إنها البرازيل، أرض كرة القدم. هنا، بزغت موهبة بيليه وزيكو ورونالدو وسقراطيس ورونالدينيو وآلاف اللاعبين الذين مروا على عالم الكرة. لكن شهرة أغلب هؤلاء لم تكن في بلادهم، بل وراء المحيط في الملاعب الاوروبية. في كل موسم إذاً، ينتظر عشاق الكرة الموهبة البرازيلية الجديدة التي ستحط رحالها في اوروبا، الا ان سوق الانتقالات في هذا الصيف أفرزت واقعاً جديداً وغريباً: هجرة معاكسة. نعم، من يتابع سوق الانتقالات فسيقع عند الكثير من التقارير التي تربط لاعبين اوروبيين بالانتقال الى اندية برازيلية.
النجم الهولندي كلارنس سيدورف كان اول من حوّل تلك الأنباء الى واقع ملموس عندما انتقل بالفعل الى بلاد «السامبا» ضارباً عرض الحائط بجميع العروض التي انهالت عليه من اوروبا بعدما قرر عدم تجديد عقده مع ميلان الايطالي، وكان أبرزها من انجي ماخاشكالا الروسي.
واذا كان كثيرون قد ربطوا انتقال سيدورف الى البرازيل بسبب زوجته البرازيلية حيث انه يملك أيضاً منزلاً في ريو دي جانيرو معتبرين ان هذه الخطوة ليست مفاجئة بالنسبة الى الدولي السابق مع «الطواحين»، وخصوصاً مع بلوغه عامه الـ 36، فإن اعلان النجم الفرنسي فلوران مالودا لاعب تشلسي الانكليزي صراحة نيته اللعب في البرازيل مع سانتوس وقد سافر الأسبوع الماضي الى تلك البلاد للقاء المسؤولين في النادي البرازيلي، يفتح الباب امام السؤال: هل نحن امام تبدل «غير طبيعي»، واستطراداً: ما الذي يدفع لاعبين الى ترك الاضواء في اوروبا والانتقال الى البرازيل التي يسعى لاعبوها بكل قوتهم للانتقال الى «القارة العجوز»؟
في الواقع، يمكن القول هنا ان ثمة سببين يقفان وراء ما يحصل. في المبدأ، يمكن الاستنتاج من عملية انتقال اللاعبين الاوروبيين الى ملاعب البرازيل او حتى الارجنتين هو طلبهم للراحة بعد كل تلك الضغوط التي عانوا منها في اوروبا، اذ في نهاية المطاف فإن اللاعب يبحث عن راحته النفسية فكيف اذا كان هذا الأمر سيحصل عند اطراف شاطئ ريو دي جانيرو؟ لا شك في ان التجربة تستحق التفكير.
اما السبب الجوهري الثاني، فيتمثل في استضافة البرازيل لمونديال 2014، وانطلاقاً من هذا الامر فإن الانظار ستتجه لا محالة الى تلك البلاد ما من شأنه تسليط الأضواء على بطولاتها الوطنية، ما يبقي اللاعب الاوروبي في دائرة الاضواء، أضف الى ذلك فإن البرازيليين يسعون بدورهم الى استقطاب النجوم الاوروبيين كواجهة جميلة يروجون بها لكأس العالم القادمة في بلادهم وهذا الامر يبدو واضحاً من خلال رفع سقف المبالغ المادية مقابل التعاقد مع اللاعبين.
في الواقع، بعيداً عن الظروف الحالية التي تدفع بعض النجوم في التفكير بالانتقال الى البرازيل، فإن هذه الخطوة ليست بجديدة على الاطلاق كما لا يعلم كثيرون، اذ يحدثنا التاريخ عن 35 لاعباً اوروبياً من جنسيات مختلفة لعبوا في اندية برازيلية. وأكثر من ذلك، فإن الأوروبيين كانوا مساهمين في تأسيس فرق في البرازيل كما فعل الالماني فريتس ايسنفيلدر الذي قدم الى تلك البلاد في فترة قبل الحرب العالمية الاولى واسس نادي كوريتيبا عام 1909 وهو الاول من نوعه في ولاية بارانا.
اذاً، نجوم اوروبا في ملاعب البرازيل. لا شيء مفاجئ، فالعالم كله سيكون في البرازيل بعد عامين.



المحليّون يعودون أدراجهم أيضاً

لا تتوقف الهجرة الى البرازيل على اللاعبين الاوروبيين، بل ان النجوم المحليين يعودون ادراجهم الى بلادهم. اذ بعد جوان المنتقل من روما الايطالي الى انترناسيونال، ها هي صحيفة «أو غلوبو» تربط روبينيو نجم ميلان بالعودة الى سانتوس، في وقت اعلن فيه كورينثيانس رغبته بضم نيني من باريس سان جيرمان الفرنسي.