للمرة الاولى منذ 32 عاماً تحضر الالعاب الاولمبية في شهر رمضان، وهي مسألة اثارت كلاماً كثيراً في العالم الاسلامي والعربي على وجه الخصوص، حيث هناك العديد من الرياضيين المرشحين لحصد الميداليات المختلفة المعادن في العاصمة البريطانية. سؤال الجميع كان حول وجوب الصيام من عدمه خلال الالعاب، وهي المسألة التي يصادفها اصلاً الرياضيون المسلمون كل سنة، وخصوصاً لاعبي كرة القدم المحترفين في اوروبا مثلاً الذين كانوا مضطرين للتوفيق بين صيامهم وتأدية واجبهم على اكمل وجه مع فرقهم التي تخوض غمار منافسات على اعلى مستوى. لكن ما يجعل الضجة اكبر حول هذا الامر هذه المرة هو ان الالعاب الاولمبية تأتي مرة كل اربع سنوات، وهي تشكل فرصة نادرة لرياضيين كثيرين من اجل تحقيق انجازات استثنائية بعد تعبٍ كبير للتأهل الى هذا الحدث.
كثيرون من هؤلاء الرياضيين لا يرون مشكلة في اداء فريضة الصوم في موازاة قيامهم بواجبهم الاولمبي، ومنهم الفرنسي الجزائري محمد خالد بلاباس الذي نقلت عنه قناة «فرانس 24» قوله: «سأفعل كما دأبت دائماً لانني معتاد هذا الامر». ومثله كان رأي لاعب الهوكي البريطاني دارين شيسمان الذي قال: «رمضان يعطيني المزيد من القوة ويحسّن من قدراتي ولا يقيّدني ابداً».
وفي هذا السياق ظهرت فتاوى عديدة تجيز افطار الرياضيين المسلمين المشاركين في اولمبياد 2012، اذ أوضح مفتي دبي الشيخ أحمد الحداد أن اللاعبين يجوز لهم الإفطار والقضاء بعد انتهاء المنافسات الرياضية. وعلّل الشيخ قاهر محمد الشريف، رئيس لجنة الفتوى في المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر، إجازة الإفطار لرياضيي بلاده بأن سفرهم شرعي ويخدم المصلحة العامة. كذلك، كان الدكتور علي الحكمي، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، قد أجاز إفطار اللاعبين السعوديين والمرافقين لهم. وأجاز علي جمعة مفتي الديار المصرية الافطار للرياضيين المصريين، موضحاً انه لا يستطيع ان يجبر اي رياضي يرغب في الصيام على الافطار.
لذا، فإن اللجنة المنظمة للالعاب الاولمبية لم تتجاهل هذا الموضوع، اذ افادت معلومات لـ«الأخبار» من لندن بأنّ هذا الموضوع لُحظ من الناحية اللوجيستية، من خلال ترك المطاعم الموجودة في القرية الاولمبية مفتوحة طوال الليل لتلبية حاجات الرياضيين الصائمين. كذلك، ستعمل المساجد الموجودة في العاصمة البريطانية على توفير الافطار للقادمين المسلمين من اجل متابعة الالعاب وهم الذين سيفوق عددهم بالتأكيد عدد الرياضيين المشاركين فيها.
أما الدراسات فلا تشير الى تأثيرٍ جذري للصيام على الرياضيين، لكنه من دون شك سيترك اثراً على برنامجهم التحضيري، وخصوصاً اولئك الذين يتبعون نظاماً غذائياً معيّناً، وهم الذين لا يمكنهم فعل اي شيء لتغييره، لأن روزنامة الالعاب سبق ان وضعت منذ فترة طويلة، وبالتالي ما عليهم سوى اختيار الخطوة المناسبة لهم، وهي تبدأ عند الرياضيين العرب من الفتاوى التي صدرت في بلدانٍ مختلفة بغية عودتهم بالميداليات ولا شيء سواها.



المتديّن المسيحي الذي رفض الذهب

تضارب الألعاب الأولمبية مع الالتزامات الدينية لا يقتصر على الرياضيين المسلمين فقط، إذ دخل العدّاء الاسكوتلندي إيريك ليدل، المتديّن مسيحياً، التاريخ في دورة باريس عام 1924 عندما رفض خوض سباق 100 متر الذي كان مرشحاً بقوة لحصد الذهب فيه لأنه صادف تنظيمه في يوم الأحد، علماً بأنه خاض بعده سباق 400 م محطّماً الرقم العالمي.