عظمة الجيل الإسباني الحالي الذي يضم أسماء على شاكلة شافي هرنانديز وأندريس إينييستا وإيكر كاسياس وغيرهم. تكفي فقط المباراة النهائية أمام إيطاليا التي أنهاها «لا فوريا روخا» برباعية نظيفة للتأكيد على مدى فرادة هذا الجيل الإسباني.
إلا أن ليونيل ميسي لم يشأ كالعادة أن يسرق أحد غيره الأضواء، حتى ولو كان منتخباً بحجم «الماتادور». هكذا، مضى هذا الأرجنتيني في ترسيخ أسطورته عندما أنهى عام 2012 بتسجيله 91 هدفاً مع برشلونة ومنتخب «التانغو»، محطماً رقماً قياسياً يعود لعام 1972 وكان بحوزة النجم الألماني غيرد مولر الذي سجل 85 هدفاً مع «المانشافت» وبايرن ميونيخ. ميسي في نسخة 2012 لن يمحى من التاريخ طبعاً إلا إذا شاء «ليو» ذلك، فمن يعلم ربما قد يتخطى هذا الساحر حاجز الـ 91 هدفاً في إحدى السنوات المقبلة؟
وإذا كان ميسي النجم الأول في 2012 وهو مرشح فوق العادة للظفر بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم للعام الرابع على التوالي، فإن هذا العام كان استثنائياً أيضاً لزميله إينييستا الذي ظفر بجائزة أفضل لاعب في أوروبا، متقدماً على «ليو» نفسه وعلى البرتغالي كريستيانو رونالدو بعدما كان قد اختير أفضل لاعب في كأس أوروبا في الصيف.
وفي حين لم يكن فوز منتخب إسبانيا بكأس أوروبا مفاجئاً على الإطلاق نظراً إلى قيمة «لا فوريا روخا» الذي أنهى عام 2012 في صدارة التصنيف الدولي للعام الخامس على التوالي، فإن منتخب زامبيا أدهش المتابعين باعتلائه منصة التتويج في بطولة أمم أفريقيا التي استضافتها الغابون وغينيا الاستوائية. ورغم غياب منتخبات بحجم مصر والكاميرون ونيجيريا والجزائر وجنوب أفريقيا عن العرس الأفريقي، فإن الإنجاز الزامبي بالتتويج باللقب للمرة الأولى في تاريخه لم تشبه أي شائبة، إذ قدّم كرة القدم الأجمل في المسابقة مطيحاً منتخبات كبرى في طريقه الى اللقب، هي: السنغال وتونس وغانا وساحل العاج.
وعند الحديث عن كرة القدم في عام 2012، لا بد من التوقف عند مسابقة دوري أبطال أوروبا، الأولى في العالم على مستوى الأندية، حيث يمكن القول إن تشلسي الإنكليزي فاجأ النقاد عندما تمكن من الظفر باللقب، رغم تراجع مستواه في الدوري وإقالته لمدربه وقتها البرتغالي أندريه فياش ــ بواش، إلا أن خلفه الإيطالي روبرتو دي ماتيو كان له رأي آخر عندما بث روحاً جديدة في التشكيلة الزرقاء وقاده بفلسفته الدفاعية المحكمة الى تخطي برشلونة الإسباني في نصف النهائي وإطاحة طموحات بايرن ميونيخ الألماني في ملعبه «أليانز أرينا» في النهائي، ليعتلي النادي اللندني منصة التتويج للمرة الأولى في تاريخه وليحفر بهذا الإنجاز عام 2012 بأحرف من ذهب في سجلاته.
إلا أن نهاية عام 2012 كانت مغايرة كلياً من بدايته بالنسبة إلى تشلسي، إذ إن خساراته توالت في الدوري الإنكليزي الممتاز بعدما بدأ الموسم بقوة متصدراً «البرميير ليغ»، وإذا به يتقهقر تاركاً الصدارة لقطبي مدينة مانشستر، يونايتد وسيتي. غير أن الكارثة الكبرى تمثلت بفقدانه بسرعة قياسية لقب دوري أبطال أوروبا بعد خروجه من دور المجموعات في مجموعة ضمته الى جانب يوفنتوس الإيطالي وشاختار دونتسك الأوكراني ونوردشيلاند الدانماركي، حيث كان متوقعاً أن يحل فيها ثانياً على الأقل، وليدفع بذلك الرجل الذي قاده الى لقبه الأوروبي الكبير الأول، دي ماتيو، الثمن، بإقالته وتعيين الإسباني رافايل بينيتيز على رأس الجهاز الفني.
