تيتو فيلانوفا بخير وسيتغلب على المرض الخبيث تماماً كما فعل غيره من الكرويين الذين كسبوا المعركة ضد السرطان واستعادوا نشاطهم على المستطيل الأخضر. فيلانوفا الذي خرج أمس من العناية المركّزة ليرقد في غرفة لبضعة أيام بعدما جرت العملية التي أجراها في الغدة النكافية بالشكل المطلوب، سيسير على خطى هؤلاء، لا لأنه يملك قدرات هائلة، بل لأن لاعبي كرة القدم ومدربيها يملكون عادة قدرات المقاومين؛ إذ تشير دراسات إلى أن الجهد الذي يقدّمه لاعب الكرة منذ بداية مسيرته وحتى مرحلة النضج يوازي تقريباً المجهود العسكري، فلا يمكن بلوغ مرحلة النجومية أو اللعب على مستوى عالٍ من دون القيام بتضحيات بدنية وذهنية في آنٍ معاً.
كذلك، لا يمكن إسقاط أن فيلانوفا يملك دافعاً لمقاومة السرطان وعدم الاستسلام له؛ فهو يقوم بأهم عملٍ له في مسيرته الكروية؛ إذ يدرّب أهم أندية العالم، أي برشلونة، وقد سجّل معه بداية رائعة في الدوري الإسباني الذي بات مرشحاً كبيراً لاستعادة لقبه، إضافة إلى كأس إسبانيا ودوري أبطال أوروبا، حيث يبدو «البرسا» أحد أقوى الفرق.
إذاً، يعيش فيلانوفا إصراراً لاستعادة مكانه في المقعد التدريبي لبرشلونة، وهو أمر يعيدنا بالذاكرة إلى حالات مشابهة كان أبطالها العديد من اللاعبين والمدربين الذين طرق المرض الخبيث أبوابهم قبل أن يخرج مطروداً من حياتهم.
آخر هؤلاء النجوم كان أحد لاعبي فيلانوفا في برشلونة، الفرنسي إيريك أبيدال الذي أصابه المرض في الكبد، وقد تمكن من مقاومته فائزاً مع الفريق الكاتالوني بلقب دوري أبطال أوروبا، حيث كانت اللفتة الشهيرة من زملائه عبر منحه شارة القيادة لرفع الكأس عقب المباراة النهائية أمام مانشستر يونايتد الإنكليزي على ملعب «ويمبلي» في لندن العام الماضي. وأبيدال الذي أجرى عمية زرع كبد عاد أخيراً إلى تمارين برشلونة، وقد ظهر في صورٍ فوتوغرافية كثيرة نشرها النادي يقوم بتحضيرات بدنية في مناطق وعرة حتى، وذلك لاختبار قدراته على مواجهة الصعاب، وهو يتوقع أن يعود قريباً إلى تشكيلة «البرسا»، ومنها إلى منتخب فرنسا؛ لكونه لا يزال يتمتع بالإمكانات الذهنية والجسدية عينها.
وقبل أبيدال كان هناك الكثير في الملاعب الإسبانية ممن نجحوا في قتل المرض؛ إذ قبل 10 أعوام أُصيب حارس مرمى ديبورتيفو لا كورونيا السابق خوسيه فرانسيسكو مولينا بالسرطان في الخصيتين، لكنه شفي منه، ولم يعد فقط إلى الملاعب لحراسة شباك ليفانتي، بل حتى وصل إلى تدريب فياريال.
وسبق مولينا إلى هذه المعركة حارس مرمى آخر، هو الدولي الأرجنتيني جرمان بورغوس الذي تخلص من المرض العضال في الكلية عام 2003 وعاد ليقول إنه أصبح ذهنياً أقوى. وبالفعل عاد «القرد»، وهو لقبه، إلى العاصمة الإسبانية، حيث لعب سابقاً مع أتلتيكو مدريد ليشغل حالياً مهمة مساعد مواطنه دييغو سيميوني مدرب الفريق المذكور. وبالمناسبة، فإن أرجنتينياً آخر عانى الإصابة بالمرض في الخصيتين وتخطاه، هو حارس مرمى منتخب «التانغو» في كأس العالم 1998 كارلوس روا، الذي عاد إلى اللعب أيضاً بعد فترة العلاج.
ويضاف إلى هذه الأسماء، أخرى قد يتذكرها كثيرون ويتذكرون حالاتها وكيفية تسجيلها أهدافاً إضافية لكرة القدم في مرمى المرض الخبيث؛ إذ إن أخطر الإصابات في مسيرة هايكو هيرليش مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني والمساهم بفوز فريقه بدوري الأبطال عام 1997، كان ذاك الورم الخبيث في رأسه. إلا أن صاحب الضربات الرأسية المميزة عاد في 2001 بعد عامٍ واحد على اكتشافه المرض ليخوض ثلاثة مواسم مع دورتموند، وقد أصبح أخيراً مدرباً لفريق أونترهاخينغ.
كذلك، يمكن العالم تذكّر اسم مهاجم خطر آخر في التسعينيات، هو الدولي البلغاري لوبوسلاف بينيف الذي أُصيب بالمرض في الخصيتين، ثم استعاد كل قدراته التهديفية القاتلة التي جعلته نجماً مع منتخب بلاده وفالنسيا الإسباني.
ويضاف إليهما لاعب دولي آخر أقل شهرة هو البرازيلي نارسيسو دوس سانتوس الفائز مع منتخب البرازيل بالميدالية البرونزية في دورة الألعاب الأولمبية في أتلانتا الأميركية عام 1996، الذي كان أول رياضي يستعيد نشاطه متغلباً على اللوكيميا.
تيتو فيلانوفا سيكون الاسم المقبل، وعلى رأس هؤلاء المنتصرين على المرض؛ فهو يخوض الآن أقوى مواجهة في حياته، وعلى غرار ما قال له حارس ريال مدريد إيكر كاسياس: «من المستحيل عليك أن تخسر هذه المباراة يا تيتو».



أبيدال مثالاً لفيلانوفا


اعترف كابتن برشلونة كارليس بويول بأن ابتعاد تيتو فيلانوفا يشكّل ضربة قوية للفريق، لكنه في الوقت عينه رأى انه بامكان مدربه تخطي هذه المحنة انطلاقاً من النظر الى زميله إيريك أبيدال كمثالٍ في مقاومة مرض السرطان والعودة الى الملاعب.
وقال بويول: «انها لكمة في الوجه بالنسبة الينا، لكننا سنواصل القتال، فهذا هو الامر الذي دأب هذا النادي على فعله، وسنقوم به مجدداً». واضاف: «أبيدال هو مثال لتيتو ولنا جميعاً حول النضال وتخطي الصعاب والعودة الى اعلى مستوى».