لا يختلف اثنان على مدى الكراهية التي تعتري العلاقة بين البرازيل والأرجنتين في كرة القدم منذ سنوات طويلة في صراعهما على زعامة قارة أميركا الجنوبية، حتى أخذ الصراع منحى لا يتصوره العقل. ولعل «الكباش» البرازيلي _ الأرجنتيني أخذ بعداً أوسع مع صراع «أسطورتي» البلدين الخالدين، بيليه ودييغو أرماندو مارادونا، على جائزة أفضل لاعب في القرن العشرين. من هنا، لم يذكر لنا التاريخ أن أياً من البلدين أو من جمهورهما أشاد لمرة واحدة بإنجاز حققه الطرف الآخر، أو حتى بنجم برع في الجانب الآخر. وإذا ما توقفنا عند هذه النقطة الأخيرة، نستطيع ملاحظة الكم الهائل من الكراهية التي يكنّها البرازيليون لمارادونا على وجه الخصوص، حيث استطاع هذا الأخير استفزازهم في أكثر من مناسبة وكان سبباً في خروجهم من مونديال 1990 في إيطاليا عندما صنع كرة الهدف لكلاوديو كانيجيا.
غير أن هذه الأيام يمكن اعتبارها تاريخية واستثنائية بين البرازيليين والأرجنتينيين، وكل هذا بسبب نجم اسمه ليونيل ميسي.
فمن يتابع حالياً الترشيحات حول جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، سيتوقف طويلاً عند الإطراء الكبير الذي يلقاه ميسي من البرازيليين ومن كبار لاعبيهم. أول من أمس، بدا «الظاهرة» البرازيلي رونالدو واضحاً بأنه يختار ميسي، وقال: «ميسي سوف ينال صوتي لأنه بجانب أهدافه الحاسمة والفوز بالبطولات يمكن أن يؤدي كرة قدم ساحرة من نوع خاص ومختلف. (البرتغالي) كريستيانو رونالدو مهاري جداً، لديه الكثير من الإمكانيات وهو لاعب مفيد جداً، إلا أن ميسي يواصل فعل أشياء غير متوقعة».
هذا الكلام ترافق مع كلام مماثل من النجم الأول في بلاد «السامبا» حالياً، نيمار، الذي منح صوته لميسي للفوز بالكرة الذهبية، لا بل ذهب أبعد من ذلك، معتبراً أن اللعب مع النجم الأرجنتيني في سانتوس سيكون بمثابة الحلم له.
النجم البرازيلي السابق ريفالدو كان قد سبق رونالدو ونيمار إلى التغنّي بميسي حيث قال: «أتمنى أن يصبح الجميع مثله في أخلاقه وتواضعه».
الإطراءات البرازيلية المنهالة على ميسي لم تقتصر على نجوم الكرة، إذ وصل الأمر بالرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا إلى الإشادة بميسي قبل فترة، قائلاً: «ميسي أفضل لاعب في العالم. من قبل، حاربنا من أجل معرفة من هو الأفضل بين بيليه ومارادونا، وبالطبع بيليه الأفضل، واليوم بلا شك ميسي هو الأفضل».
حتى إن الأطفال في البرازيل باتوا يرون في ميسي قدوتهم في الملاعب، وهذا ما أظهره الطفل البرازيلي، غابرييل مونيز، الذي يعاني من إعاقة جسدية، عندما أعرب عن حلمه بمقابلة ميسي، وهذا ما تحقق له.
فلنضع كل ذلك جانباً، ولنتوقف عند خبر لافت في البرازيل قبل أيام، إذ أظهر استطلاع للرأي لأحد المعاهد الرياضية أن البرازيليين يضعون ميسي في المرتبة الثانية بين لاعبيهم المفضلين بـ 7,1% خلف نيمار.
إنها فعلاً أيام استثنائية نعيشها في العلاقة بين البرازيليين وأحد اللاعبين الأرجنتينيين، كيف لا تكون كذلك، ومسببها هو، بحق، «ظاهرة فريدة».