وعليه، بدا 2012 مزدوجاً بالنسبة إلى تشلسي: فمن جانب حمل له فرحة تاريخية، ومن جانب آخر حمل له خيبة مخزية. وفي كل الأحوال، فإن النادي اللندني كان علامة فارقة وفريدة في هذا العام.

بولت وفيلبس نجما الأولمبياد
نبقى في لندن. لندن في هذا العام كانت مختلفة عن كل الأعوام. في 2012 أشرقت شمس الأولمبياد على مدينة الضباب لتكشف عن منظر مدهش، خيالي، خلاب... إنها الألعاب الأولمبية التي برعت العاصمة الإنكليزية في تنظيمها.
ألعاب وفت بوعودها مقدمة أبطالاً جدداً ومرسخة أسطورة آخرين.
وعندما نحكي عن الأسطورة، لا بد أولاً من أن نتوقف عند الجامايكي أوساين بولت. «الإعصار» ضرب بقوة في أرض الإنكليز، مطيحاً جميع خصومه ومؤكداً أنه ليس الرجل الأسرع في زمنه فحسب، بل في جميع الأزمنة. لا أحد أقوى من بولت. حقيقة باتت ساطعة سطوع الشمس. فبعمر 26 عاماً، أصبح بولت ثاني عداء في التاريخ يحتفظ بذهبيتي سباقي 100 متر و200 م بعد الأميركي كارل لويس، كما احتفظ بذهبية تتابع 4×100 مع منتخب بلاده، محسناً رقمه القياسي في السباق الأول عندما قطع المسافة في 9,63 ثوان (9,69 في أولمبياد 2008)، متقدماً على مواطنه يوهان بلايك بطل العالم في 2011.
لكن بولت لم يخطف الأضواء وحده في لندن. السباح الأميركي «الأسطوري» مايكل فيلبس بات في 2012 أفضل رياضي أولمبي في التاريخ. 4 ذهبيات وفضيتان أضافهما فيلبس الى مسيرته المظفرة ليصبح صاحب الرقم القياسي في عدد الميداليات في الألعاب الأولمبية بواقع 22 ميدالية (18 ذهبية وفضيتان وبرونزيتان) بعدما حقق 6 ذهبيات وبرونزيتين في أولمبياد أثينا 2004 و8 ذهبيات في أولمبياد بكين، وليتخطى بذلك الرقم القياسي المسجل باسم لاعبة الجمباز السوفياتية لاريسا لاتينينا صاحبة 18 ميدالية أولمبية، مقفلاً الباب على مسيرته بنحو مثالي.
وفي المحصلة، استطاعت الولايات المتحدة انتزاع زعامة الأولمبياد في 2012 برصيد 46 ذهبية و29 فضية و29 برونزية، مقابل 38 ذهبية و27 فضية و22 برونزية للصين، فيما سجلت بريطانيا الدولة المضيفة أفضل إنجاز لها في تاريخ الألعاب بحلولها ثالثة، جامعة 29 ذهبية و17 فضية و19 برونزية. وعلى صعيد الألعاب الجماعية، فقد مُني منتخب البرازيل لكرة القدم بضربة موجعة عندما فشل مجدداً في تذوق طعم الذهب في الأولمبياد للمرة الأولى في تاريخه، حيث كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه، غير أنه تعرض للهزيمة في المحطة الأخيرة أمام المكسيك 1-2، ليكتفي بالفضة.
أما في كرة السلة، فقد تربع منتخب الأحلام الأميركي مجدداً على العرش الأولمبي وأحرز ذهبيته الرابعة عشرة في مشاركته السادسة عشرة بفوزه على نظيره الإسباني بطل أوروبا 107-100.
