بين شهر أيار الماضي والشهر الحالي تبدّلت الصورة كلّها في أتلتيك بلباو، فالفريق كان قبل أشهرٍ قليلة مرشحاً لحصد لقبين أحدهما أوروبي عندما بلغ المباراة النهائية لمسابقة «يوروبا ليغ»، والآخر محلي ببلوغه المباراة عينها في كأس اسبانيا. إلا أن كلمة الفريق المحترم لم تعد تنطبق على الباسكيين الآن، وهم الذين أبهروا كل من تابعهم في الموسم الماضي بكرة قدم هجومية جميلة وصلت الى قمتها في المباراتين امام مانشستر يونايتد الانكليزي الذي كان أحد ضحايا رجال المدرب الارجنتيني مارتشيلو بييلسا في البطولة القارية.
اذاً صحيح أن بلباو أنهى الموسم الماضي في المركز العاشر محلياً، لكنه قدّم شيئاً جميلاً، وانشغاله بالكأسين اللتين نافس عليهما جعله بعيداً عن ركب المنافسة على المراكز المتقدّمة. إلا أن الوضع اسوأ حالياً، إذ لا يبدو المستوى مقبولاً، لذا يبدو مبرراً احتلال الفريق الباسكي المركز الرابع عشر على لائحة ترتيب «الليغا»، وهو أمر كفيل بإثارة غضب بييلسا الملقّب أصلاً بـ«إل لوكو»، أي المجنون بالعربية.
وما يمكن قوله إن الجنون أصلاً يحيط بالنادي منذ الصيف الماضي، وتحديداً عند فتح باب الانتقالات، وقد أثار الجلبة الكبرى أبرز نجمين في بلباو، أي المهاجم الهداف فرناندو لورينتي ولاعب الوسط - المدافع خافي مارتينيز اللذين قضيا على كل الاستراتيجيات التي وضعها بييلسا عشية انطلاق الموسم الجديد.
وفي الوقت الذي حصل فيه مارتينيز على مبتغاه بالانتقال الى بايرن ميونيخ الالماني، فإن الجو السلبي المحيط بقضية لورينتي لا يزال مسيطراً حتى الآن، إذ حدث انقسام حول السماح للاعب بأن يكون ضمن الحسابات الاساسية لبييلسا أو لا يكون، وخصوصاً أنه جاهر علناً بنيته ترك الفريق في الصيف، ثم ذهب بعد إقفال باب الانتقالات الى الإصرار على الرحيل في كانون الثاني المقبل. وبالتأكيد فإن لورينتي له التأثير الاكبر على المستوى العام لبلباو، والدليل أنه سجل 29 هدفاً في المسابقات المختلفة الموسم الماضي.
ولا يخفى أن من الصعب على بلباو تعويض أي لاعب نجم يرحل، لكون سياسة النادي لا تسمح بالتعاقد مع لاعبين أجانب بل الاعتماد كليّاً على ابناء الاقليم والمتخرّجين من اكاديمية النادي المعروفة باسم «ليساما». ومسألة الفراغ بدت واضحة بعد رحيل مارتينيز الى المانيا، إذ لم يستطع الفريق استثمار مبلغ الـ40 مليون يورو الذي قبضه ثمناً للاعبه من أجل سدّ الثغرة التي خلّفها، إذ لم يتمكن قلب الدفاع ميكيل سان خوسيه من لعب دور متوسّط الميدان الذي يحمي محركي الوسط، أي أندير هيريرا واوسكار دي ماركوس، فبدا ضرب الخطوط الخلفية لبلباو أمراً سهلاً، ما أدى الى تلقّي شباك الفريق 32 هدفاً في «الليغا»، قابلها قحط هجومي تمثّل في تسجيل 20 هدفاً فقط في 15 مباراة.
اذاً حالة التمرّد الداخلي أصابت أتلتيك بلباو في الصميم، والحلول تبدو بسيطة جداً، وهي بيع لورينتي من أجل خلق استقرار عام وفني أيضاً، إذ اضطر بييلسا هذا الموسم الى تعديل استراتيجيته من اجل خلق فعالية هجومية، وهو أمر لم ينجح حتى الآن، ولو أن الموهبة الصاعدة إيكر مونيايين (19 عاماً) جاهز لحصر لمعان ما يسمى نجم الفريق به وحده، ليأخذ بالتالي الدور الذي لعبه لورينتي ومارتينيز في المواسم القريبة الماضية.



بييلسا ضد بيع لورينتي

رغم كل ما أحدثه من خضة في النادي، يرفض مارتشيلو بييلسا فكرة بيع فرناندو لورينتي عند فتح باب الانتقالات الشتوية، مؤكداً أن الأخير هو لاعب مهم جداً بالنسبة اليه ويحتاج الى جهوده هذا الموسم، وقد قرّر مع مديري النادي عدم بحث مسألة بيعه قبل حزيران 2013.