تساءل كثيرون في الأيام الأخيرة عن سبب استقدام برشلونة الإسباني للاعب الوسط الكاميروني ألكسندر سونغ، وخصوصاً أن الفريق الكاتالوني يملك مجموعة من أفضل لاعبي خط الوسط في العالم، على رأسهم الثلاثي شافي هرنانديز وأندريس إينييستا وفرانشيسك فابريغاس. لكن الحقيقة أن هؤلاء لم يكن بمقدورهم القيام بعملٍ كبير على أرضية الميدان، وتحديداً في الشق الهجومي من دون الحصول على تغطية دفاعية، إذ إن هناك من يحمي ظهرهم وهو الدولي الآخر سيرجيو بوسكتس.
وانطلاقاً من هذه النقطة، قفز برشلونة الى سوق الانتقالات من أجل تأمين تغطية لبوسكتس في حال غيابه بداعي الإصابة أو الإيقاف، وبحثه كان واضحاً، وهو عن لاعبٍ يجيد القيام بالدور الدفاعي وتسليم الكرة بالطريقة عينها التي يقوم بها الإسباني الفارع الطول الذي تحوّل مصدراً مزعجاً لكل الفرق المنافسة، ولهذا السبب وجدنا البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب ريال مدريد الإسباني يعمد في مواجهة «البرسا» الى الدفع بـ«جزارٍ» مشابه هو مواطنه بيبي من أجل تأمين القدر نفسه من التكسير في خط الوسط وإيجاد توازنٍ في هذه المنطقة، حيث يوجد بوسكتس.
ومسألة البحث عن لاعبٍ في هذا المركز أصبحت الشغل الشاغل للمدربين في المواسم الأخيرة، وهم الذين تحوّل معظمهم الى اعتماد خطة 4-2-3-1 التي تعتمد على لاعبي ارتكاز يمكنهم وقف أي مدّ هجومي. وبالفعل، كان البحث عن لاعبين يملكون المؤهلات للقيام بهذا الدور أمراً عسيراً، اذ لا يوجد اليوم في العالم الكروي الكثيرون من أمثال روي كين وباتريك فييرا وكلود ماكيليلي. وأبرز مثال على هذه المسألة أن ريال مدريد الإسباني بقي في الظلمة لوقتٍ طويل بعد خروج ماكيليلي الى تشلسي الانكليزي، وذلك حتى جاء مورينيو ليضم الألماني سامي خضيرة من أجل ارتداء القميص الرقم 6 والقيام بالدور عينه، فعاد الريال الى منصة التتويج. وفي الإطار عينه، رفض مورينيو بيع الفرنسي لاسانا ديارا لما يمثله من قيمة في هذا المركز أيضاً، اذ بإمكانه تعويض خضيرة في أي وقت، وقد رأينا أن البرتغالي بدأ به أساسياً في المباراة الافتتاحية للدوري الإسباني أمام فالنسيا.
والأمر عينه ينطبق على مانشستر يونايتد الذي لم يتمكن من إيجاد خليفة لكين حتى الآن، وقد بحث مدربه «السير» اليكس فيرغيسون عن حلولٍ كثيرة في هذا الإطار، منها مثلاً تحويل المهاجمين ألن سميث والبرازيلي أندرسون الى لاعبي وسط ـــ مدافع، وذلك بعدما فشل مواطن الأخير كليبرسون في القيام بالواجب، رغم أنه كان أحد نجوم كأس العالم 2002. كذلك فشل مايكل كاريك والاسكوتلندي دارين فليتشر في هذا الأمر، ما خلق رأياً أنه كان من الأجدى على «السير» استقدام لاعب وسط بدلاً من التعاقد مع مهاجمٍ إضافي، أي الهولندي روبن فان بيرسي، وخصوصاً ان الحاجة الى لاعبٍ في دائرة الملعب بدت ضرورية وعلى أساسها أُعيد بول سكولز عن اعتزاله.
وفي أرسنال، كان رحيل فييرا نهاية حقبة بالنسبة الى أرسنال، فهو كان القائد المرعب في وسط الملعب، والمدافع والمهاجم الأول طوال الدقائق التسعين، وقد عمل المدرب الفرنسي أرسين فينغر طويلاً في أكاديميته لإخراج خليفة حتى حصل سونغ على هذا الشرف، لكن ليس لفترة طويلة كونه اختار التحوّل الى برشلونة.
البحث عن «الجزّار» كان عنوان عمل بايرن ميونيخ طوال هذا الصيف في سوق الانتقالات، ولهذا السبب يبدو النادي البافاري «البخيل» مستعداً لدفع مبلغٍ قياسي، مقابل الحصول على خدمات الإسباني خافي مارتينيز، اذ برّر مدربه يوب هاينكس هذه الخطوة بأنه لن يكون هناك لاعب بمركزه متوفر كل يوم، علماً بأن الدولي الاسباني الفائز مع منتخب بلاده بكأسي العالم وأوروبا كان الهدف الأول لبرشلونة قبل سونغ الذي مثّل الخطة «ب» بالنسبة الى تيتو فيلانوفا بعدما عجزت ادارة ناديه عن دفع الـ 40 مليون يورو لتحرير الباسكي من عقده مع أتلتيك بلباو.
وبالنسبة الى من يشكك في أهمية لاعب الوسط ـــ المدافع الذي يعدّ الآن جوهرة أي فريق وأهم من أي مهاجمٍ هداف، يمكنه أخذ مانشستر سيتي بطل انكلترا كعيّنة، إذ كان الحضور البدني القوي والحسّ التهديفي الفعال للعاجي يايا توريه سبباً في فوز الـ«سيتيزنس» باللقب. ولا يمكن اغفال انه الى جانبه كان هناك الدولي غاريث باري الذي قام بدورٍ مماثل دفاعياً، الى جانب دوره كصانع ألعاب وممرر مميز، بحيث أشارت الإحصاءات الى نجاحه في 86 بالمئة من تمريراته في الموسم الماضي.
المعادلة بسيطة في أوروبا الآن، ومفادها أنه من دون «جزار» لن يمكنك إخافة أي فريق مهما كان ضعفه.



لطالما قالوا كلمتهم

لطالما قال لاعبو مركز الوسط ـــ المدافع كلمتهم في العصر الحديث للعبة، إذ مثلاً لا يمكن نسيان دور الألماني لوثار ماتيوس في نجاحات منتخب بلاده، ومثله مواطنه شتيفان إيفنبرغ، والفرنسي ديدييه ديشان، والهولنديان فيليب كوكو وإدغارد دافيدز، والبرازيليان دونغا وماورو سيلفا، وأخيراً الإيطالي دانييلي دي روسي.