لوب أسطورة وفيتيل على الدرب
وإذا كان فيلبس قد أسدل الستار على أسطورته في السباحة بإنجاز نوعي، فإن الفرنسي سيباستيان لوب حذا حذوه في بطولة العالم لسباقات الراليات. فسائق سيتروين عزز رقمه القياسي بتحقيقه اللقب العالمي للمرة التاسعة على التوالي عندما حقق 9 انتصارات في 11 سباقاً في 2012، رافعاً رصيده الى 76 فوزاً في مسيرته. في رياضة المحركات والسرعة أيضاً، فإن الألماني سيباستيان فيتيل دخل تاريخ الفورمولا 1 من أوسع أبوابه وهو في الـ 25 من عمره فقط عندما تمكن من الحفاظ على لقبه العالمي للعام الثالث على التوالي، وليصبح أصغر سائق يحقق هذا الإنجاز وثالث سائق في التاريخ يصل إلى ثلاثة انتصارات متتالية بعد مواطنه «الأسطورة» ميكايل شوماخر والأرجنتيني خوان مانويل فانجيو. فيتيل أكد أنه ليس سائراً نحو لقب «الأسطورة» بسبب إنجازه المذكور فحسب، بل بسبب مقدراته القيادية العالية على متن «ريد بُل رينو»، حيث استطاع أن يقلب الطاولة مرة جديدة على الإسباني فرناندو ألونسو سائق فيراري الذي كان في صدارة ترتيب البطولة حتى الأمتار الأخيرة.
ومثّل عام 2012 في بطولة العالم للفورمولا 1 حدثاً هاماً بالنسبة إلى الفنلندي كيمي رايكونن، إذ إنه سجل فيه عودته عن اعتزاله للفئة الأولى. وأكثر من ذلك، فإنه تمكن من تحقيق نتيجة لافتة بحلوله ثالثاً في الترتيب العام على متن «لوتوس رينو».
يبقى أن عام 2012 شهد حدثاً بارزاً آخر وهو انتقال البريطاني لويس هاميلتون من فريق ماكلارين مرسيدس الى «مرسيدس جي بي».
فيديرر وسيرينا للتاريخ
في عالم الكرة الصفراء، كان 2012 فريداً من نوعه في فئة الرجال، إذ إن البطولات الأربع الكبرى ذهبت لأربعة لاعبين مختلفين.
وإذا كان الصربي نوفاك ديوكوفيتش قد استهل العام بقوة على غرار عامه التاريخي في 2011 بفوزه ببطولة أوستراليا المفتوحة، فإنه عاد وفقد لقبي بطولتي ويمبلدون و«فلاشينغ ميدوز».
من جانبه، فإن موسم الإسباني رافايل نادال كان مأسوياً، إذ افتتحه بفوزه ببطولة «رولان غاروس»، بيد أن الإصابة كانت كفيلة بالقضاء على بقية موسمه، لتخلو الساحة للسويسري روجيه فيديرر والبريطاني أندي موراي.
وإذا كان 2012 استثنائياً لموراي بتحقيقه لقب بطولة أميركا المفتوحة وذهبية أولمبياد لندن، فإن ما حققه فيديرر كان غير عادي. ففي الوقت الذي اعتبر فيه كثيرون أن نجم السويسري قد خبا بعمر الـ 31، وخصوصاً بعد فشله في تحقيق أي لقب كبير في 2011، فإذا به ينتزع لقب بطولة ويمبلدون للمرة السابعة في مسيرته مدوّناً لقبه الـ 17 في «الغراند شيليم» (رقم قياسي) كما أنه اعتلى صدارة تصنيف اللاعبين المحترفين للأسبوع الـ 302 (مطيحاً الرقم القياسي للنجم الأميركي بيت سامبراس)، قبل أن تعود لمصلحة ديوكوفيتش في ختام الموسم.
إلا أن الصورة في منافسات السيدات بدت معاكسة لمثيلتها عند الرجال، إذ شهدت سيطرة مطلقة للاعبة واحدة، ألا وهي الأميركية سيرينا وليامس عندما رفعت عدد ألقابها في البطولات الأربع الكبرى الى 15 بإحرازها لقبَي بطولتي ويمبلدون و«فلاشينغ ميدوز»، وقد أضافت إليهما ذهبية أولمبياد لندن وبطولة الماسترز لتسجل عودة قوية وتحتل المركز الثالث في صدارة ترتيب اللاعبات المحترفات بعد فترة طويلة من الابتعاد بسبب الإصابة، علماً بأن المصنفتين الأولى، البيلاروسية فيكتوريا أزارنكا، والثانية، الروسية ماريا شارابوفا، أحرزتا لقبي بطولتَي أوستراليا المفتوحة و«رولان غاروس» على
التوالي.
