كما كانت الحال عليه عندما كان نجماً في ثمانينيات القرن الماضي، يعمل رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني لتحويل نفسه نجماً مطلقاً في الادارة، وهذا الامر سعى اليه منذ وصوله الى سدّة رئاسة «يويفا» حيث قام بتعديلات ثورية على البطولات الاساسية في «القارة العجوز»، من كأس اوروبا الى دوري ابطال اوروبا وصولاً الى «يوروبا ليغ».
منذ أشهرٍ عدة، وتحديداً منذ كأس اوروبا الاخيرة التي اقيمت في بولونيا واوكرانيا، لم يتوقف بلاتيني عن رمي كلام بخصوص البطولة القارية، وخصوصاً عندما كان البعض يتحدث عن ماهية رفع عدد منتخباتها الى 24 بدلاً من 16 كما كانت الحال عليه في النسخة الاخيرة، فجسّ صاحب الضربات الحرّة المميزة نبض الكلّ بسؤاله: ما بالكم إذا ما جعلنا تنظيم البطولة في بلدانٍ مختلفة؟
كلام اعتبره كثيرون غير قابل للتحقيق، لأن الكرة الاوروبية سارت دائماً على درب التقاليد. لكن بالأمس القريب خرج بلاتيني معلناً العنوان الكبير القادم وجاعلاً من القارة الاوروبية بلداً واحداً.
السؤال عن سبب هذا القرار الثوري الجديد يمكن ربطه بمجموعة نقاط، منها أسباب عامة ومنها خاصة ترتبط ببلاتيني نفسه. ومن النقطة الاخيرة يمكن القول إن بلاتيني يريد دائماً تحقيق المكاسب الشخصية، فهو سبق أن كسب رضا الاتحادات الصغيرة في القارة عبر رسم صورة جديدة لمسابقة دوري الابطال، ما فتح المجال امام فرق هذه الاتحادات الوطنية للحضور في المسابقة الأهم، وبالتالي الاستفادة من المكاسب المالية الدسمة فيها. وهذا الموضوع لا شك في انه أكسب بلاتيني محبين كثيرين سيصوّتون لتجديد ولايته في الانتخابات المقبلة، والامر عينه سيحصل عندما يمنح شرف تنظيم بعض المباريات الكبيرة في الأدوار الأولى، وبالأخص المتقدّمة من كأس اوروبا 2020 الى بلدانٍ لم يسبق لها مثلاً التمتع بخيرات العائدات من هذه البطولة.
لكن لا يمكن إسقاط أنه في التوجّه الثوري الجديد للاتحاد الأوروبي، هناك مراعاة للظروف الكروية والاقتصادية أيضاً. ففي المقام الاول أصبح صعباً على بلدٍ أو اثنين تنظيم بطولة تضم 24 منتخباً، ذلك أن العمل يحتاج الى مجهودٍ جبار وتكاليف أكثر لخلق ملاعب تستقبل هذه المنتخبات والمباريات والجماهير. وفي المقام الثاني لا يخفى أن التكاليف التطويرية في الملاعب ليست بمتناول الكثير من البلدان الكروية المتقدمة في اوروبا، إذ سيصعب على اسبانيا والبرتغال مثلاً تنظيم كأس اوروبا، وخاصة أن هذه البلدان تعاني من أزمة مالية حادة يتوقع ألا تكون قد تخلصت منها بحلول سنة 2020، وبالتالي فإنها غير قادرة على تحديث عددٍ كبير من الفنادق والطرقات والمطارات والملاعب وغيرها من البنى التحتية.
اذاً الكل مستفيد ما عدا الجماهير التي سيكون عليها تكبّد مشقات السفر من بلدٍ الى آخر من أجل اللحاق بمنتخباتها، وهو أمر سيكلفها جهداً ومالاً أكثر، وخصوصاً أنه في فصل الصيف حيث تُنظّم البطولة ترتفع أسعار بطاقات السفر والفنادق، وهو أمر لم يحسب له بلاتيني أي حساب، رغم أنه قد ينعكس سلباً على مستوى الحضور الشعبي، إذ سيذهب المشجعون الى انتقاء مباراة دون اخرى للسفر ومتابعتها عن كثب بعكس ما يحصل عادة حيث يقيم هؤلاء معسكرات في المدن التي تحتضن منتخباتهم.



منافسة على النهائي

ما ان اعطى ميشال بلاتيني الضوء الاخضر لتنظيم «يورو 2020» في مدنٍ عدة حتى انطلقت المنافسة على استضافة النهائي الذي سيكون الحدث الاهم في البطولة. وكانت انكلترا اول من ابدت طموحاتها، اذ سارع رئيس اتحادها ديفيد بيرنشتاين الى اعتبار ان ملعب «ويمبلي» سيكون المسرح المثالي للنهائي.