ولا يمكن في 2012 إلا المرور على نجم السلة الأميركية، ليبرون جيمس، حيث إنه لن ينسى مطلقاً هذا العام بعدما أحرز فيه لقب الدوري الأميركي الشمالي للمحترفين للمرة الأولى في مسيرته وذلك مع فريقه الجديد ميامي هيت، وقد حصد جائزة أفضل لاعب في الموسم وأفضل لاعب في المباراة النهائية أمام أوكلاهوما سيتي ثاندر. إذاً، 2012 عام رياضي بامتياز. عام يندر أن يتكرر بسهولة. عام يبدو من المجحف أن يتبوّأ المركز الأول فيه رياضي معيّن نظراً إلى كثرة المتألقين، غير أن لقطة واحدة تستحق أن تكون لقطة العام، ومن غيرها؟ قفزة المغامر النمسوي فيليكس باومغارتنر التي خرق بها جدار الصوت من ارتفاع قياسي تجاوز الـ 39 ألف متر.




فضيحة العام

إذا كانت الحيرة كبيرة في اختيار «رياضي عام 2012»، فإنها لن تكون كذلك في اختيار «فضيحة عام 2012». الدراج الأميركي لانس أرمسترونغ، بطل سباق فرنسا «تور دو فرانس» 7 مرات، يستحق، بلا تردد، اللقب الثاني، بعدما كشفت الوكالة الاميركية لمكافحة المنشطات «أوسادا» أنه تناول المنشطات في كل مسيرته باعتماده «برنامج التنشّط الأكثر تعقيداً واحترافية في تاريخ الرياضة»، حيث جرده الاتحاد الدولي للدراجات الهوائية من كافة ألقابه في السباق الفرنسي الشهير، التي أحرزها بين عامي 1999 و2005، إضافة الى منعه من المشاركة في السباقات مدى الحياة، وقد قدرت مجلة «فوربس» الأميركية خسائر أرمسترونغ المالية بـ 150 مليون دولار جراء هذه الفضيحة.
وشكل تقرير «أوسادا» صدمة في العالم بأسره، وخصوصاً بعد التعاطف الذي لقيه أرمسترونغ من الجميع بعد إصابته بمرض السرطان الذي تعافى منه، علماً بأنه اعتزل المنافسات عام 2005 قبل أن يعود في 2009 من دون أن يحقق انجازاً يذكر.



أهم الاحداث الرياضية في عام 2013

من 11 إلى 27 كانون الثاني: بطولة العالم في كرة اليد في اسبانيا
من 19 ك2 إلى 10 شباط: بطولة امم أفريقيا في كرة القدم في جنوب أفريقيا
من 4 الى 17 شباط: بطولة العالم في التزلج في النمسا
15 أيار: نهائي بطولة «يوروبا ليغ» في ملعب أمستردام أرينا
25 أيار: نهائي دوري أبطال أوروبا في ملعب ويمبلي
من 15 الى 30 حزيران: بطولة القارات في كرة القدم في البرازيل
من 21 حزيران الى 13 تموز: كأس العالم لكرة القدم للاعبين دون 20 عاماً في تركيا
من 10 الى 28 تموز: بطولة اوروبا للسيدات في كرة القدم في السويد
من 19 تموز الى 4 آب: بطولة العالم في السباحة في برشلونة
من 10 الى 18 آب: بطولة العالم في ألعاب القوى في موسكو
من 4 الى 22 أيلول: بطولة اوروبا للرجال في كرة السلة في سلوفينيا
من 18 الى 28 ايلول: بطولة العالم في الكرة الشاطئية في تاهيتي
من 17 ت1 الى 8 ت2: كأس العالم لكرة القدم للاعبين دون 17 عاماً في الامارات
من 11 الى 22 كانون الأول: بطولة العالم للاندية في كرة القدم في المغرب



__title__ __description__